آخر الأخبارأخبار دولية

ما أسباب استقالة نادية عكاشة “حاملة أسرار” قيس سعيّد من منصبها؟


نشرت في: 25/01/2022 – 16:49

أعلنت نادية عكاشة مديرة ديوان الرئيس التونسي الإثنين استقالتها من منصبها في تدوينة على فيس بوك، أشعلت نار الجدل حول الأسباب التي دعتها لذلك، وأثارت الكثير من الأسئلة حول ما يحدث في المحيط الضيق لقيس سعيّد، خاصة وأنها توصف بـ”الصندوق الأسود” و”حاملة أسرار” الرئيس الذي شاركته أبرز محطات مشروعه السياسي منذ دخولها إلى قصر قرطاج في 2019. فما هي دواعي هذه الاستقالة؟ وما تأثيرها على الرئاسة ومواقفها المستقبلية؟ 

“قررت اليوم تقديم استقالتي للسيد رئيس الجمهورية من منصب مديرة الديوان بعد سنتين من العمل”، كانت تلك عبارة من التدوينة المدوية التي أعلنت فيها نادية عكاشة، مديرة ديوان قيس سعيّد، مساء الإثنين توديع رئاسة الجمهورية، وطي صفحة عملها إلى جانب الرئيس التونسي. 

وبررت عكاشة قرارها بـ”وجود اختلافات جوهرية” متعلقة بـ”المصلحة العليا للوطن”. ويأتي ذلك بعد ستة أشهر من إقالة رئيس الجمهورية الحكومة وتجميد عمل البرلمان وتوليه جميع السلطات في البلاد، وسط عدة مخاوف داخلية وخارجية من انحراف البلاد عن المسلسل الديمقراطي الذي دشنته منذ انهيار نظام زين العابدين بنعلي. 

ودخلت تونس في نفق سياسي مجهول منذ 25 تموز/يوليو 2021 بعد أن قام سعيّد، بالاستناد إلى المادة 80 من دستور 2014، بتجميد أعمال البرلمان حتى إشعار آخر ورفع الحصانة عن النواب، وإقالة رئيس الحكومة وقتها هشام مشيشي، لينفرد بالحكم في البلاد بدعم من فئات واسعة من الشعب التونسي، تتهم الطبقة السياسية بالفساد وعدم الفاعلية، على وقع انتقادات حقوقية وسياسية. 

وكانت نادية عكاشة، التي توصف بالمرأة القوية في قصر قرطاج، وهي على غرار سعيّد خبيرة في القانون الدستوري، حاضرة بقوة في هذا التحول السياسي المتسارع الذي حصل في تونس بعد التحاقها بالرئاسة في 2019، وتعيينها مديرة الديوان في يناير/ كانون الثاني 2020. وبالتالي فهي صاحبت أبرز خطوات الرئيس في مشروعه السياسي المثير للجدل.

“اختلافات جوهرية” 

لم توضح عكاشة مضمون “الاختلافات الجوهرية” التي دفعتها للاستقالة، إن كانت تتعلق بإدارة العمل داخل ديوان رئيس الجمهورية، أم أنها ترتبط بالوضع العام في البلاد، خاصة في ظل التدابير الاستثنائية التي فرضها سعيّد. 

لكن يبدو أن هذه الاستقالة “كانت متوقعة” حسب مراسل فرانس24 في تونس نور الدين المباركي، وذلك “بسبب الخلافات التي نشبت بين نادية عكاشة و”جناح” آخر داخل قصر قرطاج، يمثله وزير الداخلية توفيق شرف الدين، على خلفية العديد من الملفات، ربما أبرزها التعيينات التي حصلت في وزارة الداخلية”. 

بالنسبة للمحلل السياسي التونسي باسل ترجمان، “لا يمكن لأي أحد أن يعلم حقيقة هذه الخلافات الجوهرية وأسبابها، لأنها قضية لها علاقة بالعمل داخل ديوان الرئيس، ويعلم الجميع أن ما يجري فيه ليس متاحا لا العامة ولا للرأي العام” قبل أن يستدرك في حديث لفرانس24 قائلا: “لكن ما يتسرب حول هذا الموضوع هي خلافات حول رؤية مديرة الديوان المتباينة مع رؤية الرئيس”. 

ويوضح ترجمان أن “رؤية الرئيس تدفع باتجاه ضرورة الإسراع والحسم، ورؤية مديرة الديوان تفضل التروي والبحث عن حلول هادئة بعيدا عما يمكن أن نسميه تعزيز الصدام مع المؤسسات”. 

“الصندوق الأسود” 

ويستبعد ترجمان “أن تؤثر استقالة مديرة الديوان على سير عمل رئاسة الجمهورية وقراراتها وتوجهاتها”، مذكرا بأن “الرئيس السابق الباجي قائد السبسي قام باستبدال 6 مدراء ديوان”.  

ويعتبر في نفس السياق أن المسألة “ليست قضية أشخاص، ولا يمكن أن تهتز لها مؤسسات أو مواقف دول. يجب وضع القضية في إطارها. هناك أطراف تحاول استغلال كل ما يمكن أن يجري من أجل أن تسجل ما تتوهم أنه نقاط في سجال سياسي خسرته بامتياز”. 

لكن الصحافة التونسية تحدثت عن فقدان الرئاسة لرقم مهم في معادلة المرحلة. ووصفت صحيفة “الشارع المغاربي” نادية عكاشة بـ”الصندوق الأسود” و”حاملة أسرار الرئيس”. كما ترى يومية “المغرب السياسي” أن هذه الاستقالة “تربك المشهد السياسي العام وتضغط على الرئيس”، وسمت عكاشة بـ”أحد مكونات العقل المدبر لسياساته وخططه”.

ويكتب حسن العيادي في “الشارع المغاربي” بأن استقالة عكاشة “ليس انسحاب من منصب بل انسحاب من تصور سياسي ومشروع الرئيس ومحيطه، وهذا يعني خسارة للرئيس”. 

ويتحدث مراقبون عن سحب البساط من تحت عكاشة منذ أسابيع في قصر قرطاج، ووضعها في الزاوية بدون مهام من قبل الرئيس، في المقابل وسع قيس سعيّد من صلاحيات وزير الداخلية، تقول يومية “الشارع المغاربي”، لتشديد “القبضة الأمنية” على البلاد، بهدف تهيئة الأجواء له لتثبيت “مشروعه السياسي”. 

وكانت الشرطة تدخلت قبل أيام بعنف ضد مئات من التونسيين كانوا يتظاهرون احتجاجا على ما اعتبروه “انقلاب” سعيّد. وتم توقيف العشرات كما تعرض نحو 20 صحافيا كانوا يغطون المظاهرة لاعتداءات جسدية، في مشاهد لم تشهدها تونس منذ عقد من الزمن. 

وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الجمعة أنه يتابع “بقلق” التطورات في تونس، إلا أن سعيّد شدد الخميس على أن “الحريات مضمونة في بلاده أكثر من أي وقت مضى”. 

وهذا التصدع الذي حصل على مستوى محيط الرئيس، قد يدخل سعيّد مرحلة من الشك في مواصلة “مشروعه السياسي” مع تعالي الانتقادات بخصوصه في الداخل والخارج، عنوانها الأبرز، حسب وصف يومية “الشارع المغاربي”، “الزلزال” الذي هز قصر قرطاج، و”أحدث تفكك الحلقة الضيقة المحيطة بالرئيس”.  

 

بوعلام غبشي


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى