آخر الأخبارأخبار دولية

أكاديمية “لي براسريه” في الكاميرون مشتل للبراعم الشابة في كرة القدم

نشرت في: 25/01/2022 – 21:16

تعتبر مدرسة “لي براسريه” لكرة القدم في العاصمة الكاميرونية دوالا مؤسسة رائدة في المجال الكروي بالقارة الأفريقية. تأسست في العام 1989. وهي تقوم بتحضير وتكوين لاعبين متدربين في هذه الرياضة الشعبية لتمكينهم من الانضمام إلى فرق عالمية كبرى. فرانس24 التقت ببعض الطلاب الذين درسوا فيها قبل التحاقهم بمنتخب أسود الكاميرون كلاعبين دوليين.

عامل مشترك يجمع بين اللاعبين المحترفين الثلاثة في منتخب الكاميرون، فانسون أبو بكر وكلينتون نجي وإينياسيوس غانوغو. فإضافة إلى مشاركتهم في مقابلات كأس الأمم الأفريقية 2022 مع منتخب بلادهم، تعلموا أسرار الكرة المستديرة في نفس المدرسة التي تدعى “لي براسريه” وهي أحد أقدم الأكاديميات المتخصصة في تدريس رياضة كرة القدم بالكاميرون.

تقع هذه الأكاديمية قرب مفترق الطرق “ندوكوتي” بالعاصمة دوالا. فبعيدا عن الضجيج الكبير الذي يعرف به هذا الحي، تتميز الحياة داخل الأكاديمية بالهدوء والسكينة. ووراء أسوارها العالية، يسعى الطلاب الذين يتدربون على ملاعبها إلى تحقيق هدف واحد ووحيد، ألا وهو الاحتراف وحذو حذو لاعبين كاميرونيين مشهورين، كسامويل إيتو أو ريغوبيرت سونغ.

أعلم بأنني أملك حظوظا”

دافيد ميم بانغ، صاحب الـ14 عاما أحد طلاب الأكاديمية وعنها يقول: “المدرسة عبارة عن مركز كبير لتكوين لاعبين في كرة القدم في الكاميرون. لاعبون سابقون كبار درسوا في هذا المركز. أعرف بأنني لدي حظوظا كبيرة”.

تأسست أكاديمية “لي براسريه” في العام 1989 من قبل حانات الكاميرون. وهي شركة تابعة لمجموعة “كاستال” الفرنسية المتخصصة في إنتاج وبيع المشروبات الكحولية.

دافيد ميم بانغ أثناء التدريبات © بيار روني-فورمس/ فرانس ميديا موند

فيما أصبحت موضوع اهتمام كبير من قبل شبان الكاميرون. فكلهم يحلمون أن يكونوا يوما ما ضمن قائمة الطلبة الـ11 الذين يلتحقون سنويا بهذه الأكاديمية لمتابعة دراستهم من جهة وتعلم فنون وأسرار رياضة كرة القدم خلال ست سنوات، من جهة أخرى.

اعتمدت الأكاديمية منذ 2008 على نظام يمزج بين الدراسة والرياضة. فيما تم توزيع الطلاب وفق ثلاثة أعمار (14، 16 و18 عاما) حسب جاك ألمبي، الرئيس الحالي للأكاديمية وجان فلوبير نونو المشرف العام على المشروع الرياضي.

وقال جاك ألمبي:” الكاميرون هو برازيل أفريقيا. كان يمتلك عددا كبيرا من المواهب الشابة لكنه يفتقر إلى مدرسة وإلى سياسة تكوينية محكمة. اليوم الأمور تغيرت. فالأكاديمية كونت لاعبين كبارا، انضموا إلى فرق أوروبية معتبرة وعززوا صفوف المنتخب الوطني”، مضيفا “نحن نخطط لتكوين جيلا جديدا من اللاعبين”.

لاعبون ورجال في آن واحد

وتابع: “ندرس في هذه المدرسة لعبة كرة القدم ونساعد الطلبة على استغلال مواهبهم الرياضية. كما نحيطهم علما أيضا بأن ليس جميع شبان الأكاديمية سيصبحون محترفين. ولهذا السبب ندربهم لكي يصبحوا رجالا وتكون لديهم القدرة على الاندماج في المجتمع. ما يجعلنا نركز كثيرا على الدراسة والانضباط والأخلاق. بعبارة أخرى نساعدهم ألا يقطعون العلاقة مع الواقع ولا يبتعدون عنه”.

“تكوين لاعبين في كرة القدم ورجال في آن واحد” هذا هو شعار أكاديمية “لي براسريه” في الكاميرون. ولتحقيق هذا المبتغى، يتم فرض نظام شبه عسكري على الطلبة. فهم يستيقظون في الصباح الباكر لمزاولة دراستهم خارج الأكاديمية. وعندما يعودون في الظهيرة، ينامون قليلا ثم يتفرغون للتدريبات. ولا ينتهي اليوم بانتهاء التمارين والتدريبات الرياضية، بل يشرعون بعد ذلك بمراجعة دروسهم اليومية لكي يشعروا بأن الدراسة هي الأولوية بالنسبة لهم.

طلاب أكاديمية كرة القدم "لي براسريه" يتدربون أمام صور لاعبين كبار مروا عبر المدرسة وتعلموا فيها لعبة كرة القدم.

طلاب أكاديمية كرة القدم “لي براسريه” يتدربون أمام صور لاعبين كبار مروا عبر المدرسة وتعلموا فيها لعبة كرة القدم. © بيار روني-فورمس/ فرانس ميديا موند

وقال دافيد ميم بانغ، أحد طلاب الأكاديمية في هذا الشأن: “في البداية، كان نمط العيش داخل المدرسة صعبا للغاية. نستيقظ في الصباح الباكر ونقوم إما بتمارين بدنية أو بتدريبات كروية. لكن مع مرور الزمن، تأقلمنا مع الوضع لأنك إذا أردت تحقيق شيئا ما فعليك أن تضحي وتبذل الجهد اللازم. هذا ما نحب القيام به، لذا نتدرب كل يوم”.  

بعيدا عن الحياة العادية

وأضاف جان فلوبير نونو، المشرف العام: “أعمار الأطفال تتراوح ما بين 12 و18 عاما. لا يعيشون حياة عادية مثل باقي الأطفال من نفس السن. فهم لديهم هدف وحلم. مسؤوليتنا، التوفيق بين الدراسة وتعلم كرة القدم. ندرك بأن الاحتراف لن يكون نصيب الجميع، لكن رغم ذلك فهم يبذلون جهودا معتبرة لكي يحققوا حلمهم”.

يملك فلوبير نونو (53 عاما) خبرة طويلة في مجال كرة القدم. ولد في مدينة ليون وسط فرنسا. وهو أخ للاعب السابق في فريق ليون جان جاك نونو الذي لعب مدافعا في الثمانينيات من القرن الماضي. كما يحظى باحترام كبير من قبل طلاب الأكاديمية الذين يصغون إليه وينفذون جميع توجيهاته وتعليماته.

يعج ملعب أكاديمية “لي براسريه” لكرة القدم بصور بعض اللاعبين الكبار السابقين والذين تعلموا فنيات الكرة المستديرة واكتشفوا أسرارها في نفس الأكاديمية.

بعض من هؤلاء اللاعبين فازوا مرتين بكأس الأمم الأفريقية في 2000 و2002 وحتى في 2017.

وبخصوص هذه الصور التي تزين الملعب، يقول دافيد ميم بانغ، أحد طلاب الأكاديمية: “هذه الوجوه التي نراها داخل الملعب تحفزنا على العمل أكثر وتجعلنا نشعر بأن الحلم ممكنا”، متمنيا “أن يشارك في يوم من الأيام في مباراة كأس العالم أو كأس أمم أفريقيا مع منتخب الكاميرون”.

جاك ألمبي مدير أكاديمية تدريس كرة القدم "لي براسريه" بالكاميرون

جاك ألمبي مدير أكاديمية تدريس كرة القدم “لي براسريه” بالكاميرون © بيار روني-فورمس/ فرانس ميديا موند

وتابع فلوبير نونو، المشرف الرياضي العام: “بعض اللاعبين السابقين احتفظوا بعلاقة مقربة مع الأكاديمية. فعندما يزورونها يشعرون كأنهم عادوا إلى عائلاتهم”.

وأضاف: “عندما يأتي اللاعبون القدامى إلى الأكاديمية، يشعر الطلاب بفرحة كبيرة ويدركون بأن الحلم أصبح في متناولهم. فهم يستمعون إلى نصائحهم التي هي نفس النصائح التي يقدمها لهم مدربهم يوميا. لكن عندما تأتي النصيحة من لاعب سابق مثل ريغوبيرت سونغ، فأعلم أن لديها قيمة كبرى وتأثير قوي عليهم”.

ميشال بلاتيني- ويلاجي تخرج هو أيضا من أكاديمية “لي براسريه”. لكن لم يسعفه الحظ للعب في صفوف المحترفين خلافا عن إيمانويل إيتو أو فانسون أبوبكر.

ورغم ذلك تم توظيفه من قبل الأكاديمية كمدرب للشبان الصغار (عمرهم 14 سنة) بهدف تكوين جيل جديد من اللاعبين.

وقال هذا المدرب: “أقوم باستقبال الشبان الجدد وأساهم في تكوينهم. أدربهم على كيفية الحفاظ على التنسيق داخل الملعب وعلى التوازن في اللعب. لقد تعلمت كثيرا من أخطائي. واليوم أساعدهم على تجنب نفس الأخطاء. في زمني، كنا نعود كل مساء إلى المنزل، أما اليوم فهم ينامون ويأكلون داخل الأكاديمية. لذا أقول لهم دائما بأنهم محظوظون كثيرا بتواجدهم في هذه المدرسة”.

جيل موهوب

ولضمان تكوين رياضي رفيع المستوى، يحاول ميشال بلاتيني -ويلاجي تنظيم مباراة ودية مع مدارس أخرى كون أن مستوى المنافسة الكروية في الكاميرون ضعيف نوعا ما.

لكن، بالرغم من أن مدرسة “لي براسريه” تعد نموذجا ناجحا في تدريس لعبة كرة القدم، إلا أنها أصبحت تواجه منافسة شرسة من قبل مدارس أخرى.

ميشال بلاتيني ويلاجي يحاول أن يفيد الطلاب المتدربين بخبرته كلاعب سابق في كرة القدم

ميشال بلاتيني ويلاجي يحاول أن يفيد الطلاب المتدربين بخبرته كلاعب سابق في كرة القدم © بيار روني-فورمس/ فرانس ميديا موند

كما أدى تدفق الأموال بكثرة على عالم كرة القدم إلى احتدام المنافسة ما بين هذه المدارس، لا سيما فيما يتعلق بسياسة كشف المواهب الكروية. وانتقد جاك ألمبي بعض المدارس التي «لا تهتم سوى بكسب الأموال” حسبه.

وتعول مدرسة “لي براسريه” على الاستمرار في سياستها الناجحة التي ترتكز على اكتشاف مواهب كروية جديدة.

كما تقوم أيضا بتنظيم منافسة كروية سنوية في الكاميرون يشارك فيها 100 لاعب من بين الأقوياء. يتم انتقاء 10 لاعبين من بينهم وهم الذين سيلتحقون بالأكاديمية.

ورغم ذلك، تشكو الأكاديمية من عدم امتلاكها علاقات مميزة مع فرق أوروبية يمكن أن تفتح آفاقا جديدة لهؤلاء الشبان.

ويخشى لوييك ديودونيه نكوتو (17 عاما) وهو شاب في صدد التخرج من المدرسة أن يجد صعوبات في الاحتراف.

وقال:” أتمنى الالتحاق بفريق أوروبي. هذا ما أنتظره اليوم. أنا مستعد للاحتراف. حلمي أن ألعب مع فريق باريس سان جرمان خاصة وأن إدريسا غانا الذي يلعب في نفس الفريق قدوة بالنسبة لي”.

جون فلوبير نونو يتابع ما يجري في أكاديمية "لي براسريه" لكرة القدم بالكاميرون

جون فلوبير نونو يتابع ما يجري في أكاديمية “لي براسريه” لكرة القدم بالكاميرون © بيار روني-فورمس/ فرانس ميديا موند

 

اقتباس طاهر هاني عن مقال رومان ويكس بالفرنسية


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى