آخر الأخبارأخبار محلية

الهيستيريا الاستعراضية وانتاج الفراغ!

مدير كلية العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية في طرابلس الدكتور كلود عطية:

مواقع التواصل الاجتماعي وفضائح المؤتمرات والندوات واللقاءات الافتراضية، حولت بعض البسطاء الى علماء، وبعض القراء الى كاتبي روايات.. أما الاشكالية الاعظم فهي استعراض الانتاج العلمي البحثي وتقديم عشرات الدراسات في فترات زمنية قصيرة متلاحقة.. وهي أبحاث تعود بدورها الى باحث لا شريك له.. بل تراه يجاهر بما اقترفت يداه من الصاق معلومات وصور في عيون جميع المتابعين والاصدقاء الفايسبوكيين وسواهم..

هي جدلية العلم المنهوب من الهواة، حيث تحولت المنصات الافتراضية الى هيستيريا في انتاج الفراغ.. وبات علينا أن نشاهد الابتذال والتملق والتقليد والتفنن في تشويه صورة العلم والبحث والجامعات والمراكز العلمية والبحثية..
اما الفضيحة الاعظم فهي تواطىء الكبار وانصياعهم وتقديمهم الطاعة أمام باحثة عارضة أزياء من هنا، وباحث عن المجهول هناك،حيث باتت المشاهدة تثير غضب الجماهير من المثقفين والباحثين الحقيقيين..

فلسفة الانزلاق الى القاع الأخلاقي الأكاديمي، ترافقت مع توهم العارضات بأنهن يحلقن الى فضاء العلم والمعرفة بأناقة أجسادهن وتبرج وجوههن وتلك اللكنة الغريبة التي تخلق أجواء الاثارة والرغبة وتضغط باتجاه استقبالهن واستضافتهن عشرات المرات.. لاسباب تعود بالدرجة الاولى الى شعور القيمين بالنقص العاطفي والجنسي.. هي كارثة العالم الافتراضي الذي سمح بتحليق الفارغات في فضاء الشهرة البحثية والعلمية، فالمرأة المثقفة نفسها- ودون تعميم طبعا- ما زالت رهينة بنيتها الاجتماعية ونسق تصوراتها الذهنية حيث لا ترى نفسها الا جسداً فاتنا؛ هو رأسمالها الرمزي في تحقيق مكاسب فردية أبعد ما تكون عن ارتقاء العلم وتحقيق المساواة بين الجنسين.
في السياق نفسه، نطرح معجزة الاكتشاف لمدراء التجمعات والمؤسسات والمراكز البحثية لهذه الوجوه الجديدة الجميلة ومهارتها في دمجهن في مؤتمراتها وندواتها، التي وصلت الى حدود صناعة مؤتمرات جديدة لأجل مشاركة هذه النوعية من الباحثات.. والاعظم من ذلك هو تحول العارضات العلميات الى احتلال المراكز والمناصب في هذه المؤسسات حيث أصبحن بسرعة البرق من أهل بيت العلم والعلماء والثقافة والبحث والمعرفة..

أما الاسئلة الاشكالية التي يمكن أن نطرحها هنا: من يقف وراء عارضات مواقع التواصل الباحثات؟ من يمولهن؟ من يسوّق لهن؟ وما هي الاهداف؟
لا بدّ من الاشارة هنا، الى أن هناك منظمات مشبوهة فكريا وايديولوجيا تدعم هذه النوعيات من البشر.. كما ان هناك شخصيات كرتونية مخابراتية تلعب دورا مهما في كسب تأييد الباحثين لاهداف استراتيجية تتعلق بها.. وغيرها الكثير من الاسباب التي تخوّل هؤلاء الى الدخول في معترك الانتاج الافتراضي واحتلال مواقع التواصل الاجتماعي بصور مؤتمراتهن وابحاثهن وكتبهن وكل لقاء علمي هوليودي..
هي حالة استثنائية تستحق البحث والتقصي من باحثين مبدعين منتجين، علنا نصل الى فك لغز هذه الهيستيريا المجنونة التي سيكون لها انعكاسات سلبية وخطيرة على الواقع البحثي والتعليمي..

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى