مرور عشر سنوات على اعتداءات تولوز ومونتوبان التي زرعت الرعب في جنوب غرب البلاد
نشرت في: 09/03/2022 – 17:30
مرت عشر سنوات على الاعتداءات التي نفذها محمد مراح، وهو شاب اعتنق التطرف، وتورط في سلسلة من الجرائم. وأرعبت هذه الهجمات جنوب غرب فرنسا في آذار/مارس 2012. وسيقام تكريم للضحايا في 20 آذار/مارس في مدينة تولوز بحضور أقرباء وسياسيين ومسؤولين دينيين.
عرفت فرنسا في آذار/مارس 2012 سلسلة هجمات زرعت الرعب في جنوب غرب البلد، وأسفرت عن مقتل عسكري في 11 من الشهر وعسكريين آخرين في 15 وثلاثة أطفال وأستاذ في مدرسة يهودية في 19 منه، نفذها محمد مراح، وهو شاب جانح اعتنق الفكر المتطرف.
فمن يقف خلف هذه الاعتداءات: هل هي القاعدة أما اليمين المتطرف؟ أم أن القاتل تحرك بمفرده؟ استغرق الأمر عدة أيام لإقامة رابط بين الهجمات ومنفذها، إسلامي شاب اعتنق التطرف في السجن وأفلت من مراقبة رادارات أجهزة مكافحة الإرهاب.
فقد تربى محمد مراح (23 عاما) في أجواء من العنف المنزلي، وتنقل بين عائلات استقبال، وارتكب جنحا قبل أن يسافر إلى أفغانستان وباكستان وسوريا.
سلسلة جرائم
وفي 11 آذار/مارس، كان المظلي عماد بن زياتن (30 عاما) أول ضحية له. نشر العسكري إعلانا على الإنترنت لبيع دراجة بخارية، فاتفق محمد مراح معه على الالتقاء في مرآب في مدينة تولوز بغرب فرنسا، حيث قتله برصاصة في رأسه ثم اختفى.
وبعد أربعة أيام، في 15 مارس، كان ثلاثة مظليين يسحبون مبلغا من المال أمام ثكنة عسكرية في مونتوبان على مسافة خمسين كيلومترا من تولوز، فأوقف مراح دراجته النارية واقترب منهم وأطلق النار عليهم، فقتل محمد لقواد (23 عاما) وعادل شنوف (26 عاما)، وأصيب لويك ليبر (28 عاما) المتحدر من غوادولوب بشلل رباعي.
وقد عرض خبراء وصحافيون وشرطيون على شبكات التلفزيون فرضيات مختلفة. فتساءل المؤرخ جاك توما إلى أنه “من يكن نقمة لهؤلاء المظليين؟ في ذلك الوقت، وبما أن الجنود الذين قتلوا كانوا يتحدرون من المغرب العربي، تساءلنا إن لم تكن هذه جرائم عنصرية. لم يكن لدينا في تلك المرحلة عناصر تقود إلى الفرضية الإسلامية”.
أما في 19 آذار/مارس، قرابة الساعة الثامنة صباحا، اتخذت القضية منحى مختلفا.
فاستهدف مراح الطفلين ميريام مونسونيغو (7 سنوات) وغابريال ساندلر (3 سنوات) بإطلاق النار عليهما عن مسافة قريبة فيما كانا يحاولان الفرار منه في ملعب مدرسة أوزار هاتوراه اليهودية. وبعد لحظات، قضى أرييه ساندلر (6 سنوات) شقيق غابريال ووالدهما جوناثان ساندلر برصاص القاتل الذي كان يضع خوذة دراج ناري تخفي وجهه.
تحقيقات للوصول إلى منفذ الاعتداءات
على الفور، خصص مئات المحققين للتعرف على مطلق النار. وعند تقصي أجهزة الكمبيوتر التي نقرت على إعلان بن زياتن، وصلوا إلى كمبيوتر والدة محمد مراح. عندها تركزت الشبهات حول شقيقه الأكبر عبد القادر مراح المقيم قرب تولوز. وكان الشاب المعروف بلقب “بن لادن” في حي إيزار حيث نشأ الشقيقان في تولوز، معروفا لدى أجهزة الأمن الداخلي بسبب انتمائه إلى التيار السلفي.
وفي ليل 20 إلى 21 آذار/مارس، نفذ الشرطيون عمليتين شبه متزامنتين، وإذ قبضوا على عبد القادر، واجهت وحدة النخبة في الشرطة مقاومة غير متوقعة في المنزل الذي كان محمد يتحصن بداخله في أحد أحياء المدينة السكنية، إذ فتح النار عليهم من خلال الباب، ما أرغمهم على الانكفاء.
وبدأ مفاوضون من الشرطة التحاور مع الشاب الذي تبنى الاعتداءات الثلاثة باسم تنظيم القاعدة. واستمر الحصار ثلاثين ساعة إلى حين شنت الشرطة هجوما قتل خلاله.
وحكم على عبد القادر الذي اعتبر “مرشدا” لشقيقه، بالسجن ثلاثين عاما بتهمة “التواطؤ في القتل”، إذ أدانه القضاء بأنه “قدم مساعدة عن سابق معرفة في الإعداد للجرائم التي ارتكبها محمد مراح”.
جمعية “عماد” وكتاب “19 مارس 2012”
وأعربت لطيفة بن زياتن والدة أول جندي قتل، عن أسفها لعدم القبض عليه حيا لمحاكمته. وأصيبت بصدمة حين قال لها بعد شهر على الاعتداءات شباب من حي إزار “محمد مراح شهيد، إنه بطل الإسلام”.
وأسست جمعية “عماد” من أجل الشباب والسلام، حاملة رسالة ضد التزمت. وأبدت بن زياتن “قلقها” إذ تلاحظ أن “الشباب منقسمون ويعانون كثيرا. ألتقي الكثير من الشبان الذين فقدوا الأمل. هناك دائما كراهية، لسنا بمأمن”.
كما أصدر تلميذ سابق من المدرسة اليهودية جوناثان شيتريت كتابا بعنوان “تولوز، 19 آذار/مارس 2012″، يورد فيه شهادات مؤثرة، أدلى بها ناجون آخرون في محاكمة عبد القادر مراح. وانتقد “تغطية إعلامية تركز على شخصية القاتل وعائلته” بدل التركيز على ضحاياه عند حصول الوقائع.
وتقام مراسم تكريم الضحايا في 20 آذار/مارس في تولوز بحضور أقرباء وسياسيين ومسؤولين دينيين.
فرانس24/أ ف ب
مصدر الخبر
للمزيد Facebook