مانشيت “النهار”: بين قلق أممي وأميركي… ميقاتي يطمئن
مانشيت “النهار”: بين قلق أممي وأميركي… ميقاتي يطمئن
يبدو ان الأزمات السياسية والمالية والاجتماعية قد تتراجع في الأسبوع الفاصل عن عيد الميلاد، ومن ثم في الأسبوعين الأخيرين من السنة الحالية، في سلم الأولويات قسراً، أمام الخوف المتعاظم من اجتياح المتحور الجديد لكورونا “اوميكرون” لبنان، الى جانب “دلتا” في البلد الذي كان درة البلدان العربية في قطاعه الصحي المتفوق، فاذا به اليوم يرتجف خيفة من تكرار فاجعة الأعياد في العام الماضي مع الواقع الدراماتيكي الذي بات يعاني منه القطاع الاستشفائي والصحي. وإذ برزت الصدمة الأولية مع تقدم لبنان قائمة الدول العربية قاطبة بمستوى انتشار المتحور الجديد كما بارتفاع كبير في منسوب عدد الإصابات اليومي بالوباء، فان المخاوف بدأت تتركز على احتمال تطور الأمور الى حدود العودة الى اقفال لم يعد يحتمله اللبنانيون في أي شكل وتحت أي ظروف قاهرة في ظل الانهيار والتأزم الذي يحكم واقع البلاد.
غير ان تقدم الهاجس الصحي لم يحجب تداعيات استمرار التأزم السياسي الذي يحاصر الحكومة ويشل مجلس الوزراء، فيما بات مستبعداً تماماً نشوء أي تطور ايجابي من شأنه انهاء الازمة الحكومية قبل السنة الجديدة. ولذا لم يكن مستغربا ان تستحضر في الساعات الأخيرة مسألة “الطمأنة” الى قرار دولي بالحفاظ على الاستقرار في لبنان التي تحدث عنها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كوصفة للقلق المتصاعد حيال شلّ حكومته على ايدي شركاء أساسيين فيها بعد تساقط كل المساعي والجهود والوساطات لحمل الفريق المقاطع لمجلس الوزراء على انهاء هذه الازمة. ولم يكن استحضار رئيس الحكومة للمناخ الدولي بعيدا من الاستعدادات للزيارة التي سيقوم بها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للبنان اعتبارا من بعد ظهر غد وحتى يوم الأربعاء المقبل في توقيت بالغ الدقة والتعقيدات بحيث يعوّل على هذه الزيارة لأرفع مسؤول اممي في الدفع دوليا وإقليميا نحو “منح” لبنان فترة سماح كافية لمنع انزلاقه نحو ما يخشاه كثر خارجيا وداخليا أي الانهيار الكبير ما لم تتضافر إرادات الدعم والمساعدة للبنان إقليميا ودوليا بالإضافة الى تحمل سلطاته مسؤلياتها الحاسمة في منع الانهيار.
رسالة غوتيريش
لذلك اكتسبت رسالة وجّهها غوتيريش امس عبر الفيديو الى الشعب اللبناني، عشية زيارته المرتقبة للبنان أهمية ودلالات من خلال حرصه على التوجه مباشرة الى الشعب اللبناني علما ان برنامج زيارته يلحظ لقاءات مع ممثلين لجماعات من المجتمع المدني كما مع فئات عدة تضررت في انفجارمرفأ بيروت.
وقال غوتيريش في رسالته : “يساورني بالغ القلق إزاء المحن التي تواجهونها اليوم. فقد أزهق انفجار ميناء بيروت المروع في العام الماضي أرواحا عزيزة، إذ راح ضحيته أكثر من 200 شخص ينتمون إلى أكثر من 12 بلدا – هم آباء وأمهات وبنات وأبناء وأصدقاء وزملاء… والأمم المتحدة تشاطركم حزنكم. حيث سقط ضحية الانفجار طفلان لموظفين في الأمم المتحدة كانا من بين أصغر الضحايا سنا. كما أسفر الانفجار عن إصابة حوالى سبعة آلاف شخص، كثير منهم أصيبوا بعجز دائم، وعن تدمير آلاف البيوت. وأنا أعلم أن الشعب اللبناني يريد إجابات عن تساؤلاته، وأسمع مطالبكم بإجلاء الحقيقة وإحقاق العدالة”.
وأضاف: “تزيد الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المتراكمة حدة معاناتكم. وتتفاقم هذه المعاناة من جراء جائحة كوفيد-19. وسأحل بلبنان في هذا السياق حاملا رسالة واحدة بسيطة، وهي أن الأمم المتحدة تقف إلى جانب شعب لبنان. فأسرة الأمم المتحدة قاطبة، من أفرقة سياسية وأفراد لحفظ السلام وعاملين في مجالي المساعدة الإنسانية والتنمية، تركيزها منصب على دعم لبنان وشعبه. وسألتقي، خلال زيارتي، بشخصيات مختلفة من القادة والشخصيات اللبنانية لمناقشة أفضل السبل لكي نقدم لكم الدعم من أجل التغلب على الأزمة وتعزيز السلام والاستقرار والعدالة والتنمية وحقوق الإنسان. وآمل أن تتاح لي الفرصة للحديث مع الشعب اللبناني من جميع الخلفيات والمجتمعات الأهلية وللاستماع إليه”.
ولفت الى ان “إيجاد الحلول الدائمة لا يمكن أن يأتي إلا من قلب لبنان. لذا من الضروري أن يضع القادة الشعب محط اهتمامهم في المقام الأول، وأن ينفذوا الإصلاحات اللازمة لإعادة لبنان إلى مساره الصحيح، بما في ذلك بذل الجهود من أجل تعزيز المساءلة والشفافية واجتثاث الفساد. والانتخابات المقررة في العام المقبل ستكون ذات أهمية أساسية. لذا يجب على شعب لبنان أن ينخرط بالكامل في اختيار الطريق الذي سيمضي فيه بلدكم قدما. ولا بد من أن تتاح للنساء والشباب كل الفرص الممكنة لأداء دورهم بالكامل. فذلك هو السبيل الوحيد الذي سيكفل للبنان وضع الأسس لمستقبل أفضل”.وختم: “ستكون الأمم المتحدة سندا للبنان في كل خطوة من هذه المسيرة”.
وبالتزامن مع هذا الموقف الاممي برز موقف جديد للإدارة الأميركية من لبنان اذ أعلن البيت الأبيض أنه “ينسّق مع فرنسا بشأن لبنان”. وقال: “ندرس فرض عقوبات على السياسيين الفاشلين”. واضاف: “لا نريد رؤية دولة فاشلة في الشرق الأوسط ومؤشرات على أن لبنان يسير نحو الفشل”.
.. وميقاتي يطمئن
في غضون ذلك كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يطمئن امام مجلس نقابة المحررين “الى أن هناك قرارا دوليا بعدم سقوط لبنان وبوقف تردي الاوضاع وإستمرار الانهيار الحاصل” . وشدد على “ان هناك مظلة خارجية وداخلية تحمي عمل الحكومة”، متوجها الى المطالبين باستقالة الحكومة والمنتقدين بالسؤال “هل الأفضل هو وجود حكومة أو عدمه؟ وتاليا ايهما أفضل وجود حكومة بصلاحيات كاملة أم حكومة تصريف اعمال”؟ وقال” إستقالة الحكومة أهون الحلول ولكنها أكبر الشرور، لو كانت الخطوة تؤدي الى حل فأنا لا أتردد في اتخاذها، لكن الاستقالة ستتسبب بمزيد من التدهور في الأوضاع ، وقد تؤدي الى ارجاء الانتخابات النيابية. أضاف: “إن الحكومة مستمرة في عملها والاتصالات جارية لاستئناف جلسات مجلس الوزراء، وأي دعوة لعقد جلسة من دون التوصل الى حل للازمة الراهنة، ستعتبر تحديا من قبل مكوّن لبناني وقد تستتبع باستقالات من الحكومة، ولذلك فأنا لن أعرّض الحكومة لأي اذى”.
استقلالية القضاء
على الصعيد القضائي، وفي ظل استحكام الازمة السياسية – القضائية حول مسالة المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، اطلق رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود مواقف حازمة من استقلالية القضاء في كلمة القاها في حفل قسَم اليمين القانونية لقضاة معينين مشددا على انه “زمنٌ لتكريسِ استقلاليةِ السُلطةِ القضائيةْ، فلنكنْ جميعاً جُدداً وقُدماء، قضاةً متضامنينْ موحّدينْ تحتَ رايةْ هذه الإستقلاليةْ، دفاعاً عن قضيةٍ قضائيةْ، لا ينالُ منها تعرّضٌ أو تهجّمٌ أو تجنٍّ أو كلامٌ غيرُ مسؤول”.
على صعيد آخر، وقع رئيس الجمهورية ميشال عون القانون المتضمن تعديل احكام القانون رقم 219 تاريخ 8/4/2021 بعد اقراره في مجلس النواب، والمتعلق باتفاق القرض الموقع مع البنك الدولي للانشاء والتعمير لتنفيذ المشروع الطارئ لدعم شبكة الأمان الاجتماعي للاستجابة لجائحة كوفيد- 19 والازمة الاقتصادية في لبنان، والهادف الى توفير التحويلات النقدية والخدمات الاجتماعية للبنانيين الفقراء الرازحين تحت خط الفقر المدقع والمهمشين والمتضررين من الازمة الاقتصادية وأزمة وباء كورونا، وتقديم استجابة فورية وفعالة لمواجهة الطوارئ او الازمات في حال حدوثها.