آخر الأخبارأخبار محلية

“الحي كلو عم ياكل من الزبالة”…. لبنانيون يلجأون الى حاويات النفايات لسداد جوعهم

لا يمكنك ولا يمكن لاي أحد آخر أن يعرف ان كان “رامي” سعيدا ام حزينا وان كان يضحك أو يبكي، فعند رؤيته تتسارع الصور والمشاهد امام عينيك تماما كما حركته، ما يضعك في مشهدية متنقلة بين عالم الخيال والوجع والحقيقة.

ابن الـ 16 عاما تراه منتظرا امام احدى حاويات النفايات في منطقة البحصاص في شمال لبنان، تحاول الاقتراب منه لتطرح عليه بعض الأسئلة فتجده يجمع في ملامحه علامات استفهام كثيرة واجوبة أكثر بكثير، لكن وعلى الرغم من هذا يبدو كلامه قليلا لا بل دقيقا وموجعا فجمله القليلة تدور حول طلب الطعام لا المال وحول التأكيد على جنسيته اللبنانية.

” أنا لبناني أنا من هون ما بدي شي شوف اذا معك شي أكل منقوشة أو خبز أو اي شي بيطلع معك، شو فيك تعطينا عطينا”، هكذا يتوجه رامي لكل من يمر بجانبه ويرفض الحديث عن أي شيء آخر أو عن اي تفصيل اضافي.

لكن وبعد محاولات كثيرة وبعد وعود بعدم نشر صوره واسمه الحقيقي تحدث “رامي ” لـ “لبنان 24″ قائلا: ” الجميع يدرك حكايتنا، لن نضيف أي شيء جديد، نحن اطفال ولدنا مع الجوع وعشنا مع الجوع وسنكبر مع الجوع.

نخرج من منازلنا صباحا، نسير مسافات طويلة على اقدامنا حتى يصل كل منا الى حاويته التي منها يستخرج ما يأكله وما يقدمه لأمه واخته وجده وجدته.
نتسول أحيانا ونطلب بعض الأموال من كل من نلتقيه في دروبنا، لكن وفي الفترة الأخيرة تبدو الأمور صعبة على الجميع، والتخلي عن الاموال بات أمرا مستحيلا لذلك نكتفي بالطعام الذي نجده بين النفايات”.

وعن يومياته أشار “رامي” الى انها متشابهة ولا شيء فيها مختلف ” أخرج من بيتي صباحا وأصل الى البحصاص، بعد ان أسير لأكثر من ساعة ونصف. وفي البحصاص أتنقل مع اكياسي بين 3 حاويات نفايات واحدة للطعام الصباحي وأخرى للغذاء وثالثة تؤمن لنا بعض الطعام لفترة بعد الظهر والمساء.

ومن الحاويات نأخذ كل شيء دون استثناء من الخبز والفاكهة والخضار بالاضافة الى بعض فضلات الأطباق التي يرميها الناس”.

وعند سؤاله عن أعداد الأطفال الذين يعيشون بالطريقة نفسها التي يعيشها هو يجيب ” رامي” بسرعة ودون تردد ” الحي كلو عم ياكل من الزبالة”.

ويضيف ” ليس الاطفال وحدهم في حينا من يبحثون عن طعامهم بين النفايات بل الجميع دون استثناء والا لكنا متنا من الجوع جميعا دون أن يسأل اي أحد عنا”.
هل من حلول ممكنة؟

قصة رامي هي واحدة من مجموعة قصص يمكن مشاهدتها في مختلف المناطق والمدن اللبنانية، لاسيما بعد الأزمة الاقتصادية التي انطلقت في العام 2019 وما زالت مستمرة حتى اليوم.

وفي هذا الاطار، علم “لبنان 24” ان وزارة الشؤون الاجتماعية وحرصا منها على متابعة موضوع التسوّل بشكل عام وموضوع الاطفال الذين يلجأون الى النفايات لتأمين غذائهم قامت بانشاء جهاز خاص أو وحدة خاصة منفصلة عن المجلس الأعلى للطفولة في لبنان، سيهتم بتحضير بيانات ودراسات حول الموضوع بغية وضع خطط قصيرة وطويلة الأمد لمحاولة معالجة هذه المعضلة وناتئجها.

كما تعمد مجموعة من الجمعيات اللبنانية وغير اللبنانية الى الاحاطة بالموضوع عبر تحديد هويات الأطفال للتأكد من جنسيتهم لاسيما انه وفي هذا المجال يظهر التداخل ما بين اللبنانيين والسوريين.

وتعمل الجمعيات على محاولة تأمين بدائل للأطفال وعائلاتهم من خلال تزويدهم بالمواد الاولية والطعام وعدد من الوجبات الساخنة اليومية.

لكن على الرغم من المحاولات المذكورة، تبقى الاشكالية في الامكانية الفعلية للاستجابة الى الحاجة، اذ ان الأزمة الاقتصادية الحالية منعت الكثير من المساعدات عن جمعيات المجتمع المدني ما جعلها تقلص خدماتها وما خفف قدرتها على التدخل والمساندة.

 

قنبلة موقوتة

وعلى الرغم من كم التعاطف الكبير الذي يلقاه المتسوّلون الذين يبحثون عن طعامهم بين النفايات لا سيما الاطفال منهم في لبنان، لا بد من الاشارة الى ان هذه الظاهرة التي تزداد رقعة انتشارها بدأت تشكل خطرا فعليا على أمن المجتمع اللبناني.

فبعيدا عن نظرية العصابات التي تشغّل هؤلاء المتسولين، شهدت مدينة صيدا منذ أيام قليلة اشكالا مسلحا بين عدد من الاطفال المتسولين.

وفي التفاصيل، خلال ساعات بعد الظهر وقع اشكال بين مجموعتين من الاطفال المتسولين بالقرب من مسجد “الزعتري” في صيدا تخلله استخدام للسلاح من قبل أحد الأطفال ما ادى الى اصابة احدى المتسولات في رجلها.

وعلى الفور، وقبل وصول القوى الأمنية الى المكان اختفى الأطفال بسرعة قياسية.

في هذا الاطار، يقول مصدر أمني لـ “لبنان 24” ان الحادثة المشار اليها في صيدا باتت تتكرر في أكثر من منطقة لبنانية وبوتيرة غير اعتيادية وهذا ما يفتح امامنا ملف التسوّل من باب الحفاظ على أمن المواطنين وسلامتهم، لذلك لا بد من ان ينتبه المواطن في تعاطيه مع مختلف المتسولين، اذ اننا لا يمكن ان نجزم ان جميعهم من حملة السلاح او من غير المسالمين ولكن في الوقت نفسه لا بد من الاشارة الى أن علامات الاستفهام بدأت تكثر حول مجموعات عديدة منهم.

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى