آخر الأخبارأخبار دولية

سيرغي شويغو وفاليري غيراسيموف…اسمان محوريان في الآلة الحربية لبوتين بأوكرانيا


نشرت في: 08/03/2022 – 18:29

منذ الهجوم الروسي على أوكرانيا، أصبح كل من وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ورئيس أركان الجيوش الروسية فاليري غيراسيموف في مقدمة المشهد لدورهما الأساسي إلى جانب بوتين في هذه الحرب.

حين لا يكون فلاديمير بوتين وحده أمام الشاشة، نجدهما تقريبا في جميع الأوقات إلى جانبه. فمنذ بدأ الحرب في أوكرانيا، أصبح كل وزير الدفاع سيرغي شويغو ورئيس أركان الجيوش الروسية فاليري غيراسيموف وجهان للحرب.

على سبيل المثال، لعب هذان المقربان من سيد الكرملين دورا هاما في إظهار قوة فلاديمير بوتين العسكرية حين قرر في فبراير/شباط وضع القوى النووية الروسية في حالة تأهب قصوى.

وليس من المفاجئ أن يقوم الكرملين بوضع سيرغي شويغو وفاليري غيراسيموف في مقدمة المشهد. فهذان الشخصان، بنظر الرئيس الروسي، هما مهندسا الحملة الناجحة لضم شبه جزيرة القرم في عام 2014، والاستراتيجية العسكرية الروسية في سوريا، ودعم المتمردين الموالين لروسيا في منطقة دونباس.

إلى ذلك، ينظر إلى هؤلاء على أنهم الأكثر وفاء بين الأوفياء لفلاديمير بوتين وقد تسلقوا سلم المناصب سويا. ففي العام 2012، تسلما منصبيهما الحاليين بفارق أسابيع قليلة. وبحسب قول متداول، فإن شويغو سيبقى في منصبه طالما أن غيراسيموف رئيس أركان الجيوش الروسية، والعكس صحيح.

لكن هذين الرجلين الموجودين في المقدمة لتحقيق إرادة الرئيس الروسي في أوكرانيا لهما مسارات وخلفيات مختلفة بشكل كبير.

سيرغي شويغو، وزير الدفاع

هو “ولي العهد” الدائم. ويعتبر سيرغي شويغو أحد الأعضاء القلائل في الدائرة الأولى للسلطة، الذين كان لهم نفوذ كبير تحت حكم بوريس يلتسين، في نهاية التسعينيات، وتحت حكم بوتين.

فهذا العضو السابق في الحزب الشيوعي، بدأ مسيرته السياسية في نهاية الحقبة السوفياتية، ليصبح في العام 2012 وزيرا للدفاع لكن من دون خبرة عسكرية. وهذا الأمر ليس نادرا في عهد فلاديمير بوتين، الذين ظل حريصا على إبعاد كبار الضباط ذوي الخبرة العسكرية عن هذا المنصب. لكن شويغو يفتقر أيضًا إلى خبرة الأجهزة الاستخباراتية، على عكس العديد من المقربين من بوتين.

في هذا الإطار، استعانت صحيفة “موسكو تايمز” الروسية بمقطع من قصيدة “بورودينو”، لأشهر شعراء روسيا في القرن التاسع عشر ميخائيل ليرمونتوف في مدح الجيش الروسي، معتبرة أن ميزته الأساسية تكمن بأنه “خادم للقياصرة وأب للجنود”.

وبوصف أقل شاعرية، أشار سيرغي كونفيس السياسي من منطقة توفا في سيبيريا، من حيث ينحدر شويغو، إلى أن وزير الدفاع يشكل “الحرباء المثالية”، القادرة على التحول لتحقيق رغبة الحكام.

وهكذا، عين بمنصب وزير حالات الطوارئ في عهد بوريس يلستين. وفي مطلع القرن الواحد والعشرين، تحول هذا الجهاز إلى دولة فعلية داخل الدولة، إذ أصبح يضم أكثر من 350.000 رجل وشرطة متخصصة جاهزة للانتشار لدى اندلاع وقوع أبسط حادث على الأراضي الروسية. كما أظهر الوزير نشاطا بالغا، إذ لم يتوان عن التنقل إلى مسارح الأحداث، ما أكسبه شعبية واسعة… ولقب ولي عهد بوريس يلستين.

لكن فلاديمير بوتين هو من تولى السلطة عام 2002. ولا يبدو أن سيرغي شويغو شعر بالاستياء، بل وضع نفسه على الفور في خدمة الرجل القوي الجديد في الكرملين. وترأس على وجه الخصوص حزب روسيا الموحدة، نيابة عن فلاديمير بوتين، من أجل ترسيخ قبضة الرئيس على اللعبة السياسية الروسية.

فاليري غيراسيموف، رئيس أركان الجيوش الروسية

رئيس أركان الجيوش الروسية هو أسطورة. ولا يعني ذلك أن فاليري غيراسيموف غير موجود. فهذا الجندي المحترف المولود عام 1955 في كازان – ثاني أكبر مدينة روسية من حيث الديموغرافيا بعد موسكو – خدم في العديد من الفرق المدرعة للجيش الأحمر في جميع أنحاء أراضي الاتحاد السوفياتي سابقا.

إضافة إلى ذلك، كان غيراسيموف أحد قادة جيش القوقاز الشمالي خلال حرب الشيشان الثانية (1999 – 2009). وخلال هذه الأحداث، نال ثناء الصحفية الشهيرة آنا بوليتكوفسكايا الناقدة الشرسة للنظام الروسي، التي اغتيلت في العام 2006. وقد قالت عنه إنه مثال “الرجل الذي استطاع الحفاظ على شرفه كضابط” خلال الحرب، وفقا لما ذكرته “بي بي سي” عام 2012، إذ قام باعتقال وإدانة جندي روسي متهم بمعاملة شابة شيشانية بوحشية وقتلها خلال النزاع.

ومما لا شك فيه أن هذا الجنرال، الذي وصفه سيرجي شويغو بأنه “جندي من الرأس إلى أخمص القدمين”، هو رئيس أركان جميع الجيوش الروسية منذ عام 2012. وقد كان قائد العمليات في أوكرانيا عام 2014، وفي سوريا، واليوم مرة أخرى في أوكرانيا.

لكن شهرته العالمية تستند إلى أسطورة، أو بل الأحرى إلى سوء فهم. إذ يعتبر فاليري غيراسيموف أب عقيدة عسكرية غير موجودة في الواقع أو أسيء فهمها. ويقال أنه مخترع “الحرب الهجينة” الروسية، تلك التي تدمج بين اللجوء إلى الأسلحة التقليدية والوسائل غير العسكرية، مثل نشر المعلومات المضللة والهجمات الإلكترونية، لتحضير الميدان للجنود. كما أطلق تسمية “عقيدة غيراسيموف” دلالة على هذا النهج العسكري.

إلا أن مخترع هذا المصطلح، الخبير بالشؤون العسكرية الروسية البريطاني مارك غاليوتي، حاول مرارا تصويب الأمور، مؤكدا أنه ما من عقيدة كهذه رسميا في روسيا. كما أن غيراسيموف ليس بمنظر حرب.

كل هذا نابع من خطاب ألقاه غيراسيموف عام 2013، أكد فيه أن “الحدود بين أوقات الحرب والسلام أصبحت غير واضحة بشكل متزايد” وأن “الوسائل غير العسكرية لتحقيق الأهداف الاستراتيجية قد اكتسبت أهمية أكبر”.

هذا الخطب لفت انتباه المراقبين إلى حد كبير حيث تم تطبيقه خلال ضم القرم عام 2014، حيث استعملت وسائل غير تقليدية، مثل بروباغندا الموالين لروسيا في أوكرانيا، وافتعال الحوادث لتبرير الحرب.

وحازت “عقيدة غيراسيموف” على أهمية واسعة، وتم تتبع خطاب رئيسي الأركان بشكل وثيق في واشنطن، وفق صحيفة “فاينانشيال تايمز”. في هذا الإطار، أشار رسلان بوخوف، مدير المركز الروسي لتحليل الاستراتيجيات والتقنيات، في مقابلة أجرتها معه صحيفة فاينانشيال تايمز إلى أن تصريحات غيراسيموف “لم يكن هدفها توجيه الجيش الروسي كيف يجب أن يتصرف، بل كيف ينظر غيراسيموف إلى طريقة عمل الغرب”. بمعنى آخر، فإن فاليري غيراسيموف يعتقد أن هذه “الحرب الهجينة” هي ما استخدمته الولايات المتحدة لإثارة الربيع العربي وأن واشنطن كانت تسعى لخوضها ضد النظام في موسكو.

إذا، اتضح أن رئيس الأركان لم يكن ذلك الرؤيوي الكبير الذي يخشاه الغرب. يؤكد مايكل كوفمان، أحد الخبراء الأمريكيين بشؤون الجيش الروسي، أن “عقيدة غيراسيموف” حازت على حيزا واسعا من التحاليل في واشنطن، وصورت على أنها جزء أساسي من “نظرية الفوضى”، التي بموجبها سعت روسيا إلى زرع الفوضى العالمية. وقد جسد فاليري غيراسيموف وعقيدته الأسطورية عودة الشرير الروسي، “في حين أنه ربما لم يكتب هذا الخطاب اللعين بنفسه”، وفقا لمارك جاليوتي.

 

سيباستيان سايبت

اقتباس: فؤاد المطران


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى