إجلاء دول عديدة لرعاياها يساهم في تصعيد الحرب النفسية
نشرت في: 15/02/2022 – 16:22
في أقل من ثلاثة أيام، دعت دول عديدة رعاياها إلى مغادرة أوكرانيا وذلك على وقع التهديدات الروسية بغزو البلاد، فيما خفضت دول أخرى من عدد موظفيها الدبلوماسيين في سفاراتها بكييف. هذه الخطوات تساهم في “تصعيد الحرب النفسية ضد الشعب الأوكراني”.
بادرت الولايات المتحدة إلى دق نواقيس الخطر بشأن الأزمة الأوكرانية بالتصريحات القلقة للرئيس الأمريكي جو بايدن التي طالب فيها مواطنيه بالخروج “فورا” من أوكرانيا، معتبرا أن المواجهة ستكون “مع واحد من أقوى الجيوش في العالم”. ورأى بايدن أن الأمور يمكن أن تتطور بسرعة، مؤكدا أنه لن يرسل جنودا إلى أوكرانيا لإجلاء الأمريكيين إذا غزتها روسيا لأن ذلك قد يشعل “حربا عالمية”.
بعد هذه التصريحات، سارت دول عدة على خطى الأمريكيين. ومن بين أبرز الدول التي دعت مواطنيها للخروج من أوكرانيا في الأيام الأخيرة كل من ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وكندا والنرويج وأستراليا واليابان وإسرائيل والسعودية إضافة للإمارات العربية المتحدة.
إلى ذلك، أعلنت شركة الطيران الهولندية، السبت 12 فبراير/شباط، تعليق جميع رحلاتها باتجاه كييف إلى أجل غير مسمى. من جانبها، أعلنت كييف أن مجالها الجوي سيبقى مفتوحا رغم التهديدات بغزو روسي. لكن وسائل إعلام محلية أفادت أن شركات التأمين سحبت غطاءها عن الطائرات التي تمر فوق الأجواء الأوكرانية ابتداء من 14 شباط/فبراير، ما أدى لإلغاء الكثير من الرحلات.
في هذا الإطار، تأسفت تيتيانا أوجاركوفا، رئيسة القسم الدولي بمنظمة “المركز الإعلامي للأزمة الأوكرانية”، وهي منظمة غير حكومية تعمل في كييف، في حديث لفرانس24 على ردود الفعل “المستغربة” والتي فيها “مبالغة كبيرة”. وأضافت أوجاركوفا: “مثل هذه الرحلات المتسرعة والواسعة النطاق في غضون أيام قليلة تثبت أن هناك حاجة ملحة معينة، وأن التهديد حقيقي للغاية ويزيد من الأجواء المثيرة للقلق”.
وحدها باريس، التي تؤمن بأن الحل الدبلوماسي لا يزال متاحا، شكلت استثناء عن القاعدة. فالسلطات الفرنسية كانت الوحيدة بين القوى الأوروبية التي لم تدعو مواطنيها، الذين يبلغون حوالي ألف شخص في أوكرانيا، إلى مغادرتها. بل جل ما نصحت الخارجية الفرنسية به هو “تأجيل السفر إلى أوكرانيا، كما دعت السفارة الفرنسية رعاياها إلى “تخزين الماء والطعام والملابس الدافئة” والبنزين.
انسحاب مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا
ووفقا لنصائح الإجلاء، نقلت العديد من السفارات الغربية مقراتها من كييف إلى لفيف، وهي مدينة تقع غرب أوكرانيا. وقد قامت الولايات المتحدة، تليها كندا وأستراليا، بنقل معظم موظفيها إلى هناك حفاظا على وجود قنصلي صغير.
من جانبها، أوصت مؤسسات الاتحاد الأوروبي بضرورة مغادرة موظفيها غير الأساسيين في كييف للعمل عن بعد من الخارج. كما فضلت رومانيا التي لم تحث مواطنيها على المغادرة، سحب الموظفين غير الأساسيين من سفارتها في كييف، فيما قررت إسرائيل “إجلاء عائلات الدبلوماسيين والموظفين من سفارتها”.
إضافة إلى ذلك، غادر المدربون الكنديون و160 جنديا أمريكيا كانوا يدربون القوات الأوكرانية. فهناك نحو 200 كندي أرسلوا إلى أوكرانيا منذ العام 2015 في إطار مهمة تدريبية. وقد بررت هذه الخطوة باعتبار أن المواجهة المسلحة بين الجنود الروس وجنود ينتمون إلى دولة عضو في الناتو من شأنه أن يشعل الأوضاع ويهدد بالتحول إلى صراع عالمي.
رحيل لصالح الحرب النفسية
أما في الميدان، أصبحت أوكرانيا محاصرة على حدودها الشمالية والشرقية والجنوبية. فقد نشرت روسيا أكثر من 130 ألف جندي على حدودها مع أوكرانيا، بينما تقوم بمناورات عسكرية واسعة النطاق في بيلاروسيا المجاورة والبحر الأسود. وفي هذا الإطار، توضح أوجاركوفا: “لا نعرف من أي جانب يمكن أن يهاجمنا الجيش الروسي، والسكان يشعرون بحالة من التوتر، كمن ينتظر وقوع هجوم إرهابي”.
لذلك فإن هذه الإجلاءات المتتالية ساهمت في إذكاء وقود الحرب النفسية التي تخاض ضد الشعب الأوكراني، وفقا لأوجاركوفا، التي اعتبرت أن موقف الأمريكيين في البداية عندما بدأوا بالتحذير من وجود قوات روسية على الحدود في نوفمبر/تشرين الثاني كان متناسقا، لكن ردود فعلهم في الأيام الأخيرة أثارت الذعر وقد تؤدي إلى عواقب سلبية.
فالعديد من الأوكرانيين يرون أن مواقف الرئيس الأمريكي جو بايدن مثيرة جدا للقلق، بمن فيهم سلطات البلاد. فقد وصف الرئيس فولوديمير زيلينسكي نقل السفارات نحو الغرب بأنه “غلطة كبيرة”. وقبل بضعة أيام، أبلغ بوضوح أنه لا يقدر التحذيرات المتكررة من الولايات المتحدة بأن الهجوم الروسي أصبح وشيكا، قائلا: أفضل صديق لأعدائنا، في الوقت الحالي، هو الذعر في بلدنا. وكل هذه المعلومات عن هجوم محتمل تسبب الذعر فقط ولا تساعدنا”.
وأشارت أوجاركوفا إلى أن الكثير من الأوكرانيين يشعرون بأنهم تركوا لمصيرهم. وهذا “يؤثر بشكل رئيسي على سكان كييف، الذين يرون جيرانهم يغادرون، وهو ما لا يراه الساكنون في القرى”. وللتذكير بأنه إذا غادر موظفو البعثات الدبلوماسية، “سيبقى ملايين الأوكرانيين”.
على الحدود مع بولندا، غادر مئات البولنديين أوكرانيا بالسيارات، وفقا لمعلومات أفاد بها مراسل فرانس24 جاليفر غراغ نقلا عن حرس الحدود. رغم ذلك، ونظرا إلى وجود أعداد كبيرة من تذاكر الطيران المتاحة في مطار كييف؛ فإنه “لا يوجد نزوح جماعي” للأجانب، وفقا لغراغ الذي تحدث مع عدة مصادر.
اقتباس فؤاد المطران عن مقال بهار ماكويي بالفرنسية
مصدر الخبر
للمزيد Facebook