أخبار محلية

الدولار الجمركي على منصة صيرفة كارثة اقتصادية… كيف سينعكس على أسعار السلع؟


لا يزال البحث القائم حول أرقام الموازنة وبنودها الضرائبية والجمركية دائراً على نار حامية. وما بين الشعبوية والواقع، لا يعلم المواطن ماذا ينتظره بعد إقرار الموازنة هذه. وقد تصدّر الدولار الجمركي المشهد وشغل بال الناس لما ستكون عليه الأسعار بعد إقراره، في حين أعلن مجلس الوزراء أمس موافقته على أن يكون سعر صرف منصة “صيرفة” سارياً على المعاملات الجمركية للواردات في ميزانية 2022، على أن تُعفى واردات الأغذية والأدوية من أي رسوم جديدة”.

ماذا يعني هذا القرار؟

استيفاء الرسم على البضاعة المستورَدة والخاضعة للرسم بالدولار على أساس سعر منصة “صيرفة”، وإعفاء كلّ المستورَدات الغذائيّة والطبيّة والأدوية من أيّ رسوم، من شأنه أن يرفع أسعار السلع والخدمات الأساسية، وبالتالي المزيد من إفقار الناس، بحسب ما يورد مدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية لـ”النهار”، الدكتور فادي قانصو.
ويُنذر رفع الدولار الجمركي من 1500 ليرة إلى حوالي 20 ألف ليرة، بتفلّتٍ كبير في الأسعار، ما يعني أنّنا قد نكون أمام مشهد ارتفاع الرسوم بأكثر من 13 ضعفاً بالحدّ الأدنى.
أضف إلى ذلك، بحسب قانصو، أنّ رفع سعر الدولار الضريبي هو “جريمة اقتصادية في وقت يعاني الاقتصاد الوطني من انكماش حادّ، إذ إنّه سيزيد من حدة الانكماش بنسبة كبيرة، وتالياً سيخفّض مستوى الاستهلاك، ما يعني تراجعاً إضافياً في حركة الاستيراد”. بالتالي، لن تكون الإيرادات كما تتوقّعها الحكومة.
وتندرج في إطار ما اتُفق عليه، كل السلع المستورَدة من الألبسة والأحذية والإلكترونيات والأدوات المنزلية والأثاث وأدوات التنظيف والعناية والسيارات وقطع الغيار، إلى ما هنالك.

كيف سينعكس ذلك على قطاع الصناعة؟

لم يُعرف بعد إذا ما كانت المواد الأولية للصناعة المحلية، كلّها ستُعفى أم لا من هذه الرسوم. إذ يشرح نائب رئيس جمعية الصناعيين، زياد بكداش، خلال حديث مع “النهار” أنّ 80 % من المواد الأولية للصناعة معفيّة من الجمرك أساساً، أمّا الـ 20% المتبقية فهي رهن بحث الوزراء المعنين بإمكانية إلغائها”.
وإذا ما أُعفيت جميع المواد الأولية من الرسوم الجمركية الجديدة، لن يتأثّر القطاع الصناعي ولن ينعكس ذلك على الأسعار، وفق توضيح بكداش. أمّا في حال شملتها الرسوم الجمركية الجديدة، فسيرتفع سعر المنتَج الوطني”. لكن نسبة الارتفاع ستختلف ما بين المنتَجات بحسب المواد الأولية المستخدَمة وحيّزها من كلفة الإنتاج، مثل لوازم التوضيب والتغليف. فالزجاجات والعبوات المستورَدة مثلاً، تشكّل حوالي 40% من كلفة إنتاج المنتَج.

وعلى القطاع التجاري؟

90% من سلة المواطن في السوبرماركت ستكون على جمرك دولار “صيرفة”، بحسب ما يورد عضو المجلس الاقتصادي الاجتماعي، عدنان رمال.
وفي حديث لـ “النهار”، يؤكّد رمال أنّ المسؤولين اعتبروا أنّ السلع المستورَدة باستثناء الأدوية والغذاء، ليست أساسية، في حين يستورد لبنان 90% من احتياجاته الأساسية غير الغذاء والدواء، ولا زلنا نستورد بـ12 مليار دولار، حتى بعد الأزمة، “هذا يعني أنّ ما نستورده هو سلع أساسية إذ لم يعد أحداً يشتري شيئاً ليس بحاجة إليه”.
وإذا ما احتسبنا مثلاً أثاث منزلي بـ 1000 دولار، واحتسبنا جمركه 20% والضريبة على القيمة المضافة على سعر 1500 ليرة، يكون جمركها 480 ألف ليرة، أي 24 دولاراً على سعر 20 ألف ليرة تقريباً أي أصبحت كلفة هذا الأثاث 1024 دولاراً. بينما إذا ما أصبح الدولار الجمركي على سعر منصة “صيرفة”، سيكون رسم جمرك هذا الأثاث 4 ملايين ليرة إضافة إلى الضريبة على القيمة المضافة والتي ستكون 2640000 ليرة لأثاث كلفته 1000 دولار. وتقنياً، الضريبة على القيمة المضافة تبقى بالليرة، لكنّها تُراكَم على أساس سعر الصرف لقيمة الأثاث وجمركه، و”لن تبقى هذه الضريبة على سعر 1500 ليرة أبداً، فمجرد رفع الدولار الجمركي، ستلحق به هذه الضريبة تلقائياً”، وفق رمال، و”هناك سلعاً قد تفوق قيمة رسوم جمركها قيمة السلعة بحد ذاتها”.
بذلك، يبلغ الجمرك والضريبة على القيمة المضافة لأثاث منزلي قيمته 1000 دولار، حوالي 6640000 ليرة، إذا ما احتسبنا دولار منصة “صيرفة” على 20 ألف ليرة. وإذا ما احتسبنا سعر الصرف على 20 ألف ليرة، تكون هذه الرسوم بالدولار 332 دولاراً، أي يكون مجموع الأثاث 1332 دولاراً. وهذا المبلغ هو سعر الأثاث لدى دخوله إلى لبنان فقط، ولم نحتسب بعد كلفة النقل ولا أي مصاريف أخرى.
إذاً، بحسب رمال، ستزيد نسبة الرسوم على السلع ما بين 15 و20 مرة، بحسب نسبة الجمرك لكلّ سلعة.
وفي حديث مع أحد محال بيع الأجهزة الإلكترونية المنزلية، لمعرفة انعكاس الدولار الجمركي على أسعار الأجهزة هذه، يفيد مدير المؤسسة أنّ الأسعار سترتفع حتماً لكن بنِسبِ جمرك مختلفة بحسب ما ستصل لوائح الأسعار هذه من الوكيل.
ويشرح أنّ باحتساب الوكيل نسبة 20% على الأجهزة الإلكترونية، إذا كان سعر التلفاز بـ 1000 دولار، كنّا نقتطع 20% منه أي 200 دولار كجمرك (أي 300 ألف ليرة على سعر 1500 ليرة). بينما على سعر “صيرفة” يكون الرسم الجمركي 4200000 ليرة. ويصبح الرسم الجمركي هذا، على سعر الصرف اليومي فرضاً 21000 ليرة، يكون 192 دولاراً. أي أنّ سعر الـ 1000 دولار للتلفاز سيكون على سعر الصرف بشكلٍ كامل، وسيُباع هذا التلفاز بـ 1200 دولار. وعادةً، كان يحتسب المدير مثلاً سعر هذه السلعة بـ 800 دولار زائد الجمرك الذي كانت قيمته مخفضة جداً، لذلك كان هناك انخفاض بالأسعار مؤخَراً.
ومثل آخر، كإحدى الغسالات التي يبلغ سعرها 400 دولار. فإحدى الوكالات المستورَدة مثلاً، وبعد أن أصبح الجمرك على سعر 1500 ليرة رخيصاً، سعّرت الغسالة بـ 380 دولاراً زائداً الضريبة على القيمة المضافة. أمّا الآن، فالـ 20 دولاراً المتبقية ستضربها بسعر الصرف اليومي، أي ما يعادل 430000 ألف ليرة، وهنا تكمن زيادة الدولار الجمركي، إضافة إلى الضريبة على القيمة المضافة. ولدى إقرار الدولار الجمركي، هناك احتمال تغيير نسب هذه الرسوم على القطع، وفق المدير.

الهيئات الاقتصادية ترفض احتساب الدولار الجمركي على أساس منصة “صيرفة”

من جانبها، رفضت الهيئات الاقتصادية اللبنانية، برئاسة محمد شقير، قرار الحكومة باحتساب الدولار الجمركي على أساس منصة “صيرفة”، واعتبرت أنّ “هذا القرار له تداعيات اقتصادية واجتماعية كارثية ستطال الجميع من دون استثناء، وكونه سيشكّل صدمة سلبية ستضرب الاستهلاك وتزيد من الانكماش الاقتصادي”.
واعتبرت الهيئات الاقتصادية أنّه “لا يكفي التلطي خلف إعفاء المستوردات الغذائية والطبية والأدوية من أيّ رسوم وأعباء، لإظهار أنّ هذا القرار يصبّ في مصلحة المواطنين لا سيما ذوي الدخل المحدود”، معتبرةً أنّ “هذا الإجراء سيزيد أسعار مختلف السلع التي يحتاجها المواطن في كلّ تفاصيل حياته”.
وشدّدت على ضرورة الأخذ باقتراحها الذي طرحته في اجتماعاتها مع رئيس الحكومة ووزير المال، القاضي برفع الدولار الجمركي بشكل تدريجي باعتماد سعر دولار بـ8 آلاف ليرة بداية، على أن تتمّ دراسة آثاره بعد ستة أشهر للبناء على الشيء مقتضاه.

النهار- فرح نصور


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى