آخر الأخبارأخبار محلية

عودوا إلى مجلس الوزراء… الموازنة هي بوابة العبور لصندوق النقد

رغم أنّ اجتماعات مجلس الوزراء معطلة بقرار من “الثنائي الشيعي”للضغط لاتخاذ قرار بكف يد المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار ، إلا أنّ اللجنة الوزارية المكلّفة التفاوض مع صندوق النقد لم تتوقف عن العمل، كدليل بارز على أنّ الحكومة ملتزمة بالتفاوض وإيجاد الاليّة المناسبة لمعالجة المشاكل الاقتصاديّة والماليّة التي تمرّ فيها البلاد. وبعد تحديد حجم الخسائر بحوالي الـ69 مليار دولار، أتى دور إقرار الموازنة وإحالتها إلى مجلس النواب، للتأكيد على سير لبنان بإيجابيّة في المحادثات مع صندوق النقد. وتبقى المشكلة أنّ الحكومة لا تزال معطّلة.

 وهنا يرى مراقبون أنّ العمل الدستوري لا يزال ضحيّة التجاذبات السياسيّة بين بعبدا وعين التينة بشكل أساسيّ. فاستمرت الاتّهامات من قبل “حركة أمل” بأنّ فريق “العهد” يقف خلف القاضي البيطار وطلباته بتوقيف المحسوبين للحركة وحلفائها من ناحيّة، واستمر فريق “التيار الوطني الحرّ” باتّهام “الثنائي” الشيعي بتعطيل عمل الحكومة لضرب تحقيقات المرفأ وتعطيل حياة المواطنين.
 
وتجدر الاشارة إلى أنّ “المادة 32 من الدستور، تقول إنّ العقد الثاني لاجتماع مجلس النواب، يبدأ يوم الثلاثاء الذي يلي الخامس عشر من شهر تشرين الأول، وتُخصص جلساته بالبحث في الموازنة والتصويت عليها قبل كل عمل آخر، وتدوم مدّة هذا العقد إلى آخر السنة. وانتهت هذه الفترة من دون الانتهاء من الموازنة، وعدم اجتماع مجلس الوزراء لإحالتها إلى المجلس النيابي.

 
وخرق الاتّفاق بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس الجمهوريّة ميشال عون لفتح دورة إستثنائيّة لمجلس النواب الركود السياسي. وهنا يجدر السؤال، كيف يجتمع المجلس النيابي في ظلّ تعطيل الحكومة، فمعظم إقتراحات القوانين يُحيلها مجلس الوزراء إلى البرلمان لاقرارها، وأهمّها مشروع قانون الموازنة؟ وهل يجوز التصويت على الموازنة خلال العقد الاستثنائي لمجلس النواب؟
 
في هذا السياق، يوضح مصدر قانوني ودستوري لـ”لبنان 24″ أنّ “مجلس النواب يتقيّد خلال العقد الاستثنائي بجدول الأعمال الوارد في مرسوم الدعوة، ومدّة هذا العقد تتحدّد بحسب المرسوم، أي من 10 كانون الثاني إلى 21 آذار، أي حتّى بدء العقد الثاني لمجلس النواب”.
 
ويُضيف المصدر أنّ “الحكومة تجتمع وتُقرّ الموازنة، وتُحيلها إلى مجلس النواب، ولا يوجد أي إشكاليّة للتصويت عليها في العقد الاستثنائي”.

 
وبانتظار وزير الماليّة تقديم مسودة الموازنة للحكومة، يذكّر مراقبون للوضع الاقتصادي أنّه يجب إقرارها بأسرع وقتٍ ممكن لاطلاق خطّة الانقاذ الاقتصادي، وخصوصاً من ناحية ودائع المواطنين وتدهور سعر صرف الليرة أمام الدولار. ويُتابع المراقبون أنّ الموازنة وتحديد الخسائر يُعتبران أمرين مهمّين للغاية في المفاوضات مع صندوق النقد، وحين يتمّ الاتّفاق على الارقام مع الصندوق، عندها يمكن لمصرف لبنان تحديد سعر الصرف الذي على أساسه يجب تثبيت الليرة.
 
وفي هذا الاطار، يقول الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة لـ”لبنان 24″ إنّ “الموازنة مهمّة جدّاً لصندوق النقد، الذي لديه هدف أساسيّ، وهو تصغير حجم القطاع العامّ في لبنان، وذلك لا يتمّ إلا عبر الموازنة”. ويلفت إلى أنّه “من خلال تحديد مبلغ الخسائر بـ69 مليار دولار، فعليه، يتوجب أيضاً على الدولة أنّ تدفع هذه الخسائر من رقم الانفاق المحدّد في الموازنة، والاخيرة تُعتبر أهمّ موضوع في البلاد”. ويُشير إلى أنّ “عدم تقديم المسودة الاولى للموزانة، بالاضافة إلى عدم إجتماع الحكومة أمران غير طبيعيين”.
 
ويوضح أنّ “الموازنة هي إنفاق الدولة من المشاريع والرواتب والضرائب، ولا تلعب دوراً في تثبيت سعر الصرف، بل تأخذ السعر الذي يُحدّده مصرف لبنان”. ويُذكّر أنّ “صندوق النقد لا يتحدث عن تثبيت سعر الصرف، وإنّما عن اعتماد سعر صرف واحد، في ظلّ وجود 3 إلى 4 أسعار للصرف حاليّاً في لبنان”. ويُضيف أنّ “في الموزانة يوجد عدّة فصول، منها الخاص بالمواصلات والتربيّة والصحّة… لهذا من المهّم أنّ تكون الارقام فيها دقيقة وصحيحة”.
 
ويتخوّف حبيقة من أنّ “تأخذ الموازنة وقتا طويلا لاقرارها، خصوصاً وأنّ وزير الماليّة لم يقدّم المسودة الاولى، وبالتالي هي بحاجة لمناقشات طويلة. وتبرز مشكلة عدم إنعقاد الحكومة أيضاً، ومناقشة الموازنة لاحقاً في اللجان النيابيّة، ولجنة المال بشكل خاص، وبعدها التصويت عليها في مجلس النواب”. ويتوقّع “مدّة شهرين على الاقل لاقرارها نهائيّاً”.
 
ويُردف أنّه “من المهّم جدّاً تخفيف الخسائر، وعدم وضع الخطط، مع وجود مشاكل في الكهرباء والمياه والاتّصالات”. وينصح بمعالجة هذه المشاكل بالحدّ الادنى من الانفاق.
 
وهنا، يجب تذكير المسؤولين ودعوتهم لحلّ خلافاتهم خارج أروقة مجلس الوزراء، وإفساح المجال أمام وزرائهم للاجتماع تحت سقف الحكومة، ليتم دراسة الموازنة بأسرع وقت ممكن مع صندوق النقد، والتصويت عليها في مجلس النواب، لتكون الانطلاقة الصحيحة نحو خطّة التعافي المالي. فاللبنانيون لا يستطيعون التحمّل أكثر، مع صعود الدولار يوميّاً إلى مستويات قياسيّة جديدة، وارتفاع أسعار المواد الغذائيّة والمحروقات وفاتورة المولدات الخاصّة، وتآكل رواتبهم وقدرتهم الشرائيّة.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى