إنه زمن الرجاء… لبنان سيقوم سيهزم الموت وسينتصر
إنه زمن الرجاء. هذا ما بشرّ به ملائكة السماء رعاة الأرض يوم ميلاد المخلص. ولولا هذا الرجاء لأصبحت الحياة رتيبة ومن دون هدف أو معنى. وكما هي الحال في الإيمان هكذا هي حالنا في لبنان، الذي سينتصر حتمًا على الآمه، مهما طال درب الجلجلة. ولا بدّ من أن ينجلي فجر جديد ويزال الكابوس عن صدور اللبنانيين، الذين تحمّلوا ولا يزالون يتحمّلون ما لم يتحمّله شعب آخر على وجه الكرة الأرضية.
هذا هو الرجاء الذي يجعل كل واحد منهم يعضّ على جرحه، لأنه يعرف في قرارة نفسه أنه بعد الليل الطويل لا بدّ من أن ينبلج فجر جديد، وبعد كل طلعة هناك نزلة، وبعد كل سقطة سيكون نهوض وإستنهاض.
ما نقوله ليس شعرًا أو مجرد عاطفة فرضها المناخ الميلادي الإيجابي، بل هو واقع يستند إلى تجارب الماضي. فما مرّ به اللبنانيون منذ الإستقلال حتى اليوم أكبر شاهد على أن المآسي، على رغم قساوتها، لا تدوم. فالحرب التي روعّت وشرّدت وهجرّت ويتّمت وأثكلت كثيرين وضع إتفاق الطائف نهاية لها. وكانت بداية جديدة، إنمائيًا وعمرانيًا وحركة إقتصاديًا ونمّوًا وبحبوحة.
ولكن المصيبة أن غالبية الذين توالوا على السلطة لم يعرفوا أن يستثمروا هذه الإيجابيات، ولم يفكرّوا سوى بمصالحهم الشخصية حتى عدنا إلى نقطة الصفر، وحتى إلى ما دون هذه النقطة بأشواط.
هؤلاء الذين يُعرَفون بـ”المنظومة الحاكمة” لم يسعوا إلى بناء دولة حديثة تعتمد على إقتصاد إنتاجي هادف، ولم يستطعوا توظيف المناخات الإيجابية التي أرساها إتفاق الطائف، بإرادة عربية ودولية، على رغم الوصاية السورية، فأدخلونا من جديد في دهاليز محاصصات أدّت إلى خراب شامل على كل المستويات، بدءًا بإنهيار القطاع المصرفي، وهو كان الركن الأساسي للإقتصاد الحر. وكان يُعتقد أنه سيبقى صامدًا وحيدًا حتى ولو إنهارت المؤسسات الأخرى. لكن “المؤامرة” كانت أقوى من أي إرادة أخرى.
وعلى رغم كل ذلك لا تزال هناك إمكانية جديدة للنهوض عبر ما يعّول عليه من نتائج قد تفرزها الإنتخابات النيابية المقبلة، حيث ستكون عين الخارج مرّكزة على تفاصيلها، مع الأخذ في الإعتبار إمكانية إحتفاظ الأحزاب السياسية التقليدية بمواقعها المعروفة، مع التشديد على أن المطلوب تغييرٌ من داخل هذه الأحزاب، لأن النهج القديم الذي كان متّبعًا سيعرّض القيمين عليها، إلى أي جهة إنتمت، لعقوبات دولية موجعة، سواء على الصعيد الفردي أو على الصعيد الجماعي.
ونعود إلى البداية، إلى زمن الرجاء، وإلى زمن إنتظار القيامة، وإلى زمن الخيارات الصعبة، وزمن فرز الخيط الأبيض عن الخيط الأسود، مردّدين مع المتفائلين، ولو بحذر، أن لبنان سيعود من جديد وطن التلاقي، وسيعود إلى لعب دوره الريادي في المنطقة، وستكون له مكانته المعروفة، علميًا وتربويًا وثقافيًا وعمرانيًا وإنمائيًا، وسيعود منارة الشرق، ومستشفى الشرق وجامعة الشرق.
هذا ما نؤمن به، وهذا ما يحدونا إلى التفاؤل، مع العلم أن الواقع الحالي لا يوحي بهذا الشيء. ولكن وبما أننا ابناء الرجاء فالتسليم بالأمر الواقع ليس من قاموسنا، وليس من قاموس من يريد ويعمل على أن يوصل الوطن إلى برّ الإنتخابات النيابية بأمان وسلام.
هذا ما فعله في الماضي، وسيعيد الكرّة، مع الإصرار نفسه وتحمّل المسؤولية كاملة وغير منقوصة.
المصدر:
خاص لبنان 24
مصدر الخبر
للمزيد Facebook