إطلالة عون اليوم: تصعيد ضد بري.. وترك الباب مُوَاربَا مع حزب الله
الميلاد في بكركي هذا العام كانت الأخيرة بصفته رئيسا للبلاد الا اذا جرى التمديد له. وللمفارقة فان رئيس الجمهورية الذي اعتذر عن عدم المشاركة في القداس الاحتفالي في بكركي العام الماضي بسبب الظروف الصحية المتأتية عن “كورونا”، لم يطلق اي موقف سياسي حاد هذا العام من بكركي انما اكتفى بالتمني للبنانيين ان يعيدوا بظروف افضل تاركا الكلام لليوم الاثنين
بالعودة إلى السنوات الماضية التي تلت انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية في 31 تشرين الأول 2016، فقد أكد الاخير في 25 كانون الأول 2016 بعد خلوة جمعته بالبطريرك الماروني أنه “سنعمل بجهد لكي نحقق الانتصارات ونملأ الفراغات في الإنجازات والسلطة بالأشخاص والكفاءات وبكل ما يلزم من أجل تحقيق كل الأمنيات”. لكن في 25 كانون الأول 2017 طغى الخلاف بين بعبدا وعين التينة على كلام رئيس الجمهورية حيث طالب المعترضين،في إشارة إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، على منح سنة أقدمية لضباط الدورة المسماة على اسمه، باللجوء إلى القضاء، ليعتبر في كلمة ألقاها من بكركي في 25 كانون الأول 2018 “أن عملية تشكيل الحكومة تواجه معركة سياسية تحول دون التأليف”،في إشارة يومذاك لتمثيل “سنة 8 آذار” في الحكومة، ليشدد في تصريحات أدلى بها عقب لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي في 25 كانون الأول 2019 على أنه ليس رئيس حزب التيار الوطني جبران باسيل، من سيشكل الحكومة في إشارة إلى حكومة الرئيس حسان دياب والذي قال إنه من الخطأ اعتبارها حكومة حزب الله.
ما تقدم من مواقف يؤكد ان علاقة عون بالقوى السياسية لم تكن على ما يرام خاصة الذين وقفوا في وجه تحقيق ما كان يصبو إلى إنجازه على مستوى الانضباط في مالية الدولة ومكافحة الفساد وترسيم الحدود. ففي السنوات الماضية تقلبت سياسة الرئيس عون من تسوية مع رئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري كان حزب الله داعما لها، الى اشتباك سياسي حاد مع تيار المستقبل ورئيسه، ومن التأكيد على اهمية اعلان نيات مع حزب القوات اللبنانية الى الاعلان عن سقوطه. اما العلاقة بين الرئيس عون ورئيس حزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط فتحكمها الحسابات السياسية وغالبا ما تراوحت بين المد والجزر ولا تزال تخضع لذلك، في حين أن السنوات المتتالية اثبتت ان التفاهم شبه مستحيل بين الرئيس عون والرئيس بري و”العداء” بينهما لم يستطع حليفهما كسره رغم كل محاولاته.
لكن ماذا عن حزب الله؟
لقد مرت علاقة رئيس الجمهورية بحزب الله بأكثر من قطوع، لا سيما في السنوات الماضية ربطا بانتخابات العام 2018 التي تركت ندوبا في العلاقة بين الحزب والتيار وكشفت عن شوائب وثغرات، لكن كل التباينات كان يجري العمل على معالجتها من خلال البحث عن قواسم مشتركة، علما أن الحزب غالبا ما كان يلجأ مسؤولوه إلى الفصل بين الرئيس عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي يضع حزب الله ملاحظات على أدائه ربطاً بمحطات مختلفة كان يجري العمل على معالجة شوائبها من خلال تشكيل لجان من الطرفين تعمل على تبديد الهواجس.
لطالما صوب التيار الوطني الحر سواء بشخص رئيسه او من خلال مواقف يطلقها نواب عونيون على حزب الله الذي انحاز لصالح حركة أمل لحسابات شيعية على حساب بناء الدولة وصولا إلى تحميله مسؤولية الازمة الاقتصادية باعتباره أن المقاومة والفساد لن يمشيا (يمرّا) مرورا بالمجاهرة في الاعلان عن خلافات حول مواضيع لا تتوافق مع مصلحة لبنان من وجهة نظر البرتقاليين.
على وقع كل التخبط الحاصل والذي وصل إلى نقطة اللا رجوع في موضوع التحقيق في انفجار مرفأ بيروت ما يستدعي مراجعة نقدية من كلا الطرفين لأسس التفاهم، يطل رئيس الجمهورية اليوم مع بدء العد العكسي للاستحقاقات المقبلة والتحديات التي تواجه عمل المؤسسات. فما سيقوله الرئيس عون اليوم سيكون بمثابة جردة حساب لمشاريعه ومواقفه من الازمة الاقتصادية والمالية إلى محاربة الفساد والتدقيق الجنائي وما حققه وما عجز عن تحقيقه بفعل أداء الحلفاء والخصوم. وبالتالي فإنه سوف يخلط الأوراق سياسيا وقضائيا وستكون اطلالته متناغمة مع مواقف باسيل الأسبوع الفائت وإطلالة الأخير المرتقبة في 2كانون الثاني المقبل.
وتشير مصادر مقربة من بعبدا إلى أن الرئيس عون سيجدد حرصه على عمل المؤسسات من خلال إصراره على عقد جلسات للحكومة وتمسكه بمطلبه لجهة أن يدعو رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى جلسة لمجلس الوزراء في أسرع وقت، وصولا إلى تحميل الثنائي الشيعي مسؤولية التعطيل، والتأكيد على أهمية استقلالية القضاء وابعاده عن التجاذبات السياسية عطفا عن أن مواقفه ستكون متناغمة مع عظة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في قداس الميلاد والتي حملت رسائل في كل الاتجاهات.
والأكيد وفق المصادر نفسها أن الرئيس عون سوف يصعد في وجه رئيس المجلس النيابي، لكنه سيبقي الباب مُوَاربَا مع حزب الله لاعتبارات سياسية واستراتيجية تفرض عدم تفجير العلاقة مع الحزب.
في المقابل اعتبرت اوساط سياسية أن ثمة افكارا يعمل عليها في الكواليس من أجل ايجاد مخرج ما يتيح التوصل إلى مقايضة انتخابية – قضائية. ولذلك من الخطأ المبالغة في التهويل والتأويل للمواقف التي سيعلنها الرئيس عون، خاصة وأن تواصلا حصل في الأيام الماضية بين مسؤول وحدة الارتباط في حزب الله الحاج وفيق صفا وباسيل على خلفية مواقف الأخير وجرى التأكيد على أهمية عدم انفلات الأمور وخروجها عن السيطرة والتمسك بورقة مار مخايل.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook