آخر الأخبارأخبار دولية

حل المجلس الأعلى للقضاء في تونس… “خطوة إضافية للتخلص من مؤسسات ما قبل 25 يوليو”


نشرت في: 07/02/2022 – 17:21

أثار إعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد حل المجلس الأعلى للقضاء الذي يمثل السلطة القضائية المستقلة في البلاد ردود فعل متباينة بتونس في خضم استحواذ سعيّد على معظم السلطات منذ تعليق أعمال البرلمان وإقالة الحكومة المنبثقة عنه الصيف الماضي. واستبق سعيّد قراره بانتقادات متكررة لمرفق العدالة في البلاد معتبرا أنه “مسيس” و”يخدم اطرافا معينة بعيدا عن الصالح العام”. فرانس24 حاورت الباحث في القانون الدستوري خالد الدبابي حول السياق الذي اتخذ فيه الرئيس هذا القرار.

بعد جملة من الانتقادات التي وجهها إليه وتجميد المنح المالية المسندة لأعضائه، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد في كلمة من مقر وزارة الداخلية الأحد أن “المجلس الاعلى للقضاء أصبح في عداد الماضي” في خطوة سرعان ما رفضها المجلس واصفا القرار بغير “القانوني”.

وما يثير الاهتمام في إعلان سعيّد هو عدم صدور أمر رئاسي بحل المجلس في الجريدة الرسمية كما ينص عليه القانون التونسي، رغم أنه يحتكر معظم السلطات منذ فرضه الإجراءات الاستثنائية في 25 تموز/ يوليو 2021.

وبموجب تلك التدابير، جمد سعيّد عمل البرلمان وأقال حكومة هشام مشيشي المنبثقة عنه قبل أن يقرر تعليق العمل بأبواب دستورية برمتها مديرا البلاد بأوامر “استثنائية”.

للمزيد – تونس: قيس سعيّد وحصاد عامين من الخلافات السياسية مع الأحزاب والبرلمان والحكومات

وتأتي خطوة سعيّد بعد تصريحات عديدة انتقد فيها القضاء معتبرا أن العدالة تعمل بـ”بطء” في قضايا فساد “بقيت في الرفوف لسنوات طويلة”.


واستبق سعيّد قرار حل المجلس بتجميد المنح المسندة لأعضائه في 17 يناير/ كانون الثاني الماضي.

ويعتبر المجلس الأعلى للقضاء مؤسسة دستورية “ضامنة في نطاق صلاحياتها حسن سير القضاء واستقلالية السلطة القضائية”، حسب الدستور، ومن بين صلاحياته اقتراح الإصلاحات الضرورية في مجال القضاء. ويعد المجلس من بين عدد قليل من المؤسسات بالدولة بعد 25 تموز/ يوليو القادرة على ممارسة صلاحياتها بشكل مستقل عن سعيّد.

ويقول الرئيس التونسي إنه سيعيد صياغة الدستور ويطرحه لاستفتاء في الصيف لكن الأحزاب السياسية الرئيسية ومنظمات المجتمع المدني تقول إن أي تغيير يجريه يجب أن يتم بعد حوار سياسي.


ويعتبر المجلس الأعلى للقضاء هيئة مستقلة تتولى إدارة مرفق العدالة ويمثل السلطة القضائية بمقتضى دستور 2014. ويتكون من 45 عضوا معظمهم من القضاة المنتخبين من زملائهم إضافة إلى محامين ومختصين في القانون والمحاسبات المالية وأساتذة جامعيين.

ولم يتأخر المجلس في التعبير عن رفضه قرار سعيّد واصفا إياه بـ”غير القانوني” فيما قال رئيسه يوسف بوزاخر إن رئيس الدولة يريد “العودة بالقضاء إلى مربع التعليمات الرئاسية”.


فرانس24 حاورت أستاذ القانون الدستوري خالد الدبابي لاستطلاع رأيه بشأن خلفيات رفض الرئيس التونسي لطريقة عمل القضاء في البلاد والخطوات المقبلة التي يمكن أن يتخذها في هذا المجال.

  • فرانس24: لماذا اختار الرئيس التونسي انتقاد عمل مجلس القضاء وتجميد منح أعضائه قبل اتخاذ قرار بحله؟

خالد الدبابي: هذا التدرج يدخل في إطار “التكتيك السياسي” الذي عودنا عليه الرئيس قيس سعيّد منذ اتخاذه التدابير الاستثنائية. إذ أن قرار حل مجلس القضاء يعد خطوة إضافية من سعيّد للتخلص من مؤسسات ما قبل 25 يوليو. فالرئيس تدرج في تعليق العمل بالدستور كما حدث نفس الشيء مع البرلمان بتجميد عمله ورفع الحصانة عن أعضائه وثم إيقاف صرف المنح المسندة إليهم قبل تعليق أعماله بشكل يجعله “منحلا واقعيا وفعليا”. والفكرة هي تهيئة المشهد السياسي المحلي والدولي للقرارات التي يخطط لها سعيّد. كما أن الرئيس اختار أن يعلن عن قراره من مقر وزارة الداخلية بهدف إظهار “قوة” رئاسة الجمهورية وسيطرته على مؤسسات الدولة خصوصا في ظل تلميحات إلى خروج وزير الداخلية الحالي في بعض الحالات عن تعليمات الرئاسة وبتجاوز صلاحياته بالاجتهاد في اتخاذ بعض القرارت.

  • ما تفسيرك لنفور الرئيس التونسي من الهيئات المستقلة المنبثقة عن دستور 2014؟

المنظومة السياسية القائمة على دستور 2014 انتهت منذ 22 سبتمبر/ أيلول عندما أصدر سعيّد أمرا رئاسيا علق به العمل بمعظم أبواب الدستور ودخلنا في قواعد مرحلة انتقالية. نحن الآن في صلب تنظيم موقت للسلطات العمومية يتحكم فيها الرئيس التونسي حتى وإن لم يصرح بذلك. وحتى إبقاء البابين الأولين من الدستور المتعلقين بالحريات يدخلان في إطار “التكتيك السياسي” للتأكيد على أن الرئيس ليس معاديا للحريات الفردية والعامة ولكن واقع الحال يؤكد أن الدستور قد أصبح من الماضي بكل أبوابه. من الواضح الآن أن سعيّد يعمل بالتدريج للتخلص من الهيئات المستقلة الدستورية واحدة تلو الأخرى من خلال انتقاد أدائها قبل أن يجهز عليها نهائيا.

  • كيف سيتم التصرف في مرفق القضاء بالبلاد بعد حل المجلس الأعلى المنظم له؟

الرئيس قيس سعيّد أصبح الرئيس الفعلي للسلطة القضائية وذلك حتى في صورة تعيين هيئة وقتية تعوض المجلس الأعلى حيث ستكون تحت إشرافه ما يعني أنه أحكم قبضته على السلطة القضائية إضافة إلى ممارسته بالسلطتين التشريعية والقضائية.

 

عمر التيس


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى