كتبت ريتا بولس شهوان في “نداء الوطن” “العزّ للبرغل، والسمك شنق حالو”، فالغلاء لم يعد مقتصراً على اللحوم على أنواعها، بل أيضا حرم اللبناني فرصة استبداله بالسمك. والسبب في ذلك كلفة الصيد، التي تضاف على فاتورة المستهلك. تأمين مصاريف مهنة الصيد ومستلزماتها، لم يخفّض من مستوى عيش الصياد وعائلته فقط، وهي غير ثابتة اصلاً، بل وضع مستقبل المهنة كلها في خطر.
يجمع الصيادون من كل المناطق ان الشبك تقطع نسل السمك وبيضه والبذور، فتسحب الكبيرة والصغيرة وتخف الثروة السمكية. فتحة الشبك التي حددتها الدولة لا تلزم البحارة، فالجوع يحوّلهم الى خارجين عن القانون فيتفهم نقيب صيادي السمك في بيروت وجبل لبنان جان شواح الوضع، مشيراً الى أن القوانين التي تنظم عملية صيد الأسماك لا تنفذ، فليس هناك شرطة للمراقبة، والعدد الموجود لتنظيم قانون صيد السمك قليل، فهناك مراقب واحد من الدورة الى نهر إبراهيم سائلاً: كيف يراقب؟
مع زيادة الصيد العشوائي بالتوازي مع ارتفاع أسعار أدوات المهنة، تقلصت غلة السمك وارتفع سعره، على حد وصفه. لجوء هذا الصياد الى مخالفة القوانين اتى بعد أن تُرك الى قدره، من دون أي ضمانات على حد تعبيره، متنبئاً بزوال المهنة في المتن، كسروان وجبيل بسبب التلوث وعدم نقلها الى الأجيال القادمة. ومع ذلك تعاونية صيادي الأسماك في ميناء عمشيت هي الوحيدة التي نجحت في حجز مقعد لمنتسبيها في احدى شركات التأمين. يشرح امين سر التعاونية حسان رزق بأنه تعاطفاً مع وضع بحارة عمشيت، سعت التعاونية المؤلفة من اهل البلدة بتغيير مسار حياة الذين لم يعرفوا الثبات يوماً في حياتهم، وذلك من خلال مسار طويل من المساعدات، عبر توأمة مع الاتحاد الأوروبي، بالتعاون مع مؤسسة رينيه معوض، وأموال من مساعدات أميركية لتأهيل الميناء، المسبح الشعبي وسيدة البحار. تضم هذه التعاونية 43 بحاراً وتهتم بهم فتشملهم بدورة اقتصادية دامجة خاصة بهذا المرفأ، فتقطع اموالاً لهم من مراكب السياحة ونشاطات أخرى.
الإهمال الذي يعيشه البحارة، مقابل مشهد الاهتمام من تعاونية عمشيت، وهي مبادرة محلية، حمل «نداء الوطن» لتسأل أوساط البحارة عن السبب، لتكتشف بأن الجمعيات وحدها قد تلتفت اليهم. اما وزارة الزراعة فلا تلحظهم بالاساس، ولا تؤدي مهمة تنظيم المهنة التي شارك فادي (صياد من البترون) في اجتماعات سابقة لم تفضِ الى نتيجة. يعود بالذاكرة الى سنوات عدة، عندما حصل على منحة للسفر والتدريب على صيد التونا عبر الوزارة، التي لم تسأله عن أي تفصيل ولم تستنجد بخبرته في شيء. استنتج فادي بعد تواصل مباشر مع الوزارة بأنها تستغل صفتها لحضور مؤتمرات دولية، لتوحي بانها تعمل، دون أي نتائج تذكر. ومن يتحمل وزر اللامبالاة، غير الصياد الذي حتى تغيّر نمط حياته في السنتين المنصرمتين مع تبدل سعر الصرف.
مصدر الخبر للمزيد
Facebook
مرتبط