هل أزال الاجتماع العربي بالكويت العقبات أمام عودة العلاقات اللبنانية الخليجية إلى مجراها؟
نشرت في: 31/01/2022 – 19:03
تبذل السلطات اللبنانية كل ما لديها من جهود لطي صفحة الخلافات التي عكرت علاقاتها مع الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية. وفي وقت تمر فيه بلاد الأرز بأوضاع اقتصادية ومالية خانقة، تأمل بيروت في أن تكون القمة التي جمعت الأحد وزراء خارجية الدول العربية بادرة خير لفك الحصار الدبلوماسي المفروض عليها من دول خليجية بعد أزمة نتجت عن تصريحات وزير الإعلام السابق جورج قرداحي. فهل يشكل اجتماع الكويت بداية لعودة المياه إلى مجاريها أم ستدوم الخلافات أكثر؟
هل رسم الاجتماع الذي جمع وزراء خارجية الدول العربية الأحد بالكويت الملامح الجديدة للعلاقات الاستراتيجية المستقبلية بين لبنان ودول الخليج، وعلى رأسها السعودية؟
وهل ستطوي هذه القمة الصراع الذي نشب بين بيروت وعواصم خليجية كثيرة نهاية العام الماضي بسبب تصريحات وزير الإعلام اللبناني السابق جورج قرداحي؟
وكان القرداحي -أحد أشهر مقدمي البرامج التلفزيونية في العالم العربي- قد صرح أن “الحوثيين في اليمن يدافعون عن أنفسهم أمام عدوان خارجي”. تصريح أزعج كثيرا السلطات السعودية التي طالبت الحكومة اللبنانية بـ “الاعتذار كما دعت إلى استقالته”.
لكن استقالة قرداحي لم تكن كافية لإعادة الدفء إلى العلاقات بين لبنان ودول الخليج. فهذه الأخيرة رفعت سقف المطالب ودعت بيروت إلى احترام جملة من المبادئ والتعهدات التي تضمنتها المبادرة الكويتية المتكونة من حوالي 12 شرطا والتي لقيت دعما من فرنسا والولايات المتحدة.
شروط خليجية لإعادة بناء الثقة
ومن بين الشروط البارزة التي تضمنتها هذه المبادرة، احترام وتنفيذ قرار 1559 الذي ينص على نزع سلاح جميع الميليشيات المسلحة اللبنانية، بما فيها سلاح حزب الله. وعدم التدخل في شؤون الدول العربية، الخليجية بالخصوص، والالتزام باستئناف المفاوضات لحماية الحدود البحرية اللبنانية وتعزيز الأمن على مستوى مطار رفيق حريري الدولي ببيروت إضافة إلى منع تجارة المخدرات ودخولها للسعودية ودول عربية أخرى.
كما طالبت دول الخليج أيضا بلاد الأرز باحترام وتطبيق اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية عام 1989 وقرارات دولية ذات صلة بلبنان، إضافة إلى تنفيذ إصلاحات اقتصادية ومالية وفق الخطة التي اقترحها صندوق النقد الدولي.
وفي خطوة لتذويب الجليد، قام وزير خارجية الكويت، أحمد ناصر المحمد الصباح في 23 يناير/كانون الثاني بزيارة إلى بيروت التقى خلالها الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومسؤولين آخرين رفيعي المستوى وحمل معه رسالة تضمنت الشروط والبنود التي تطرقنا إليها سابقا بهدف إعادة بناء الثقة من جديد.
بيروت تدعو العرب للوقوف معها في محنتها الاقتصادية
وكان المحمد الصباح، أول مسؤول خليجي بهذا المستوى يزور بيروت منذ اندلاع الأزمة الدبلوماسية بين لبنان وعدد من دول الخليج في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2021. فيما كشف الأحد الماضي أن السلطات اللبنانية ردت على مطالب الدول الخليجية، بدون أن يتحدث عن طبيعة هذه الأجوبة.
لكن مراسلة فرانس24 في لبنان، جوويل مارون، كشفت نقلا عن مصادر مطلعة، بأن لبنان أكد في رده للجامعة العربية ودول الخليج “التزامه بأحكام الدستور ووثيقة الوفاق الوطني والطائف، واحترام الشرائع والمواثيق الدولية التي وقع عليها”.
وأضافت مارون أن بيروت أكدت أيضا التزامها بـ” تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، والاستمرار بدعم قوات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان، مقدمة أيضا الدعم المطلق للجيش والقوى الأمنية كافة لضبط الأمن على الحدود وفي الداخل وحماية اللبنانيين وتعزيز سلطة الدولة وحماية المؤسسات”.
“تحرير الأراضي التي احتلتها إسرائيل”
وفيما يتعلق بعلاقات لبنان مع الدول العربية، تابعت مراسلة فرانس24 نقلا عم مصادر موثوقة أن الجواب اللبناني أكد على “حرص بيروت على تعزيز هذه العلاقات والتمسك بها والمحافظة عليها وتفعيل التعاون التاريخي مع الدول العربية، مقابل الوقوف إلى جانب لبنان في المحنة الاقتصادية والسياسية التي يرزح تحتها”.
أما بخصوص قرار 1559 الذي ينص على تجريد جميع الميليشيات اللبنانية من سلاحها، بما فيها سلاح حزب الله، فوفق معلومات نشرتها جريدة “لوريان لو جور” اللبنانية باللغة الفرنسية، فبيروت لم تر أن الاستجابة لهذا المطلب “صعبة التطبيق على أرض الواقع” ومرهونة بـ “وقف إسرائيل لاعتداءاتها ضد لبنان من جهة، وبتحرير الأراضي اللبنانية المحتلة (مزارع شبعا وكرشوبة) من جهة أخرى”. ويأتي هذا الرد في حين لم يتوصل لبنان وإسرائيل إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية بينهما بشكل نهائي.
وبعبارة أخرى، رسالة بيروت لأعضاء الجامعة العربية وزعماء دول منطقة الخليج تتمثل في أنه “طالما الأسباب التي أدت بحزب الله وميليشيات أخرى إلى التسلح قائمة، فإنه من الصعب تنفيذ بعض متطلباتها، لا سيما تلك المتعلقة بتجريد حزب الله من سلاحه”.
“حزب الله حزبا لبنانيا”
وبهذا الشأن جاء تصريح أدلى به وزير خارجية لبنان عبد الله بو حبيب يوم السبت عشية ذهابه إلى اجتماع الكويت، قال فيه وفق ما نشرته جريدة “لوريان لوجور”: “لن أذهب إلى الكويت لكي أسلم سلاح حزب الله أو لإنهاء وجوده بل من أجل التحاور والنقاش”، معتبرا أن “حزب الله حزبا لبنانيا لكنه لا يتحكم في سياسة البلاد”.
فيما أضاف محلل سياسي لبناني لم تكشف يومية “لوريان لوجور” عن هويته قائلا: “غالبا ما يكون هناك تفهم من قبل الدول العربية والخليجية بخصوص مسألة تجريد حزب الله من سلاحه لأنها عملية صعبة للغاية”.
وأنهى: “بالمقابل ما يجب أن تقوم به الحكومة اللبنانية بعجالة، هو إقناع حزب الله بعدم استخدام البلاد كمنصة لتوجيه انتقادات لدول الخليج ووقف مساندته للحوثيين في اليمن فضلا عن تشديد الرقابة على الحدود لمنع تهريب المخدرات نحو الدول العربية والخليجية”.
فهل سيعبد اجتماع الكويت الطريق أمام تسوية الخلافات القائمة بين لبنان والدول العربية، لا سيماالمملكة العربية السعودية أم أنه محطة غير كافية لذلك وتتطلب المسألة جهودا أكبر من بيروت. قادم الأيام وقمة الجامعة العربية التي ستنظم قريبا في الجزائر ستأتي ربما بالجديد.
طاهر هاني
مصدر الخبر
للمزيد Facebook