آخر الأخبارأخبار محلية

مناخ “التشكيك” بالانتخابات يتصدّر من جديد.. ماذا يُطبَخ في الكواليس؟

منذ أشهر، يكاد “التشكيك” بحصول الانتخابات النيابية في موعدها يطغى على كلّ ما عداه من أحداث، “تشكيك” يبدو أنّه بقي صامدًا رغم كلّ “التطمينات” التي حاول البعض إرساءها، بدءًا من مباشرة الحكومة استعداداتها اللوجستية والميدانية لإنجاز الاستحقاق، وصولاً إلى إطلاق بعض القوى السياسية، ولو أنها لا تزال أقلية، حملاتها الانتخابية، توازيًا مع بدء النقاش الجدّي عن التحالفات المفترضة، وتداخلها ما بين سياسي وانتخابي.

 
لكنّ كلّ ذلك لا يبدو أنّه كان كافيًا لتبديد “الهواجس”، وربما “الطموحات” لدى البعض بـ”تطيير” الانتخابات، أو تأجيلها، للكثير من الأسباب والاعتبارات. هكذا، لا يكاد يمرّ حدث في البلاد، مهما كبر أو صغر حجمه، وسواء كان أمنيًا أو اجتماعيًا أو سياسيًا، إلا ويُربَط تلقائيًا بالانتخابات، ويُحكى عن انعكاساته على الاستحقاق المُنتظَر، أو بالأخرى، المخاطر التي يمكن أن تترتّب على إجراء الانتخابات بموجبه وبنتيجته.

 
وإذا ما وُضِعت جانبًا التكهّنات المتصاعدة عن تدهور أمنيّ قد نشهده في الأسابيع المقبلة من شأنه أن يطيح بالاستحقاق، أو عن انفجار اجتماعي سيؤدي إلى النتيجة نفسها، فإنّ المفارقة المثيرة للانتباه تتمثّل في تصريحات الكثير من السياسيين، وربما معظمهم، الذي يتمسّكون بعبارة “إذا حصلت” كلما أرادوا الحديث عن الانتخابات، ما يكرّس جوًا من الضبابية والغموض حول الاستحقاق، ليس أبدًا في صالحه قبل أشهر معدودة من موعده المفترض.
 
أجواء “غير مبشّرة”
 
تصرّ القوى السياسية على تبديد “الهواجس”. تؤكد الحكومة إنّها تعمل لإجراء الانتخابات في موعدها، التزامًا بما تعهّدت به في بيانها الوزاري. تذهب بعض الكتل السياسية أبعد من ذلك، بتأكيد أنّ الانتخابات “حاصلة”. على رأسها “حزب الله” الذي أطلق حملته الانتخابية قبل أسبوع، ولو آثر إرجاء إعلان شعارها وبرنامجها، ومثله فعلت “القوات اللبنانية” التي بدأت الإعلان “دوريًا” عن أسماء مرشحيها في بعض الدوائر الأساسية.

 
لكن، بعيدًا عن الكلام، الذي يدرك اللبنانيون أنّه لا يغني ولا يسمن من جوع، فإنّ الأجواء لا تبدو “مبشّرة”، وفق ما يظهر من “تسريبات” توحي بأنّ شيئًا ما “يُطبَخ” في الكواليس. لعلّ “ترجمة” هذا الانطباع تظهر في بعض وسائل الإعلام، حيث يكثر هذه الأيام الحديث عن “سيناريوهات” تطيير الانتخابات، وآخرها ما كُتِب عن “مخطط” لتأجيلها لمدّة عام على الأقلّ، بغية تمرير المشاريع “الإصلاحية” أولاً.
 
لكن، إذا كان السياسيون المعنيّون ينفون مثل هذا المخطط، فإنّ ثمّة في الأجواء ما يمنحها مصداقية ما، تتعزّز مثلاً بأحد المقالات الصحافية، الذي ذهب لحدّ وصف الانتخابات بـ”المسخرة”، في تعبير مثير للجدل، وربما الدهشة، مع تقليل من شأن الاستحقاق المرتقب، وتحجيم للنتائج المتوخاة منه، وتسخيف لوصف “المفصلية والمصيرية”، باعتبار أنّها لن تفضي سوى إلى برلمان “مُستنسَخ” عن البرلمان الحاليّ.
 
الكلام لا يكفي
 
مثل هذا الكلام قد يكون من “بنات أفكار” صاحبه. لكن، إذا ما ابتعدنا عن “البراءة” في المقاربة، قد لا يكون كذلك. ثمّة من يخشى أن يكون محاولة “جسّ نبض” قبل تنفيذ “المخطط المرسوم”. ثمّة الكثير من التجارب السابقة التي تعزّز وجهة النظر هذه، قد يكون أبرزها “التمديد الشهير” لبرلمان 2009، حين كان الجميع “ينبذ” التمديد، فإذا بالجميع يصوّتون لصالحه بمجرّد نضوج “مشروع القانون” الذي أعِدّ لتحقيق الهدف.
 
من هنا، لا يكفي أن يقول السياسيون إنّهم مع إجراء الانتخابات في موعدها، وضدّ أيّ تفكير بتأجيلها، وهم بمعظمهم لم يتقدّموا خطوة في مسارهم الانتخابيّ. ليس أمرًا مألوفًا أن يكون كثير من هؤلاء “يتريّثون” في إعلان خياراتهم الانتخابية، قبل ثلاثة أشهر فقط من موعد الانتخابات. وليس أمرًا اعتياديًا ألا تكون الانتخابات قد أصبحت “الشغل الشاغل” لهؤلاء فيما العدّ العكسي للاستحقاق “الكبير” اقترب، ولو كانت النتائج “مضمونة” وفق تقديرات البعض.
 
صحيح أنّ الوضع الحاليّ لا يشبه الوضع في سنوات “انتخابية” سابقة، وأنّ الأزمات المتفاقمة، ولا سيما الأزمة المالية والاقتصادية، فرضت نفسها “أولوية” لا يُعلى عليها على “الأجندة”، ولكن الصحيح أنّ هذه “الأولوية” بالتحديد هي التي يفترض أن “تحفّز” الأحزاب والقوى السياسية، فضلاً عن المرشحين الطامحين لدخول الندوة النيابية، إلى “تكثيف” جهودهم، لإقناع الرأي العام ببرامج تُخرِجهم من قعر “جهنّم”، وهو ما لم يحصل بعد.
 
كثيرة هي الأسباب التي تجعل من “التشكيك” بحصول الانتخابات في موعدها منطقيًا وواقعيًا، ولو أنّ العمل كأنّ الانتخابات حاصلة يجب أن يسبق كلّ تفكير آخر. قد يقول البعض إنّها الظروف التي لا تتيح خوض انتخابات بطريقة عادية، كأنّ شيئًا لم يكُن. لكن الخشية أن يكون ما يقوله البعض الآخر هو الصحيح. ثمّة من لا يريد لهذه الانتخابات أن تحصل، وما وصفها بـ”المسخرة”، سوى “أول الغيث” في إلغائها، بل “منع حصولها”!

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى