آخر الأخبارأخبار دولية

مئات الصحفيين يضطرون إلى ممارسة أعمال بسيطة بعد سيطرة طالبان على السلطة

نشرت في: 25/11/2021 – 17:15آخر تحديث: 26/11/2021 – 16:08

منذ سيطرة حركة طالبان على السلطة في 15 آب/أغسطس الماضي، أُجبرت ما لا يقل عن 153 وسيلة إعلام على التوقف عن العمل في أفغانستان، وهو ما دفع بعدد من الصحفيين إلى البطالة في بلد يعاني أصلا من انهيار اقتصادي، ولم يعد أمامهم من حل سوى التحول إلى باعة في الطرقات حتى لا يقعوا فريسة للفقر. وهو ما ينطبق على مراقبنا الذي أصبح بائعا للخضر.

في كل مدينة جديدة سيطرت عليها طالبان خلال مرحلة تقدمها نحو كابول، اضطرت عدة وسائل إعلام إلى إغلاق أبوابها. وعند سيطرة الحركة عل السلطة في كابول، أجبرت نحو مئة وسيلة إعلام محلية على إغلاق أبوابها ومن وراءها مئات الصحفيين. وسارع عدد كبير منهم بالتواري عن الأنظار خوفا من التعرض للاعتقال أو حتى الأسوأ.

حاول عدد كبير منهم الهرب من البلاد في كثير من المرات دون النجاح في ذلك. وبعد عدة أسابيع، أجبرهم نقص المداخيل على البحث عن أي عمل لكسب قوتهم وفي العموم شغلوا بعض الأعمال اليدوية التي تمكنهم من دخل متواضع أقل بكثير من النزر القليل من المال الذي كان يكسبونهم بامتهانهم الصحافة.

{{ scope.counterText }}

{{ scope.legend }}

© {{ scope.credits }}

{{ scope.counterText }}

صحفي أفغاني سابق، حسب مراقبنا أصبح بائعا للملابس. صورة مراقبون.

مراقبنا علي (اسم مستعار) عمل صحفيا منذ سنة 2014. وقد عمل لقناة تلفزيونية صغيرة محلية في شمال أفغانستان والتي اضطرت للتوقف عن النشاط بعد سيطرة حركة طالبان على السلطة في كابول. وأصبح الآن يعمل بائعا في محل لبيع الخضر والغلال.

منذ وصول حركة طالبان إلى السلطة، توقفت ما لا يقل عن 152 وسيلة إعلام عن العمل. ويعود السبب الأساسي لذلك نقض الأموال وخوفا من القمع. وبعد مرور ثلاثة أشهر، تعمل وسائل الإعلام التي بقيت مفتوحة بفريق عمل محدود. حيث اضطرت الصحافيات من النساء إل البقاء في بيوتهن فيما خسر عدد كبير من الصحفيين عملهم ببساطة لأن وسائل الإعلام التي اشتغلوا بها كان تعاني من مصاعب مالية في ظل الوضع العام في البلاد.

تخفى عدد كبير من الصحافيين لمدة أسابيع خوفا من التعرض للاضطهاد ولكن في الوقت الحالي لم يعد لنا من خيار. يجب علينا أن نوفر مأكلنا لنا ولعائلاتنا. وحتى إن كان ذلك يمثل خطرا، يجب علينا أن نكسب المال. الوضع حتم علينا الاختبار بين العمل أو موت عائلاتنا من الجوع.

في بلد مدمر بسبب الحرب والأزمة المالية، ما هي الأعمال المتبقية أمامنا لنشغلها؟ اضطر الحال السواد الأعظم منا إلى امتهان أعمال مثل باعة شوارع أو أشغال يدوية ذات مدخول ضعيف. بعض الصحافيين أصبح يبيع الغلال وأغراض صغيرة وملابس ووصل الحال بالبعض إلى بيع أثاث من بيوتهم الخاصة على الطرقات.

وحسب وسيلة الإعلام وسنوات الخبرة، كان الصحافي الأفغاني يكسب ما بين 150 و500 دولار أمريكي شهريا [أي ما بين 131 و440 يورو]. أما اليوم، فأكسب خمسين دولار [42 يورو]. كما أن أسعار معظم البضائع قد زادت منذ وصول حركة طالبان إلى السلطة.

وبالفعل فقد ارتفعت أسعار عدد كبير من السلع في أفغانستان. حيث أصبح دقيق القمح على سبيل المثال يباع في الوقت الحاضر بما يعادل 25 دولارا [أي نحو 22 يورو] أي أكثر من ضعف الثمن فيما سبق. وفي شهر تشرين الأول/أكتوبر، دقت مديرة برنامج الغذاء العالمي ماري إلن ما غورتي ناقوس الخطر بأن “8.7 مليون شخص أصبح على شفا المجاعة” من مجمل الشعب الأفغاني المكون من تسعة وثلاثين مليون نسمة.

“أصبح الناس الذين شاهدوا تقاريري التلفزيونية يسخرون مني”

ويتابع مراقبنا قائلا:

بالإضافة إلى الضغط الاقتصادي، فإننا نعاني من ضغط نفسي أيضا. فلقد درسنا لسنوات عدة، وعملنا صحافيين لسنوات ومن ثم ماذا بعد؟ هل سنعيش كما نعيش الآن؟ عندما أكون في مقر عملي، وأقابل أناسا شاهدوا تقاريري في التلفزيون يبدؤون في السخرية مني. هذا أمر يحز في نفسي كثيرا. ولكن من الجانب الآخر، يوجد أشخاص -من حسن الحظ- ممن يدعمونني بكلمات طمأنة.

وتمكن عدد من الصحافيين من الفرار من أفغانستان. ونجح بعض الأشخاص في الهرب بالتظاهر بأنهم صحافيون ولكن الغالبية العظمى من الإعلاميين بقوا هنا في هذا الوضع. ومنذ وقت غير بعيد، انتحر صحافي كان يعمل في التلفزيون بعد تعرضه لضغط نفسي واقتصادي إثر خسارة عمله. كما مات صحفي آخر في حادث سير أثناء محاولته الهرب إلى إيران.

“لن يتبقى صحفي واحد في أفغانستان”

وفي ظل الوضع الراهن، وعندما تغلق معظم وسائل إعلام في البلاد أبوابها بشكل مفاجئ، فإن ذلك يؤثر على جودة وكمية الأخبار ونوع المعلومات المقدمة. هنا، كان لوسائل الإعلام المحلية دور هام في كشف ما يحدث في مناطق نائية. أما الآن، فهذا النوع من الأخبار لم يعد متاحا أو أنه يصل في وقت متأخر.

كما أن وسائل الإعلام التي واصلت نشاطها لم تعد حرة. إذ أن عناصر طالبان كانوا صريحين منذ البداية بالتأكيد على أن هناك مواضيع من الممنوع التحدث بشأنها وأشياء لا يجب إظهارها كما أن بعض المعلومات التي ترسلها السلطات يجب أن تنشر. [فريق التحرير: الموسيقى وبرامج الترفيه والألعاب المستوحاة من الغرب وكل المسلسلات الغربية أصبح ممنوعة الآن على وسائل الإعلام الأفغانية].

Photo envoyée par notre Observateur de son écran de télévision, sur lequel il regarde une chaîne en persan, basée à Londres. © Observers

 صورة أرسلها لنا مراقبنا من شاشة التلفاز في بيته، والتي تظهر من خلالها قناة تلفزيونية باللغة الفارسية تبث من لندن.

في الوقت الراهن، للحصول على المعلومة أشاهد وسائل إعلام باللغة الفارسية على غرار النسخة الفارسية من قناة بي بي سي البريطانية أو القناة الإيرانية الدولية أو قنوات إخبارية دولية على غرار سي إن إن.

لست متفائلا بشأن مستقبل الصحافة في أفغانستان، آمل أن يأتي يوم أتمكن فيه من المغادرة ومواصلة عملي في قناة باللغة الفارسية في الخارج ولكنني أعتقد أن ذلك لم يعد ممكنا. إذ أن المنظمات الدولية لا تتحرك ولن يتبقى هناك صحفي واحد في أفغانستان.

وقدر البنك الدولي في تقرير نشر في 8 تشرين الأول/أكتوبر أن “قسما كبير من الشعب الأفغاني يمكن أن يهبط إلى ما دون خط الفقر” بسبب “تداعيات سلبية” على مستوى سوق العمل والأسعار. ويحدق هذا الخبر حسب المؤسسة الدولية بعشرة ملايين أفغاني. وتقدر المنظمة أن الوضع الغذائي سيتدهور هو الآخر مع “تداعيات سلبية محتملة على المدى الطويل في ظل النسبة الكبيرة للشباب وسط سكان أفغانستان”


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى