آخر الأخبارأخبار دولية

ساديو ماني.. من “جينيراسيون فوت” السنغالي إلى الكرة الذهبية


نشرت في: 01/01/2022 – 12:00

الصعود الصاروخي للسنغالي ساديو ماني من مسقط رأسه إلى نادي ليفربول العريق يعود فيه كثير من الفضل إلى الشراكة بين نادي “جينيراسيون فوت” في السنغال وميتز الفرنسي. وهو طريق مكنه من بلوغ قمة كرة القدم أفريقيا وأوروبيا.

إنه أول لاعب سنغالي يتوج بلقب الدوري الإنكليزي وهو الأول الذي تجاوز عتبة مئة هدف في البطولة ذاتها كما أنه أول سنغالي يسجل في نهائي دوري أبطال أوروبا… فهل سيكون ساديو ماني أول سنغالي يتوج بلقب كقائد لمنتخب “أسود التيرينغا”؟ فيما يلي عودة على المسيرة الرائعة لنجم ليفربول مع اقتراب انطلاق كأس الأمم الأفريقية في الكاميرون.

الهروب من أجل كرة القدم

ولد ساديو ماني في بلدة بابمبالي القروية في جنوب منطقة كازامنس، في 10 أبريل/نيسان 1992. وبدا عليه سريعا شغفه بكرة القدم، لكن والده، إمام الجامع المحلي، لا يؤمن بحلم ابنه أن يصبح لاعبا محترفا. وأمام معارضة والده، رحل ساديو سرا إلى العاصمة داكار للقيام باختبار، لكن المحاولة باءت بالفشل. وبالمقابل، حصل الفتى على دعم أمه لممارسة لعبته المفضلة شريطة مواصلة الدراسة والحفاظ على مبادئ الإسلام.

في عمر 15 عاما، دشن ماني مرحلة جديدة في مسيرته وبمباركة عائلته، إذ نال اهتمام مكتشف مواهب في مدينة مبور على بعد 80 كيلومترا جنوب شرق العاصمة ليشارك في دورات “نافتانس” وهي بطولات كرة القدم في الأحياء. وعلى إثرها، عرض عليه إجراء اختبارات في داكار.

استذكر جول بوشار، الذي كان حينها مكلفا بالانتداب في نادي “جينيراسيون فوت”، تلك الفترة في اتصال مع فرانس24، قائلا: “كنا ننظم اختبارات في مدرسة الشرطة بداكار. جلب مساعدي في مبور أفضل أربعة لاعبين من بينهم ساديو ماني. شكلت فريقين من اللاعبين الجدد لخوض مباراة ولعب في خط الهجوم (رقم 10)”. وتابع: “لم يمر من الوقت سوى ربع ساعة حتى أثار انتباهي. فأوقفت اللعب، وقلت لمساعدي: هذا الولد من شأنه أن يصبح نجما في المستقبل”.

جذب ساديو ماني أعين مستكشفي اللاعبين في وقت قياسي نظرا لمهارته الفنية وسرعة أداءه وقدرته على اختراق الدفاع. وبالنظر إلى إمكانياته، وضعه جول بوشار الذي يتولى أيضا تدريب الفريق الأول لـ”جينيراسيون فوت” في الجانب الأيسر للهجوم وهو نفس المركز الذي يشغله اليوم في ليفربول.

جينيراسيون فوت منجم من ذهب لنادي ميتز الفرنسي

ويعتبر نادي “جينيراسيون فوت” فريقا رائدا في السنغال. وأسسه مادي توري الذي تحول إلى وكيل أعمال لاعبين بعد مسيرة كروية قصيرة بسبب الإصابة، وقد تخصص في اكتشاف المواهب الأفريقية. ولاقى أول لاعب عرضه على نادي ميتز نجاحا باهر إذ تعلق الأمر بالتوغولي إيمانويل أديبايور الذي بدأ مسيرته الأوروبية في النادي الفرنسي قبل أن تلحق به مواهب أفريقية أخرى على غرار سامبا ساو ودينو جيبا.

كان ذلك قبل صدور قانون من الفيفا يمنع تنقل اللاعبين القصر. كما تزامن مع بدء التساؤل عن إمكانية تجديد الشراكة بين ميتز و”جينيراسيون فوت”. وفي ذلك الوقت، سلم الرئيس التاريخي لنادي ميتز كارلو موليناري مقاليد التسيير لبرنار سورين.

وقال سورين لفرانس24: “كان يجب بناء مركز تكوين حقيقي للحفاظ على المواهب إلى غاية سن 18 عاما. وقد قررنا الاستثمار في البنية التحتية”.

وعلى ضفاف بيحرة “روز” حيث شيد مادي توري ميدان كرة قدم، تولى نادي ميتز بناء مركب رياضي واسع سيكون أكاديمية لكرة القدم يضم ملعبا بمدرجات للمشاركة في الدوري وملاعب تدريب ومدرسة ومبيت. وكلف ميتز أوليفيه تيران بإدارة  المشروع وتابع بشكل يومي تقدم البراعم الموهوبة.

بالموازاة، بدأ نادي “جينيراسيون فوت” بالمشاركة في الدوريات المحترفة في السنغال لكنه صعد للأقسام العليا بشكل سريع بفضل مواهبه الشابة. ومع ساديو ماني في صفوفه، صعد إلى الدرجة الثانية، وحتى إن غادر ماني باتجاه نادي ميتز، فقد واصل الفريق السنغالي صعوده من دونه. ويلعب اليوم في الدرجة الأولى وفاز اللقب مرتين.

رحيل مبكر من ناي ميتز

في شرق فرنسا، كان اندماج السنغالي الصغير بطيئا، إذ عانى من مشاكل بدنية بسبب إصابة قديمة، ولم يتألق بشكل فوري مع مشاركته مع فريق الشباب ثم مع الفريق الرديف لنادي ميتز. لكن برز سريعا مع المحترفين.

وقال سورين: “إمكانيات ساديو ماني أهلتنا من الدقيقة الأولى التي وضع فيها قدمه في ملعب سان سنفوريان. أتذكر ذلك بشكل جيد. كانت مباراة ضد باستيا، وقد رواغ لاعبين وحصل على ضربة جزاء. كان رائعا بالنسبة للاعب في بداية مسيرته على الملاعب الأوروبية”. وأضاف: “كان يملك الجودة، لم يلعب معنا سوى 11 أو 13 مباراة ليقع استدعاؤه للعب مع المنتخب الأولمبي السنغالي ومن ثم المنتخب الأول”.

وكان يمكن لساديو ماني أن يصنع ربيع ميتز، لكن النادي نزل إلى الدرجة الثالثة للمرة الأولى في تاريخه. وكان مركز الفريق كناد محترف مهددا بحكم قربه من الإفلاس. وكان على الإدارة بيع اللاعبين للحفاظ على التوازن المالي. وفي آخر يوم من سوق الانتقالات، انفصل عن لاعبه الواعد السنغالي الذي تم بيعه بأربعة ملايين يورو لنادي سالزبورغ النمساوي. وانفصل النادي أيضا عن خاليدو كوليبالي الذي أصبح أحد أهم لاعبي نابولي الإيطالي وزميل ماني في المنتخب.


في النمسا، واصل ماني صعوده وفرض نفسه كلاعب أساسي في الفريق الذي لعب له 85 مباراة وسجل 45 هدفا. وأنهى موسم 2013-2014 كأفضل هداف للفريق بتسجيله 15 هدفا . وحصل مرتين على لقب الدوري النمساوي واكتشف دوري أبطال أوروبا.

وأبدى ساوثامبتون اهتمامه بماني لينتقل السنغالي في سن 23 عاما إلى الدوري الإنكليزي المعروف بأنه الأقوى أوروبيا. وهناك، جذب إليه الأنظار مجددا خصوصا أنظار المدرب الألماني يورغن كلوب الذي طلب التعاقد معه في ليفربول.

تمت الصفقة بـ36 مليون يورو وجعلته اللاعب الأفريقي الأغلى في تلك الفترة ليصبح ثالث لاعب سنغالي يرتدي قميص “الريدز” التاريخي بعد ساليف دياو ومثله الأعلى في صغره الحاجي ضيوف.

وإلى جانب نجم المنتخب المصري محمد صلاح والبرازيلي فيرمينو، صنع ماني ثلاثيا هجوميا مرعبا لكل دفاعات إنكلترا وأوروبا. ولم تتأخر الألقاب في الوصول، منها دوري أبطال أوروبا في 2019 وكأس العالم للأندية في العام ذاته وبطولة الدوري الإنكليزي في 2020.

مع المنتخب، قاد ساديو ماني السنغال إلى نهائي كأس أمم أفريقيا 2019. وسجل ثلاثة أهداف وقدم تمريرة حاسمة في ست مباريات لكنه لم يبرز أمام الجزائر في النهائي ليفقد آماله في تحقيق لقب لبلاده. لكنه نال لقب أفضل لاعب أفريقي في سنة 2019 متقدما على محمد صلاح ورياض محرز.

“جينيراسيون فوت”، المصدر الأول للاعبي المنتخب

السنغال لن تنسى أبدا ماني. ففي نهائي دوري أبطال أوروبا 2018 الذي خسره ليفربول أمام ريال مدريد، أهدى 300 قميص للنادي الإنكليزي إلى قريته بامبالي. كما مول ماني توسعة معهد في مسقط رأسه وهو دائما يزور نادي “جينيراسيون فوت” حيث يحمل أحد المباني اسمه.

ويفخر كل من النادي السنغالي وميتز الفرنسي بنجاح الشراكة بينهما والتي مكنت من بروز حبيب ديالو (سترازبوغ) وإسماعيل صار (واتفورد الإنكليزي)  وباب ماتار صار (توتنهام).

وعلى الرغم من المنافسة المتصاعدة مع فريق داكار – ساكري كور (شريك أولمبيك مارسيليا) أو معهد ديامبارز (مع أولمبيك مارسيليا)، يبقى التفوق لنادي “جينيراسيون فوت” إذ يقول برنار سورين: “النموذج الذي تبنيناه أثبت فعاليته. فزنا مرتين بالدوري ولعبنا كأس أفريقيا. وتحظى أكاديميتنا باهتمام خاص. عندما نرى منتخب السنغال، من أصل عشرة لاعبين أساسيين هناك خمسة خرجوا من شراكتنا، هذا ما يعطي سمعة أكبر لأكاديميتنا”.

ويقول ساليف ديالو المراسل الصحافي ورئيس قسم الرياضية في وكالة الأنباء السنغالية في اتصال مع فرانس24: “شراكة جينيراسيون فوت مع ميتز سمحت بتحسين مستوى الكرة السنغالية، جينيراسيون فوت يمثل العمود الفقري للمنتخب. وينطبق الأمر على الجيل الحالي وعلى الأجيال المقبلة”.

وإذا ما نجحت السنغال في الفوز بأول لقب قاري في تاريخها بالكاميرون، فإن الفضل سيعود في جزء كبير منه إلى نادي “جينيراسيون فوت”.

 

رومان ويكس – عمر التيس

//platform.twitter.com/widgets.js


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى