آخر الأخبارأخبار محلية

هل تكفي هذه الشعارات لهزم “حزب الله”؟

 
تُخاض الانتخابات النيابيّة وفق العديد من الشعارات الرنّانة لزيادة نسب الاقتراع. فمنذ العام 2005، وبعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري وخروج الجيش السوري من لبنان، استُعملت شعارات طائفيّة بشكل أساسيّ، بالاضافة إلى الاستعانة بدماء الشهداء لشدّ عصب الناخبين. أمّا حاليّاً، وبعد مرور 17 عاماً على كلٍّ من تظاهرتي 8 و14 آذار، حافظ الفريق الاوّل على تحالفه المتين، وعززه بـ”التيّار الوطنيّ الحرّ”. فيما التحالف الثاني انهار، وافترق مكوّنوه، وانسحب أبرز عرابيه، الرئيس سعد الحريري. من هنا، فإنّ تقدّم “حزب الله” وحلفائه في الانتخابات المقبلة طبيعيّ، مع غياب المنافسة الكبيرة التي كان يقودها تيّار “المستقبل”. ولكّن، هل يُحقّق “الحزب” الفوز الثاني على التوالي في الانتخابات النيابيّة، في ظلّ الشعارات التي تُطلق بحّقه؟

 
في هذا السيّاق، وضعت “القوات اللبنانيّة” نفسها الخصم الاساسيّ لـ”حزب الله” في الانتخابات. وهي ليست المرّة الاولى، بهدف كسب تأييد الشريحة الاوسع في الشارع المسيحيّ، ووضعه أمام “التهديد والخطر” الذي يُشكّله سلاح “الحزب” على المسيحيين ولبنان بشكل خاص، وكذلك، لجذب الاصوات السنّية بعد عزوف الحريري وتياره، وتوجيه رسالة لمؤيّدي “التيار الازرق”، على أنّ “مسيرة الحريري مستمرة مع “القوات”، فصوّتوا لمرشحيها”. فلم تُوفّر “القوات” بأي مناسبة، مقابلة السيّد حسن نصرالله بتصيعد الخطاب والاستعداد للمواجهة. وقد أطلق الدكتور سمير جعجع شعاراً أوّليّاً استبق به كافة الاحزاب والقوى التي تخوض غمار الانتخابات، ومفاده “صوّتوا لـ”حزب الله” و”التيّار” فتكونون تصوّتون للمزيد من الانهيار الاقتصادي والهيمنة الايرانيّة على لبنان”. في المقابل، أطلق جعجع شعاراً ثانيّاً، توجّه به للناخبين، وقال لهم إنّ التصويت لـ”القوات”، يعني “انخفاض الدولار وتحسنّ الاوضاع الاقتصاديّة”.

 
في الشكل فإنّ هذين الشعارين يصعب تحقيقهما في الوقت الراهن، بحسب مراقبين. فالظروف السياسيّة لا تسمح بتصعيد الخطاب ضدّ سلاح “حزب الله”، ولا المخاطرة بخلق نزاع طائفيٍّ في الشارع. وهذا ما يتبنّاه الكثير من حلفاء “القوات”. فالحريري أعلن عزوفه بسبب التنازلات التي قدّمها للحؤول دون جرّ البلاد لحرب أهليّة جديدة. ويبقى هذا الكلام فقط مجرّد شعار يُدغدغ مشاعر الناخبين عند كلّ استحقاق إنتخابيّ.
 
أمّا الشعار الثاني، فأيضاً لا يمكن تحقيقه في المدى القريب. وهو بحاجة لخطّة إقتصاديّة ونقاشات بناءة مع صندوق النقد. وكلّ هذه الامور تستغرق وقتاً، مع الاختلافات السياسيّة في الرؤى الاقتصاديّة.
 
في الاطار عينه، فقد دخل الرئيس فؤاد السنيورة على خطى “القوات”. وأعلن المواجهة الإنتخابيّة ضدّ سلاح “حزب الله” و”الهيمنة الايرانيّة على لبنان”، لكسر الركود الذي خلفه الرئيس سعد الحريري في الشارع السنّي بعد إعلان قراره بتعليق المشاركة في الحياة السياسيّة. وأكّد السنيورة أنّ إستحواذ “الحزب” على ممثلي الطائفة السنّية لن يمرّ من دون معركة إنتخابيّة. ويرى مراقبون أنّ الشارع السنّي يتبنى ما قاله السنيورة. وقد خاض الانتخابات منذ العام 2005 على هذا أساس. ويُضيفون أنّ من شأن هذا الشعار وحده، أنّ يُحرّك الاصوات السنّية، لدواعٍ طائفيّة في المركز الاوّل، وسياسيّة ثانيّاً، عبر تحصين مواقع “المستقبل” النيابيّة التقليديّة، وأهمّها المقعد الذي يعود للرئيس سعد الحريري في بيروت الثانيّة.

 
من جهة أخرى، ورغم كلام السنيورة القريب جدّاً من أفكار وهواجس مناصري “المستقبل”، إلا أنّ تلبيّة النداء يرجّح أنّ تكون خجولة. فيقول مراقبون إنّ الحريري على موقفه، وقد نقلت التعاميم الصادرة عن “التيّار الازرق” مجدّدا ما قاله في خطاب عزوفه. ومع انخفاض نسبة التصويت في الشارع السنّي، وزيادة الاصوات المطالبة بالتغيير من المجتمع المدني، وظهور قوى سنّية خطابها تصعيدي أكثر ضدّ “حزب الله” والسلاح، فمن المرجّح أنّ لا يُحقّق السنيورة ما يتمنّاه، في ما يخص عدد المقاعد التي سيفوز بها، إنّ استمرّ بقراره بقيادة المرشحين المستقيلين من “المستقبل”، لانّه يواجه معارضة شديدة من عائلة الحريري (الرئيس سعد الحريري والنائبة بهيّة الحريري وأمين عام تيّار المستقبل أحمد الحريري) بخوض الانتخابات، وحتّى لو من خارج تيّار “المستقبل”.
 
كذلك، برز المجتمع المدني، يُصوّب على “حزب الله” مع شعاره “كلّن يعني كلّن”. ويبدو عامل كسر هيمنة “الثنائيّ الشيعيّ” في دوائر الجنوب الثانيّة والثالثة، بالاضافة إلى بعلبك – الهرمل، هدفاً لـ”قوى التغيير” في الانتخابات. لكنه صعب المنال مع عدم توحيد لوائحها. وتجدر الاشارة إلى أنّ لوائح لا بأس بها من المجتمع المدني اقتربت من الفوز بحاصل إنتخابيٍّ لو اجتمعت في انتخابات الـ2018، في دائرة الجنوب الثالثة على سبيل المثال. ويرى مراقبون أنّ المجتمع المدني يمكن أنّ يفوز ببعض المقاعد، مع إنشغال الاحزاب في المناكفات والشعارات في ما بينها.
 
توازياً، لم يغب عن أجندة المجتمع المدني أيضاً موضوع سلاح “الحزب” وسياسته داخليّاً وخارجيّاً. وهو ما يلتقي به مع الكثير من الاحزاب المعارضة. ويقول مراقبون إنّ هذه الاهداف لن تدفع بـ”قوى التغيير” للتحالف مع الاحزاب المناهضة لسياسة “حزب الله”، كي لا تفقد من ثقتها لدى المواطنين والمغتربين الذين يُؤمنون بالتغيير الحقيقي لكافة الطاقم السياسيّ. ويتابعون أنّه يبقى الاهمّ أنّ تلتقي هذه القوى، وتتوحّد وتبرز قادتها لكيّ تُحدث خرقاً في الانتخابات.
 
وتجدر الاشارة إلى أنّ “حزب الله” واجه الشعارات التي تستهدفه والقوى التي تُطلقها عبر التأكيد لمناصريه أنّ “معركته هي لحماية لبنان من عملاء الداخل والمرتهنين للسفارات”. وهي لُغة “تخوينيّة” ليست بجديدة، بدأها “الحزب” بعد حرب تموز 2006. ويبقى السؤال عن جديّة تأثير هذه الشعارات على الناخب الذي يمرّ بأوضاع معيشيّة تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وخصوصاً بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا. فيُشير مراقبون إلى أنّ الشعارات الحياتيّة والبرامج الاقتصاديّة والمعيشيّة هي التي يجب أنّ يُركّز عليها المرشحون في المركز الاوّل لاستقطاب أصوات الناخبين. 

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى