انتخابات أيار بلا قضيّة: الأسهل لحزب الله
مكمن المشكلة يقع في عوامل أساسية منها:
1 – أن أياً من الأفرقاء، تيارات وأحزاباً ومذاهب، بما فيها الثنائي الشيعي، ليس يتوهم أنه قادر، وحده أو مع حلفائه أياً كان هؤلاء، في انتخابات أيار المقبل على الوصول إلى النصاب الموصوف لانعقاد جلسة انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية، وهو 86 نائباً. نصاب كهذا لم يسبق أن حازه فريق سياسي واحد سوى “النهج” بعد الانتخابات النيابية عام 1964، عشية رفض الرئيس فؤاد شهاب تجديد ولايته، بأن اجتمع 79 نائباً من 99 من حول هذا الخيار. لا كتلة سبقته أو تلته وصلت إلى مثل هذا الحجم من الاستقطاب السياسي. طبعاً يُقتضى أن تستثنى هنا الحقبة السورية التي فرضت رئيسين على التوالي كما تمديد ولايتيهما بالنصاب الموصوف نفسه. بقية الاستحقاقات المماثلة، غالباً ما دار الصراع على أكثرية نيابية مؤسِّسة قبل أن تذهب لاحقاً إما إلى تحالفات جديدة، أو إلى تسويات تسبق انتخاب الرئيس الجديد.
2 – أكثر مَن يبدو معنياً بحاجته إلى الأكثرية اليوم هو نفسه الفريق الذي يمسك بها، وهو الثنائي الشيعي. بعد تفرّق قوى 14 آذار وتبخّرها، تمكّن حزب الله من المحافظة على الفريق الذي يقوده في 8 آذار، واحتفاظه تالياً بالغالبية النيابية. هي الآن بين يديه تساوي 71 نائباً. ما يسهل عليه الوصول إليه مع شركائه، مسيحيين ودروزاً وسنّة، هو الإمساك بالغالبية العادية، 65 نائباً، حداً أدنى. يسهل عليه كذلك رفع العدد إلى 71 نائباً. أكثرية كهذه تمكنه من منع التئام البرلمان لانتخاب رئيس لا يرضى به. رقم كهذا يتجاوز الثلث المعطل لانتخاب الرئيس الجديد (44/86 نائباً).
3 – ما يُفترض أنه يبعث على ارتياح الثنائي الشيعي، وخصوصاً حزب الله، افتقاره للمرة الأولى إلى خصم جدي. يسرّه أن انتخابات أيار بلا أي شعار أو قضية. في انتخابات 2005 التي أربكته وحملته على ارتكاب التحالف الرباعي، أقلقته تداعيات اغتيال الرئيس رفيق الحريري على أنه عنوان “قضية” ذلك الاستحقاق، فذهبت الغالبية النيابية إلى قوى 14 آذار. في انتخابات 2009 بعدما خذل نفسه عندما توقع أنه سيفوز بالغالبية النيابية، واجه شعاراً مكمّلاً للسابق على أنه في ذاته “قضية” عنوانها المحكمة الدولية واتهامه باغتيال الحريري، ففقد رهان الوصول إلى الغالبية تلك. منذ اتفاق الدوحة عام 2008 ليس ثمة شعار أو قضية لأي انتخابات، بما فيها الوجبة الدسمة والمغذية وهي سلاح حزب الله.
في انتخابات أيار يريح الحزب سلفاً أنها انتخابات بلا قضية تسعّر الاحتدام المذهبي كتجربتي 2005 و2009. لكنها أيضاً بلا منافس سنّي في الغالب يقيم التوازن السياسي والمذهبي في قيادة الانتخابات. ربما يصح القول إن اعتزال الرئيس سعد الحريري، الخصم الودود، خسّره حاجته إلى التوازن المتكافئ مذهبياً فحسب. لكن المجدي أن اعتزالاً كهذا ليس الثنائي الشيعي وحده المتأثر به، بل أيضاً حلفاء الحريري الذين عوّلوا عليه لتبرير اندفاعهم في خوضهم العلني المواجهة مع حزب الله وسلاحه.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook