آخر الأخبارأخبار دولية

الانقسامات السياسية تعكس “حالة التشرذم الشاملة في البلاد”


نشرت في: 08/02/2022 – 17:42

اعتبر مدير المركز الفرنسي للبحوث حول العراق عادل باكوان في حوار مع فرانس24 أن تأجيل انتخاب رئيس جديد في العراق من قبل البرلمان يهدد بإدخال البلاد في أزمة قد تدوم “لبضعة أسابيع في أحسن الأحوال أو حتى لأشهر أو سنوات”.

لم يكن تأجيل جلسة انتخاب رئيس جديد للعراق من قبل البرلمان إلى موعد لاحق بعد أن كانت مقررة الإثنين مفاجئا في ظل الانقسامات السياسية التي تشل نظام الحكم في البلاد.

فبعد أربعة أشهر من الانتخابات التشريعية التي جرت في 10 تشرين الأول/أكتوبر، لم تتوصل الطبقة السياسية -رغم تعودها على المفاوضات وراء الكواليس من أجل تقاسم السلطة- إلى تشكيل تحالف برلماني أغلبي في ظل ادعاء فصيلين شيعيين امتلاكهما له.

من جهة أولى، نجد قائد التيار القومي الشيعي مقتدى الصدر الذي يعد أكبر الفائزين في الانتخابات بحصول تياره على 73 من أصل 329 مقعدا في البرلمان والمتحالف مع رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي. من جهة أخرى، يوجد تكتل من القوى والشخصيات الشيعية الموالية لإيران بينهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ورئيس تحالف “الفتح” هادي العامري إضافة إلى حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي أسسه الرئيس السابق جلال طالباني.

ومنذ سقوط نظام الرئيس صدام حسين، يتم تقاسم السلطة عرفيا بين مختلف طوائف البلاد في نظام طائفي مماثل لما هو عليه الحال في لبنان. حيث تعود الرئاسة للأكراد ورئاسة الوزراء للشيعة الذين يمثلون الطائفة الأكبر في البلاد بينما تعود رئاسة البرلمان إلى السنة.

وحسب عادل باكوان مدير المركز الفرنسي للبحوث حول العراق ومؤلف كتاب “العراق، قرن الفشل منذ 1921 إلى يومنا هذا”، فإنه في حال عدم حصول توافق بين التكتلين الذين يتنافسان على السلطة فإن البلاد ستدخل أزمة لا مخرج لها.

  • فرانس24: كيف تقرؤون قرار تأجيل انتخاب رئيس الجمهورية من قبل البرلمان؟
  • عادل باكوان: حتى وإن لم يعلن ذلك، فإن التأجيل يمثل انتهاكا واضحا وغير مسبوق لبنود الدستور. فبدون رئيس للدولة، لا يمكن أن يكون للعراق حكومة باعتبار أن القانون الأساسي يشترط أن -وبعد انتخاب رئيس لمجلس النواب بعد انتخابات تشريعية- لا يملك النواب سوى شهر واحد لانتخاب رئيس الجمهورية وهو الذي سيكلف بعد 15 يوما شخصية لقيادة الحكومة.

هذا التأجيل غير المسبوق يضع العراق في حالة انسداد سياسي لأن كل التنظيم الذي تدار به الحياة السياسية قد يتعرض للاهتزاز. واليوم، لا يوجد أي أفق أو أمل للخروج من الأزمة في ظل استمرار وجود تكتلين في عداء شديد وفي مواجهة مفتوحة. إنها حالة انسداد سياسي بما أن كلا الطرفين لا يستطيعان – في الظروف الحالية – جمع 220 نائبا وهي غالبية الثلثين المطلوبة لانتخاب رئيس للدولة.

  • يبدو أن الانقسام يعشش في كل درجات الطبقة السياسية بما فيها داخل الطائفة الكردية، فما تفسيرك لهذا الوضع؟

في ظل النظام السياسي الطائفي في البلاد، فإن البحث عن توافق بشأن منصب رئيس الدولة المنحدر من الطائفة الكردية يبقى أقل تعقيدا من تعيين رئيس وزراء من الشيعة. لكن عدم قدرة الأكراد أنفسهم على التوصل لتحديد مرشح واحد لمنصب رئاسة الجمهورية يكشف حالة التشرذم الشاملة في البلاد.

منذ 2005، اعتادت الطبقة السياسية على انتخاب رئيس للبلاد من الاتحاد الوطني الكردستاني فقط. ولكن مسعود بارزاني نجح -بفضل تحالفه الجديد مع مقتدى الصدر ومحمد الحلبوسي- في تحريك كل الطاقات للحصول على منصب الرئاسة. وفي هذا الإطار قدم الحزب مرشحه الخاص وهو عم بارزاني وزير الخارجية السابق هوشيار زيباري. وقد أقيل برزاني -عضو المكتب السياسي للحزب وصاحب الوزن الثقيل في الحزب الديمقراطي الكردستاني- من منصبه وزيرا للمالية في 2016 من قبل البرلمان بعد الاشتباه بتورطه في قضايا فساد لكن القضاء لم يدنه حتى الآن رغم أنه علق ترشحه للمنصب.

ونجد مقابله الرئيس المنتهية ولايته برهم صالح القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني. ويعد صالح المقرب من عائلة طالباني شخصية ليبرالية براغماتية مدعومة من الاتحاد الأوروبي. كما أن الولايات المتحدة وإيران ودول الخليج لم تعترض على ترشحه. لكنه لا يتمتع بدعم من مقتدى الصدر في ظل تحالفه مع مسعود بارزاني.

  • من المستفيد من الأزمة الحالية ومن المتضرر من حالة الانسداد؟

بدون التوصل لتوافق، وهو يبقى الخيار الوحيد للخروج من الأزمة، يمكن أن يدوم الانسداد بضعة أسابيع في أحسن السيناريوهات ولكن يمكن أن يدوم أشهرا أو سنوات حتى. هناك خطر باشتداد حالة العداء وتجاذب القوى إلى أن تصل في مرحلة ما إلى الانفجار في شكل نزاع مسلح بما أن كل الفاعلين السياسيين من الشيعة تقريبا يملكون تنظيمات ميليشياوية.

وضعية الانسداد هذه تخدم مصلحة الفاعلين في نظام الفساد والميليشيات الذي سيعزز من سطوته على البلاد ويواصل تغلغله في المجتمع مستفيدا من ضعف الدولة. كل هذا دون الحديث عن تدخل البلدان المجاورة في الشؤون العراقية على غرار إيران وتركيا التي قد يتضاعف في ظل عدم وجود سلطة قوية في بغداد. هناك أيضا خطر متخف يمثله تنظيم “الدولة الإسلامية” الذي قد يجد منفذا له وسط مناخ الفوضى وانعدام الاستقرار السياسي.

الوضع الحالي يشبه كثيرا ما كان عليه العراق في سنة 2014 عندما تطلب الأمر أشهرا طويلة لتشكيل حكومة بعد رفض نوري المالكي حينها التنحي عن منصب رئاسة الوزراء. انعدام الأمن والظروف غير المستقرة في ذلك الوقت ساعدت في توسيع انتشار مقاتلي “داعش”.

 

اقتباس عمر التيس عن مقال مارك ضو بالفرنسية


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى