قريباً… محمية أرز الشوف كموقع عالمي؟
مدير المحمية، نزار هاني، أشار إلى أنّه “في الأزمة الحالية، تثبت المحمية مرة جديدة أنّها قادرة على التكيّف مع التغيّرات المناخية والصعوبات التي تواجه الموارد الطبيعية، وبالوقت نفسه مع الصعوبات التي تواجه الناس. وهذا ما حاولنا تثبيته منذ سنوات، حينما قمنا بدراسة القيمة الاقتصادية لمحمية أرز الشوف في العام 2015، وتبيّن أن قيمتها 19 مليون دولار سنوياً، يعني أن كل دولار يُستثمر في المحمية يردّ لنا 19 دولاراً، وهذه القيمة هي خدمات إيكولوجية كالمياه، عزل الكربون، سياحة بيئية، منتجات محلية (عسل ومونة)، ومداخيل للزوار ولمقدمي الخدمات والدولة والبلديات. والمحمية تعتبر اليوم المحرّك الأساسي للاقتصاد المحلي للقرى المحيطة فيها، إذ يبلغ عدد موظفي المحمية 60 شخصاً كفريق ثابت، بالإضافة إلى موظفين موسميين يعملون في كافة المشاريع الزراعية إلى جانب تنظيف الغابات والتحريج والإرشاد، ويزيد عددهم عن 400 شخص، وبالتالي المحمية تستطيع أن تتكيّف مع الأزمات”.
“الحدود هي السماء والطموح كبير”، هكذا يصف هاني طموحات المحميّة وأهدافها التي تسعى اليها، معلناً أنّ “أحد المشاريع التي نعمل عليها، إعلان المحمية ومحيطها موقع تراث عالمي، كما نحاول إنشاء محمية بين الشوف وجزين، وهي محمية تهتم بالشؤون والإرث الجيولوجي، ونريد تعزيز نشاطات الحماية بإطار المحمية الواسع، كوادي نهر الأولي، ووادي نهر الدامور، وكل المناطق الطبيعية التي من الضروري حمايتها، كما ونقل الخبرة من الشوف إلى مناطق أخرى، وهو ما سنبدأ العمل عليه بمشروعٍ جديد مع الاتحاد الأوروبي، يبدأ من شباط ويمتد لأربع سنوات، ويدور حول نقل الخبرة إلى جزين، وجبل حرمون في راشيا، ومحمية شاطئ صور، والمتن والبقاع الغربي وغيرها من المناطق التي من الممكن أن تستفيد من هذه التجربة”.
وبلمحة عن إنجازات المحمية في العام المنصرم، يبدو واضحاً حجم الاهتمام الخاص الذي أولته المحميّة للمجتمع المحلي وضرورة دعمه. وقد أوضح هاني أنّ، “المحمية تندرج ضمن برنامج الأونيسكو، تحت عنوان “الإنسان والمحيط الحيوي”، وهدف هذا البرنامج إشراك الناس والمجتمعات المحلية المحيطة بالمحميات بشكل فعلي. يعني أن الناس معنيّون بالمحافظة وحماية الموارد الطبيعية، وهذا الأمر كان أولوية في محمية أرز الشوف التي تعمل بتناغم كامل مع البلديات وأفراد المجتمع المحلي من أطراف منظمة كالتعاونيات والمجموعات الشبابية والكشفية والنسائية، بالإضافة إلى أولئك المهتمّين بالإنتاج والزراعة. ونتعاون مع الصيادين والرعاة، رغم تعاملهم بطريقة لا تتماشى مع المحمية، ليكونوا جزءاً من إدارة هذا النظام الإيكولوجي، وهذا التعاون جزءٌ من الممارسات المحلية التي نستفيد من وجودها لحماية النظام الإيكولوجي بشكل مستدام”.
وقال: “كل المجتمع مستهدف إنطلاقاً من أصحاب القرار المعنيين بإدارة الأراضي والموارد وصولاً إلى مستخدمي هذه الأراضي: المزارعين والرعاة والصيادين، بالإضافة إلى الفئات الشبابية، وهي المستقبل والتغيير. فالأعمال بمحيط المحمية تديرها فئة الشباب، وهذا مؤشّر جيد جداً، وحتى الأعمال الزراعية الجديدة التي تسير تحت برامج المحمية، وخاصة الزراعة المستدامة، تخضع لإدارة هذه الفئة. كما أنّ الأطفال وأساتذة المدارس، وكل الناس معنيّون بحماية الزوّار، إلى جانب الدفاع المدني المعني بحماية الأحراج، والصليب الأحمر، والقوى الأمنية، ووزارة البيئة، المرجع لكافة المحميات، ووزارة الزراعة، وهي المرجع لإدارة الغابات، ووزارة الداخلية والبلديات التي نتساعد معها عبر المخافر ووحدة الحراسة التابعة لأمن السفارات التي تساعد الفريق على الحفاظ على الموارد ونشاطات الحماية. وكل المجتمع المحلي هو صديق ومساند وداعم، ونريده مشاركاً بفعالية بإدارة المحمية”.
ولفت إلى، “الجهات الداعمة للمجتمعات المحليّة، كالبرنامج الغذائي العالمي، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وغيرها من الجهات المانحة التي تدعم هذه البرامج وتساندنا بالأعمال التي نقوم بها، وحالياً هناك 150 شخصاً يعملون بنشاطات مختلفة موسمية حول المحمية، من تنظيف دروب وغابات وأراضٍ زراعية، وكيفية إعادة تأهيل المدرجات الزراعية القديمة، وإعادة زرعها ليكون محيط المحمية منتجاً، ويحافظ على الأمن الغذائي، ويساعد الأهالي على زيادة الإنتاج”.
ورداً على سؤال حول دور الدولة والمطلوب منها، قال: “بالنسبة للدعم الرسمي، النيّة موجودة والتعاون قائم مع الوزارات كافة، وخاصة وزارتَي البيئة والزراعة، وهو كبير. الإدارات لديها إمكانيات أقل، كما ونعمل مع البلديات، لأن لجنة المحمية مؤلّفة من رؤساء البلديات المحيطة بالمحمية، وهناك تعاون مع بلديات الشوف والبقاع الغربي والبلديات بالنطاق الأوسع، كالقرى المحيطة، والتعاون يتوسّع ويتوطد، لكن الإمكانيات اليوم بالنسبة للدولة أقل، بظل الأزمة الحادة التي نمرّ بها”.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook