وضع النساء يزداد سوءا رغم الصورة “الجميلة” التي تريد طالبان تسويقها
نشرت في: 15/02/2022 – 20:42آخر تحديث: 15/02/2022 – 20:43
أفرجت طالبان عن أربع ناشطات أفغانيات شاركن في مظاهرات مناهضة للحركة في شهر يناير/كانون الثاني حسب الأمم المتحدة. لكن وراء هذا الحدث المفرح ظاهريا، يشهد وضع النساء تدهورا كبيرا في أفغانستان.
أعلنت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان الأحد الماضي إطلاق سراح أربع ناشطات أفغانيات، وهن تامانا زريابي برياني وبروانا إبراهيم خيل وزهرة محمدي ومرسال أيار، وكانت حركة طالبان قد اعتقلتهن سابقا. وكان هؤلاء الناشطات قد “اختفين” بعد مشاركتهن في مظاهرة بالعاصمة كابول دفاعا عن حقوق المرأة في التعليم والعمل. لكن حركة طالبان نفت أي تورط لها في حادثة اختفائهن.
وترى فكتوريا فوتان، نائبة رئيس الجامعة الأمريكية الأفغانية والمكلفة بالشؤون الأكاديمية بكابول أن “وضع النساء في أفغانستان لم يتغير سواء كان ذلك خلال الحكم الأول لطالبان الذي امتد من 1996 إلى 2001 أو في الوقت الحاضر”. وقالت لفرانس24: “علامات الانفتاح التي أظهرتها طالبان منذ عودتها إلى السلطة كان هدفها هو تسويق صورة إيجابية عن نفسها في الخارج. فهي تريد الظهور بوجه الحداثة والتقدم، لكن في الحقيقة هدف هذه الاستراتيجية هو أن تعترف الدول الغربية بنظامهم”.
وضع النساء يتدهور بشكل مقلق
وتسعى حركة طالبان منذ عودتها إلى السلطة في شهر أغسطس/أب 2021 إلى إظهار وجه إيجابي ومشرف على المستوى الدولي نظرا لأن المساعدات المالية التي تقدمها الأسرة الدولية تعادل 80 بالمئة من ميزانية البلاد. وبهدف الحصول على هذه المساعدات الضرورية، تعهدت طالبان الخميس الماضي أمام الأمم المتحدة بحماية العاملين في منظمات الإغاثة التي تنشط بالبلاد ودعم التربية.
وفي إطار هذه الاستراتيجية، تم أيضا إطلاق سراح صحافيين اثنين مدعومين من قبل الأمم المتحدة وزملائهم الأفغان الجمعة الماضي حسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. لكن بالنسبة لشهرزاد أكبر، الرئيسة السابقة للجنة حقوق الانسان في أفغانستان والتي تعيش حاليا في المنفى بتركيا، وراء هذه النية الحسنة “هناك حقيقة مظلمة”.
فبعد مرور ستة أشهر على وصول طالبان إلى الحكم في أفغانستان، لا يزال وضع النساء يتدهور بشكل مقلق. ويتزامن ذلك مع تراجع الاقتصاد الذي يعتمد كثيرا على المساعدات الخارجية. وإضافة إلى ذلك، تم إبعاد النساء عن الحياة العامة وتقلص مجال تنقلاتهن داخل البلاد. ففي كابول مثلا، تلقى سائقو سيارات الأجرة الأمر من طالبان بعدم قبول أي امرأة بدون ولي أمرها.
طالبان حركة “منافقة”
نفس الأمر فيما يتعلق بالدراسة. فرغم أن طالبان أعلنت بأنها ستسمح للفتيات بمتابعة دراستهن، إلا أن “الواقع يختلف تماما عن الأقوال لأن النساء يشكين في الحقيقة من صعوبات جمة للالتحاق بالجامعات، حسب فكتوريا فوتان التي أضافت: “النساء لا يملكن الحق في شغل المناصب بالقطاع العام. فلماذا يملكن الحق في الذهاب إلى الجامعة؟”.
هذا، وعقدت عملية تسريح العديد من المدرسات الأفغانيات وضع الطالبات اللواتي أصبحن يواجهن صعوبات كبيرة من أجل متابعة الدراسات العليا في الجامعات. فيما تجدر الإشارة إلى أن هؤلاء الطالبات لا يملكن حق متابعة دروسهن في حال كان الأستاذ الذي يلقي هذه الدروس رجلا.
ووصفت فكتوريا فوتان الإجراءات التي اتخذتها حركة طالبان “بالمنافقة” منتقدة في الوقت نفسه قرار هذه الحركة الهادف حسبها إلى “تخفيف إلزامية ارتداء الحجاب”؛ وقالت: “الرجال الأفغان يفرضون أصلا لباس البرقع على بعض النساء اللواتي يخرجن إلى الشارع. الأمر الذي جعل طالبان لا تقوم بذلك بنفسها بما أن الرجال يتصرفون مثلها. الناس يفرضون رقابة عمدية على أنفسهم خوفا من نظام طالبان”.
جيوب المقاومة
وسواء تعلق الأمر بشوارع كابول أم بالمناطق الريفية، يبدو أن آثار التواجد العسكري الأمريكي في أفغانستان والذي دام 20 سنة تم محوها بسهولة فائقة. لكن رغم ذلك، بدأت تظهر هنا وهناك في أفغانستان بعض جيوب المقاومة للنظام، خاصة في أوساط النساء اللاتي أصبحن ينشطن على مواقع التواصل الاجتماعي.
والدليل على ذلك هو وجود شبكة من المدارس التي تنشط بشكل غير شرعي. هذه المدارس تم تأسيسها في عهد الرئيس السابق أشرف غني وتقوم بتدريس مواد عديدة للبنات الصغيرات داخل منازل خاصة. كما تنامى أيضا عدد المظاهرات التي تنظم بشكل عشوائي للدفاع عن حقوق المرأة، كالمظاهرة التي شاركت فيها إبراهيم خيل وبرياني قبل أن يتم توقيفهما.
ورغم القمع المفروض على الأفغانيات، إلا أن المقاومة المدنية لا “تزال قوية” حسب شهرزاد أكبر التي شرحت أن “خطف المناضلات الأفغانيات نشر الخوف والرعب لدى النساء وأثر سلبا عليهن؛ إذ أصبحن يخشين من تنظيم المظاهرات”.
وأضافت: “ارتفع عدد الاغتيالات التي تستهدف بعض النساء. فيما يتم قمع كل معارضة سياسية تظهر على مواقع التواصل الاجتماعي حيث تقوم طالبان بمطاردة المستخدمين لهذه المواقع”.
وواصلت القول: “طالبان باتت أكثر شراسة وأكثر قمعا من الماضي، وأصبحت تستخدم تقنيات عديدة ومختلفة لقمع الناس”. وأردفت “بعيدا عن الصورة الجميلة التي تريد تسويقها في الخارج للحصول على المساعدات المالية، عنف طالبان لم يتغير بل بقي هو نفسه. الاعتقالات الأخيرة دفعت العديد من المناضلات إلى الاختباء، على غرار مناضلة وشاعرة أفغانية رفضت الكشف عن هويتها تخشى أن “تقتلها” طالبان أو “تعتقل أعضاء من عائلتها أو أولادها بسبب نشاطاتها”.
عنف منزلي
إضافة إلى العنف الخارجي، تواجه الأفغانيات عنفا داخليا مريرا. “فهن يدركن بأنهن في حال غادرن المنزل بسبب العنف، سيتم القبض عليهن في الشارع ومن ثم يزج بهن في السجن”، حسب محبوبة سيراح وهي مناضلة أفغانية تدافع عن حقوق الإنسان. من جهتها، أشارت الأمم المتحدة إلى “أن 87 بالمئة من النساء الأفغانيات تعرضن إلى العنف الجنسي والجسدي أو النفسي، فيما تدهور وضعهن الأمني أكثر مقارنة بالسنوات الماضية”.
وما زاد الطين بلة، هو الوضع الإنساني الصعب الذي تعيشه أفغانستان. فإضافة إلى الانعدام المزمن للأمن الغذائي، فإن تعليق المساعدات المالية قد يضع 20 مليون أفغاني تحت وطأة المجاعة. الأمر الذي جعل بعض العائلات يبعن بناتهن القاصرات مقابل الحصول على الغذاء.
وأنهت فكتوريا فوتان: “استراتيجية طالبان تتمثل في أخذ السكان رهائن. وهي استراتيجية تتبعها الأنظمة الديكتاتورية. فالتهديد بالمجاعة يسمح لحركة طالبان أن تضغط على الأسرة الدولية لكي تسترجع أموال أفغانستان. بالمقابل تعليق المساعدات المالية من قبل الأسرة الدولية يسمح لها أن تضغط على حركة طالبان لكي تحترم حقوق الإنسان. أما السكان فقد وقعوا ضحية الجهتين”.
فرانس24
مصدر الخبر
للمزيد Facebook