آخر الأخبارأخبار محلية

أحزاب لبنان والتدمير الممنهج للجمهورية

كتب المحامي ابراهيم فواز نشابة:

يبدو أن الاحزاب السياسية/ الطائفية في لبنان تعمل على تنفيذ خطة تدمير المجتمع اللبناني من الداخل بعد أن خرجت عن أسباب تأسيسها وأهدافها وغاياتها التي تعنونت بالاصلاح ونصرة الفقراء والمظلومين ومقاومة الذل والحرمان وانماء البلد والتغيير والوقوف الى جانب الشعب في مسيرة نهضوية تصل بلبنان الى مصاف الدول المتقدمة.. بل قد تكون الدولة النموذجية الاكثر شهرة بتنوعها الطائفي والمذهبي وبانفتاحها على كل دول وشعوب العالم..

من الأمل بمستقبل لبنان الى الانهيار التام، يبقى الكلام عن دور الاحزاب واهميتها، خارج اطار التعابير الادبية والصحفية والتسويق الاعلامي، خاصة عندما يكون الحديث عن مقارنة علمية محددة بين ماضي هذه الاحزاب وحاضرها، بين أقوالها وأفعالها. وبالتالي نختار هنا المقاربة العلمية الماكروية دون الدخول او التدخل في شؤون هذه الاحزاب أو حتى سؤالها عن انجازاتها.. لأننا ندرك تماما أن الموضوعية العلمية في هذا الاطار مفقودة الى اقصى درجاتها..

من هذا المنطلق، لا بد من اعتماد مقاربة علمية سوسيو-سياسية نوضح من خلالها كيف هو بالحقيقة شكل الاحزاب ودورها، ومن ثم نقدم مقارنة مع احزاب لبنان.

في البداية، تعدُّ الأحزاب السياسية من حيث القوة أو الضعف مؤشراً على حالة النظام السياسي ودرجة تطوره في العالم، فيرى “فيليب برو” الحزب السياسي بأنه ” تنظيم يتشكل من مجموعه من الأفراد تتبنى رؤية سياسية منسجمة ومتكاملة تعمل في ظل نظام قائم على نشر أفكارها ووضعها موضع التنفيذ، وتهدف من وراء ذلك إلى كسب ثقة أكبر عدد ممكن من المواطنين لتولي السلطة أو على الأقل المشاركة في قراراتها “. وتلعب الأحزاب السياسية دوراً مهمّا  في تدعيم الممارسة الديموقراطية باعتبارها همزة وصل بين الرأس الأعلى في الحكم “الدولة”، و”الشعب” مصدر السلطات، بما يسمح بتنشيط الحياة الحزبية وتعميق المشاركة السياسية للمواطنين. ويتمحور التصور الغربي في تعريف الأحزاب السياسية حول ثلاث ركائز أساسية هي: الركيزة الإيديولوجية، والطبيعة التنظيمية لها، والوظائف التي تؤديها، وبهذا يعرفها الفيلسوف البريطاني “ادموند بارك” بأنها “جماعة متحدة من الأفراد، تسعى من خلال الجهود المشتركة إلى تحقيق المصلحة الوطنية وفقاً للمبادئ الخاصة التي يعتنقها أفراد هذه الجماعة “. أما في دول العالم الثالث، فنشأت الأحزاب السياسية بهدف التخلص من الاستعمار، ولكنها لم تستطع أن تكون فعّالة في إنجاز الجوانب السياسية للتحديث والتغلب على أزمات التنمية السياسية بما أصابها من تعقيدات ومصاعب في التحول التحديثي والتنموي. بالنسبة للبنان، فإنَّ وضعه السياسي الطائفي- المولود مشوها – سمح بتكاثر تدريجي للأحزاب والتيارات السياسية رافقها تكاثر الغايات والنزاعات. فتشكلت شبكة حاكمة توارثت الحكم على امتداد 100عام.

في القراءة التاريخية النقدية لواقع الاحزاب اللبنانية لا يمكن اغفال الدور الذي لعبته بعض الاحزاب العقائدية النهضوية التي لم تقتصر فلسفتها على المقاومة والصراع،بل عملت على وضع استراتيجية ثقافية علمية وأخلاقية وكان لها رؤيتها المعرفية ودراساتها البحثية في شؤون المجتمع وتكون الجماعات وتفاعلها.. كما كان لمؤسسيها مسيرة سياسية/دينية/اجتماعية وفلسفية مشرّفة من جانب الادارة الحزبية المنسجمة مع الواقع المحلي والاقليمي والدولي من ناحية، والمرتبطة بالناس بشكل مباشر من ناحية أخرى.. وهنا يمكن العودة الى الخطاب السياسي لبعض الاحزاب الشعبوية التي حصدت الاف المؤيدين والمنتمين والمنتظمين في صفوفها.. والتي جاء تاسيسها عبارة عن تسونامي تغييري ونهضوي، لنراها اليوم،ومن قلب العاصفة الاقتصادية والمالية والمعيشية التي تضرب البلاد تتلاعب بأفكارها وغاياتها واهدافها واعمالها الرياح.. سقطت سقوطا مدويا في عيون الالاف من المواطنين لا بل هي على راس الاحزاب المتهمة بتدمير البلد وافلاسه وسرقة الشعب اللبناني وتهجيره..

أما في المقاربة التحليلية، فيتضح لنا أن هذه الأحزاب التي اعتنقت مبدأ المواجهة والصراع من اجل الحق.. وشاركت في كل الحروب انسجاما مع مصالحها ومصلحة الوطن حسب رايها وايديولوجيتها.. نراها منذ ما بعد الطائف، بثقافة سياسية خاصة بها، تُرسم وفقاً لآراء ايديولوجية مختلفة، حيث عملت جاهدة على  تغيير منهجها واسلوب عملها، ضاربة عرض الحائط تاريخها النضالي وغاية تاسيسها لتنتج ثقافات الغائية جديدة متعددة، بُغية تثبيت وجودها في معادلة نهب البلد و تزويد أنصارها بهوية طائفية غير وطنية جماعية مميَّزة.

أين هي الاحزاب الوطنية /التي انطلقت منذ تأسيسها من رؤية دينية خيرية اصلاحية/ من الازمة الإجتماعية والمعيشية التي يعاني منها شعب لبنان؟ اين هي من السياسات التنموية الجادة والقادرة على تحقيق التنمية الإجتماعية والإقتصادية؟

ها هي تحكم البلاد وتتقاتل في العلن وتتفق في الخفاء  وتواجه كل من يقف في طريق سيطرتها وسلطتها وحكمها.

في النتيجة لا خلاص للبنان الا بأحزاب مدنية علمانية لا طائفية وان اعتنقت المبادىء الدينية.. ولا خلاص ايضا الا بالاحزاب المقاومة لكل هذا الشر الذي يتربص بشعب لبنان.. أحزاب سياسية تحكم بالحق والعدل وتعمل لمصلحة البلاد والعباد..

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى