حزب الله وإشكالا العلاقة مع الجيش والمصرف المركزيّ
تزامن انتقاد حزب الله للجيش مع ارتفاع وتيرة الكلام عن القطاع المصرفي يجعل الأنظار تتوجه إلى الموقعين على أساس أن استهدافهما ليس مجرد أمر ظرفي، بل له علاقة بمستقبل ما يُرسم للبنان، ورغبة الحزب في فرض إيقاعه على القطاعين المالي والعسكري. والكلام، على لسان الأمين العام السيد حسن نصرالله، عن النفوذ الأميركي في المؤسسة العسكرية، فُسّر تلقائياً بحملة استباقية رئاسية، على وقع تساؤل عما إذا كان كلامه رسالة إلى قائد الجيش أم إلى الجيش كمؤسسة ومعها الأميركيون. والمفارقة أن هذا الكلام الذي طاول الجيش، لم يثر حساسيات لدى الفريق الذي عادة يتماهى مع المؤسسة العسكرية وتحديداً التيار الوطني الحر، فيما انبرى للدفاع عن الجيش خصوم حزب الله. وجاء كلام رئيس الجمهورية ميشال عون حول الوفد العسكري المفاوض وردّ رئيس الوفد السابق العميد بسام ياسين، ليعيد الإضاءة على موقف الرئاسة من الجيش في وضعيته الحالية ومعروف مدى التوتر بينهما، خصوصاً في ضوء تسليم وزير الدفاع السابق التفاوض باسم رئيس الجمهورية، وهو الذي عُرف بعلاقة أقرب إلى السيئة مع قيادة الجيش.
المشكلة في مقاربة علاقة الحزب بالجيش أن خصوم الحزب مصرون على وضعها في خانة استهداف الموقع الماروني، من دون الأخذ في الاعتبار إشكاليات أخرى تتعلق بالعلاقة مع حزب الله أمنياً وعسكرياً على مدى سنوات. والقضية لا تتعلق فقط بثلاثية جيش وشعب ومقاومة. يعرف الأميركيون واللبنانيون أن هناك تنسيقاً بين الجيش وحزب الله يتعدى الوضع الأمني الداخلي ليطاول الحدود المشتركة مع سوريا، قبل عملية فجر الجرود وبعدها. وبعض الذين ينتقدون اليوم موقف حزب الله من الجيش هم أنفسهم كانوا، إلى وقت قصير، يعتبرون أن مستوى التنسيق العسكري مع حزب الله مرتفع الوتيرة. من هنا يصبح توجيه حزب الله رسالته إلى الأميركيين الذين أبدوا أخيراً في واشنطن ملاحظات على أداء قائد الجيش (ليس لجهة التنسيق الكامل معه) وهو العارف تماماً ماذا يدور في أروقة اليرزة وخارجها، أقرب إلى الواقع منه من أن يكون رسالة رئاسية تصبّ في صالح خصوم حزب الله، وخصوم قائد الجيش وطموحاته الرئاسية، ولا سيما التيار الوطني الحر. لكنّ بازار الاستثمار الرئاسي يفتح الشهية اليوم على وضع كل الملفات الحساسة في سلة واحدة. فالترسيم البحري استعاده قصر بعبدا من الجيش، لأسباب رئاسية تعيد وصل ما انقطع بين الرئاسة والتيار ضمناً مع الأميركيين. وحزب الله الذي لم يكن بعيداً عما كان يحضر في هذا الملف من جهة الجيش، يعرف مدى العلاقة بين الجيش والأميركيين، ومدى الترويج لها من باب رعاية الأميركيين للمؤسسة، في ظل أي قائد لها، وهو أمر خبره الحزب في السنوات الماضية. لكنّ حسابات الرئاسة قد لا تكون من طرف واحد، أي من جانب الحزب، فالجيش تعاطى مع رسالتَي حزب الله وبعبدا بصمت علني، مع إيحاءات متكررة بالتزامه قرار السلطة السياسية رغم اقتناعه التام بملفه التقني. لكن، فعلياً، لا يضير قائد الجيش أن يصوّب عليه الحزب أو حتى التيار، ففي ذلك ملامح رئاسية إضافية تضاف إلى ملف تقديم أوراق اعتماده عربياً ودولياً.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook