ثقافة

العربية لغة والدي والفرنسية لغتي وبيروت هوسنا المشترك

نشرت في: 13/09/2022 – 14:33

في أول مقابلة له مع قناة دولية عربية، يعود الكاتب اللبناني الفرنسي سبيل غصوب مع فرانس24 إلى الحديث عن روايته “بيروت على السين” المرشحة لنيل جائزة غونكور الفرنسية الأدبية العريقة، وعن موقع اللغة العربية في حياته الخاصة والعائلية. وقال غصوب إن العربية لغة والدي والفرنسية لغتي وبيروت هوسنا المشترك، مشيرا إلى أنه كتب “بيروت على السين” لوالديه كانتقام من الحرب.

ما الذي يعنيه لك اختيارك ضمن قائمة المرشحين لنيل جائزة غونكور؟

تفاجأت كثيرا. فالناشرون يبعثون بأعمال الموسم الجديد إلى الجوائز الكبرى، وكانت روايتي ضمن هذه المؤلفات، لكني لم أُبلغ بذلك، إلى أن تلقيت مكالمة من الناشر ظهر أحد الأيام. حقيقة كانت مفاجأة كبيرة بالنسبة لي. طبعا سعدت كثيرا. وأول ما قمت به إخبار والدي اللذين كانا يتوجدان في لبنان. إنه أمر رائع بالنسبة لهما، لأنه في كل الأحوال كتبت هذه الرواية لهما، كانتقام من الحرب.

ما طبيعة علاقتك باللغة العربية؟ هل تنحصر في العامية واستخدامها في التواصل مع المحيط العائلي أم إنك تقرأ بها وقد تكتبها أيضا؟

اللغة العربية أعتبرها لغة والدي. بحكم أنه أستاذ لها وله معارف واسعة فيها. وأنا تلقيت العربية كلبناني، وعندما استقررت في لبنان كنت مجبرا على التحدث بها وقراءتها وكتابتها. أقرأ بها خاصة عندما أكون بصدد القيام بأبحاث أو أطالع بعض الصحف. لكن لا أقرأ روايات باللغة العربية. أما الكتابة بها، فلا أجرؤ على خط حرف واحد طالما والدي لايزال حيا. أخشى أن يؤنبني على الأخطاء. أتحدث بها في إطار عائلي…وعندما أتواجد في لبنان. شريكة حياتي لبنانية أيضا، نتحدث العربية والفرنسية في مزج بين الاثنين.

والدك أستاذ للغة العربية وأنت اخترت الكتابة باللغة الفرنسية؟

لم أختر. فهي لغتي الطبيعية بحكم أني ولدت في باريس. الفرنسية بالنسبة لي هي لغتي. هي اللغة التي أتحدثها وأكتب بها بشكل طبيعي. لم يكن بإمكاني كتابة هذه الرواية باللغة العربية وحتى باللغة الإنكليزية التي أتحدثها، فاللغة الفرنسية هي التي أتقن الكتابة بها والتي أستخدمها وأقرأ بها كثيرا. وكما قلت سابقا، لا أجرؤ على الكتابة باللغة العربية أمام والدي. وأعرف أن ذلك من المستحيل. وأعتقد أن العكس صحيح. وإن حاولت يوما الكتابة باللغة العربية فلا بد أن أعرض النص عليه.

غلاف رواية “بيروت على السين” عن دار النشر “ستوك” © الصورة من موقع الكاتب

بيروت حاضرة بقوة في أعمالك رغم أنك مولود في باريس. كيف تفسر هذا الارتباط؟

هذا الحضور تلقائي، بيروت هي هوس والدي في أول الأمر، اللذين كانا يريدان العودة إلى هذه المدينة للاستقرار فيها. وهذا الهوس نقلاه إلي. إنه هوس أخذ مني ثلاثة كتب. أعدتهما لها للعيش فيها. وبعد ذلك، أردت أن أعيش فيها أنا كذلك. والآن، غادرناها معا، ونعلم أننا لن نعود لها أبدا مرة أخرى. أعتقد الآن أنني سأبدأ بحكي قصص أخرى تدور في مناطق مختلفة. لقد كنت أحس أنه من اللازم أن أحكي ذلك.

إضافة إلى الكتابة، يبدو أنه يربطك عشق خاص بالصورة؟ هل تلتجئ لها عندما تكون غير قادر على التعبير عن نفسك عبر الكتابة؟

في البداية حاولت إخراج أفلام لكن لم أتمكن من ذلك. الصورة أتت لتشغل هذا النقص في البداية. وأيضا بالنسبة للصورة اكتشفت أنه لا يمكن لي أن أعبر عما بداخلي عن طريقها، وجاءت الكتابة لتملأ هذا النقص. اليوم، فعلا أني أكتب أكثر، لكن الصورة تصاحبني دائما. هناك حوار حقيقي بين الكتابة والصورة.

في كل الأحوال، أعتقد أن كل واحد منهما يكمل الآخر. في الوقت الحالي، تركت قليلا الصورة جانبا، لكن أعرف أني سأعود لها يوما. بالمناسبة، أعود بك لبيروت والصورة، لقد أقمت طويلا فيها، وحاولت تصويرها لكن لم أتمكن من ذلك. وانتهيت إلى تنظيم معرض للصور مع العديد من المصورين اللبنانيين وغيرهم صوروا بيروت، وتمكنوا بقيام ما لم يمكن لي القيام به. ففي بعض الأحيان من الجميل أن نكون همزة وصل أيضا بين مبدعين تمكنوا من التعبير عما لم نتمكن نحن من التعبير عنه.

نحلم قليلا في إطار الممكن. نفترض أنك فزت بجائزة غونكور. ما الذي سيتغير لديك؟

(يبتسم)…نحلم، نحلم…هناك أيضا جائزة غونكور لطلبة الثانوي. وقد أفوز بالجائزة. أنا من يدافع عن العمل أمام الطلبة وهم الذين يصوتون لاختيار العمل الفائز. وهذه أيضا جائزة في غاية الأهمية. عموما، سواء تعلق الأمر بهذه الجائزة أو تلك، فهذا يساعد على بيع المزيد من النسخ من العمل. والعيش بارتياح من الكتابة. والانكباب على رواية جديدة في ظروف أحسن دون أن أكون مجبرا للبحث عن تمويل صباح مساء. نعم الفوز يغير الحياة، خاصة بالنسبة لشاب مثلي في الـ 33 من العمر.

بوعلام غبشي


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى