آخر الأخبارأخبار دولية

رياض محرز.. من سارسيل إلى قمة كرة القدم الأفريقية


نشرت في: 31/12/2021 – 14:18

يأمل قائد المنتخب الجزائري رياض محرز، نجم مانشستر سيتي الإنكليزي، بتحقيق حلم الفوز بكأس الأمم الأفريقية للمرة الثانية تواليا عندما يخوض المنافسة في يناير/كانون الثاني في الكاميرون، ضمن فريق لم يذق مرارة الخسارة في 33 مباراة. لكن ضريبة النجاح لابن مدينة سارسيل بالضواحي الباريسية، كانت غالية كما يروي وقال مقربون منه، ثم إن نجاحه في عالم المستديرة ليس وليد الصدفة بل جاء بعد مسيرة حافلة بالعمل الشاق الذي بذله “اللاعب الساحر”.

سيتوجه رياض محرز إلى الكاميرون لخوض كأس الأمم الأفريقية 2021 وهو عازم على تحقيق “ثنائية” تاريخية، بعد أن قاد منتخب بلاده الجزائر في 2019 إلى الفوز باللقب. لكن فنان الساحرة المستديرة عانى خلال مساره وتأخر سطوع نجمه بعض الشيء قبل بلوغ القمة.

إن لمحرز ملعب يحمل اسمه. فقد بات أحد ميادين المركز الرياضي نيلسون مانديلا بمدينة سارسيل، في الضواحي الشمالية لباريس، يحمل اسم ابنها المدلل رياض محرز نجم مانشستر سيتي وقائد “ثعالب الصحراء” أبطال أفريقيا.

ومع ذلك، فإن مسيرة اللاعب تبقى متميزة مقارنة بنجوم كرة القدم العالمية، ذلك أن محرز لم يحظ بفرصة تكوين في مراكز الأندية الكبرى بالرغم من موهبته الهائلة. وقال زميله السابق في نادي سارسيل هايل مبمبا: “في الواقع، شخص واحد فقط كان يؤمن بنجاحه، إنه رياض محرز نفسه”. وأضاف: “لديه قوة شخصية أعلى من المتوسط”.

“لا أدري كيف.. لكني سألعب كأس العالم بالبرازيل”

بالنسبة لرياض محرز، بدأت القصة في هذا النادي المتواضع بالضواحي الباريسية والذي التحق به حين كان يبلغ 12 عاما. رياض لم يتوان عن الانغماس في هوايته المفضلة لساعات كاملة، من المروج إلى الميادين الواسعة، لكنه لم يكن سوى مجرد لاعب عادي في عيون كاشفي المواهب. وبالرغم من قدراته التقنية العالية، إلا أن هذه الميزة لم تكف للفت انتباه الأندية في ما يعتبره كثيرون أكبر حوض للمواهب الشابة في أوروبا.

ومنذ البداية، برزت مهارته الفنية ضمن زملائه في الفئات الصغرى، لكن الأمور تعقدت عندما انتقل إلى ممارسة كرة القدم في الملاعب الكبرى نظرا لضعف بنتيه الجسدية (ما بين 12 و16 عاما). ولهذا السبب، كان الوضع صعبا بعض الشيء بالنسبة له مدة ثلاثة أعوام، إذ كان يلعب خلال تلك الفترة في الفريق الرديف. وفيما استغل عدد كبير من اللاعبين مناسبة المنافسات الاتحادية للانضمام إلى أندية كبرى، كان محرز عاجزا عن تخطي العقبات، كما أكد محمد كوليبالي، المدير التقني لنادي سارسيل لمجلة “سو فوت” الرياضية الفرنسية.

لكن، على الرغم من المحن، كان رياض محرز مصرا ومتماسكا. وفي تلك الفترة، كان يقول ويردد: “سوف أصل إلى المبتغى، لا أدري كيف.. لكني سألعب كأس العالم بالبرازيل [في 2014]”. في المقابل، كان مدربوه يجاوبونه: “لن تتمكن حتى من اللعب في سارسيل!”، كما يروي محمد كوليبالي.

وفي نهاية المطاف، أثمرت ثقته بالنفس إذ مع اقترابه من سن الرشد نمى جسده ليتمكن محرز من الانضمام إلى فريق الأول بنادي سارسيل، مسجلا أهدافا مهمة ومُحولا ركلات حرة إلى داخل المرمى ضمن دوري “الشرف” المعادل لدرجة الثامنة في الدوري الفرنسي.

بالموازاة، لم يتخل المراهق عن حلمه بالاحتراف. ولتحقيق ذلك، سافر جوا أو برا لإجراء تجارب في جميع أنحاء أوروبا.

في 2009، حين كان في سن الثامن عشر، انضم لنادي كامبير في منطقة بروتاني (غرب فرنسا) ضمن الدرجة الرابعة، حيث تعلم المزيد عن مهنة كرة القدم. إنها بداية صعود منتظم. ففي السنة التالية، التحق بنادي “لوهافر”، بمنطقة النورماندي (شمال غرب)، لينتقل في وقت قصير من الفريق الرديف (هواة) إلى المجموعة المحترفة ضمن منافسات الدوري الفرنسي لقسم الدرجة الثانية (المحترفة).

لاحقا وبعد أربعة أعوام قضاها في النورماندي، مضى رياض محرز لخوض المغامرة الإنكليزية مع نادي ليستر، ضمن بطولة الدرجة الثانية الإنكليزية. في البداية، تردد اللاعب واستشار أصدقاءه في سارسيل قبل أن يقتنع بالذهاب. لكن الخيار كان صائبا: محرز، الفرنسي والجزائري في آن واحد، كتب أسطورته مع صعود ليستر إلى الدوري الممتاز في العام التالي قبل كتابة صفحة تاريخية في سجل الفريق بفوز من يلقبون بـ”الثعالب” بلقب الدوري في 2016.

في 2018، وقع رياض محرز إلى جانب نجوم مانشستر سيتي الذي يشرف على تدريباته الإسباني بيب غوارديولا وظفر بلقب الدوري في 2019 و2021، وخاض نهائي دوري أبطال أوروبا في 2021.

الجزائر.. لا جدال

لم يتردد رياض محرز، المزدوج الجنسية (فرنسية وجزائرية) في اختيار اللعب دوليا لمنتخب الجزائر، البلد الأصلي لوالديه [والدته من أم مغربية ووالد جزائري]. في 2014 وهو في الثالثة والعشرين من العمر، تم استدعاؤه لصفوف “الخضر” بمناسبة تربص تحضيري لمونديال البرازيل. لفت نظر المدرب وحيد خليلوزيتش، ليتحقق حلم البرازيل الذي كان يراوده طفلا. وبلغت الجزائر الدور ثمن النهائي قبل أن تتعثر أمام ألمانيا، التي حملت لقب هذه الدورة.

مشوار وتضحيات ورثها عن مأساة، إذ قال في 2015: “أفكر في والدي الذي رحل قبل سنوات. أعتقد أنه ينظر إلي من الأعلى وأنه فخور. كل ما أفعله، هو أيضا من أجله. كنت أتمنى أن يشاركني هذه الفرحة، لكن هذه هي الحياة. حين نفقد أقرباءنا، يجب أن نتقدم…”.

مع الجزائر، تسلق السلم حتى تمكن من الحصول على شارة القائد ورفع كأس الأمم الأفريقية 2019 في مصر. وكان مهندس الفوز على نيجيريا في نصف النهائي إذ سجل هدف الفوز (2-1) ببراعة في آخر دقيقة من زمن المباراة.

عضو فعال في مسقط رأسه سارسيل

على الرغم من كل النجاحات والشهرة، لم ينس رياض محرز سارسيل وحي “سابلون”. فبعد النجاحات التي حققها في كأس الأمم الأفريقية، تم استقباله من قبل عمدة المدينة في مقر البلدية لمنحه ميدالية المدينة، تحت أنظار والدته التي كانت علامات التأثر والفخر بادية في عينيها.

وقال عمدة المدينة باتريك حداد: “كان من الطبيعي أن أستقبله. نعتبر أنه يمثل نجاحا رمزيا وأنه يحمل صورة المدينة. لهذا كنا حريصين على منحه اعترافا رسميا حتى نقول له إننا فخورون بمساره الذي يظهر للجميع، خصوصا الشباب، أن فضاء الممكن واسع حين نمنح لأنفسنا الأدوات اللازمة”.

ويشارك رياض محرز بفعالية في الحياة الاجتماعية لمدينته، ويدعو بانتظام شباب نادي سارسيل لكرة القدم إلى مانشستر لحضور مباريات ناديه. ومع ستيف ياغو، اللاعب الدولي النيجيري السابق الذي يتحدر من سارسيل، دفع جوائز للفائزين بمنافسة “كأس أمم الأحياء”. وقال إنه يتمنى القيام بالمزيد من أجل الشباب في “المستقبل”. والمستقبل القريب يمر عبر الكاميرون خلال كان 2021. ويسعى محرز مع رفاقه إلى الظفر بالكأس للمرة الثانية على التوالي.

 

رومان ويكس


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى