آخر الأخبارأخبار محلية

عين العالم على حزب الله

قبل أن يسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ما أدلى به عن ذكاء “حزب الله” لا زالت “حارة حريك” شاغلة للعالم، الذي يترقب القرار، الذي يمكن أن يتخذه الحزب ميدانيًا لجهة انخراطه فعليًا في الحرب المفتوحة، التي أعلنتها إسرائيل ضد قطاع غزة، وفق ما تمليه عليه التطورات المتلاحقة.  

الذين تواصلوا مع بعض القيادات في “حزب الله” في الساعات القليلة الماضية فوجئوا بالهدوء الذي يتعاطى به مع الأحداث المتسارعة، وذلك على رغم أن إسرائيل تقوم بكل ما من شأنه أن يستفزّ الحزب وكأنها تريد أن تجرّه جرًّا إلى الحرب، من خلال ما تقوم به في أكثر من منطقة في الجنوب، وآخر هذه الاستفزازات استهداف مجموعة من الصحافيين فأوقعت من بينهم قتلى وجرحى من بينهم المصور الصحافي عصام عبدالله.
في المقابل كوّن هؤلاء المتصلون بـ “حارة حريك” انطباعًا مفاده بأن للصبر حدودًا، وأن ترّيث “حزب الله” في انخراطه في حرب قد تكون مدّمرة ليس دليل ضعف بقدر ما هو قرار حكيم يفرضه الواقع اللبناني، وتمليه الظروف الصعبة التي يمرّ بها لبنان، وهو يأخذ كل هذه المعطيات في الاعتبار، ويعرف تمام المعرفة كيف يردّ على هذه الاستفزازات في المكان والزمان المناسبين، وهو يقوم في الوقت نفسه بما يُفترض القيام به لجهة تأمين كل مستلزمات الصمود لأهل غزّة ومقاومتهم لآلة القتل والدمار الإسرائيلية.
 فالموقف الذي يمكن أن يتخذه “حزب الله” في أي وقت سيُحسب له وعليه. سيُحسب له إذا استطاعت قيادته أن تستمر في ممارسة سياسة ضبط النفس بمسؤولية وعدم توريط لبنان بما لا قدرة له عليه، ليس عن عجز، بل انطلاقًا من عدم تمكين العدو من تحقيق غاياته، التي لم تعد خافية على أحد، وهو يريد أن يجرّ لبنان والمقاومة إلى حرب شاملة قد لا تكون بالضرورة لمصلحته تمامًا كما هي الحال في قطاع غزة.
أمّا إذا خرجت الأمور عن السيطرة وبقي العدو الإسرائيلي مصرًّا على عدم التزامه بقواعد الاشتباك المعمول بها منذ حرب تموز فإن الحزب سيجد نفسه مجبرًا على الردّ بما يتناسب مع الاستفزازات الإسرائيلية المستمرة بوتيرة تصاعدية. وعندها فليتحمّل المجتمع الدولي مسؤولية عجزه عن لجم إسرائيل، ومسؤولية عدم تمكّنه من الحفاظ على استقرار المنطقة انطلاقًا من الحفاظ على الاستقرار في لبنان، الذي طالما اعتُبر معبرًا للاستقرار الشامل، الذي يتعدّى الحدود الجغرافية للدولة اللبنانية.  
ولأن استقرار لبنان مهمّ فإن الاتصالات والمساعي التي تقوم بها الأمم المتحدة وأصدقاء لبنان لإبعاد شبح الحرب عن أجوائه بلغت درجة مرتفعة في منسوبها الإيجابي، ولكنه غير كافٍ باعتراف المسؤولين اللبنانيين. من هنا جاءت زيارة وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان، الذي حذّر “من امتداد الاحداث الجارية في غزة الى مناطق أخرى في المنطقة، إذا لم يوقف نتنياهو حربه المدمّرة ضد القطاع”. لكنه أضاف في المقابل أن “المهم بالنسبة الينا هو أمن لبنان والحفاظ على الهدوء فيه، وهذا هو هدف زيارتي، واقترح عقد اجتماع لقادة المنطقة للبحث في الاوضاع”.
ومن بين الاشارات غير المشفرّة التي أرسلها “حزب الله” للدلالة على أنه غير راغب في التورّط بحرب طويلة وغير محسوبة النتائج أنه وبعد كل اعتداء إسرائيلي على الجنوب، وما ينجم عنه من أضرار في المنازل والمحال التجارية والسيارات وغيرها من الممتلكات، ولا سيما في قرى الضهيرة ومروحين ويارين، يعمد عبر مهندسين مختصين لمعاينة الأضرار وإجراء مسح ميداني لها، ليصار إلى دفع تعويض لأصحابها، لتكون الخطوة الأولى في مسار إطلاق ورشة إعادة الاعمار.
وهذا ما اعتبرته مصادر مراقبة دليلًا إضافيًا على إعطاء “حزب الله” هامشًا واسعًا للحركة الديبلوماسية. فمن يسعى إلى الحرب لا يعيد بناء ما تدّمره آلة الحرب الإسرائيلية، بل يترك الوضع على ما هو عليه إلى أن تنجلي الصورة الميدانية.
أمّا ردّ الحزب بالأمس وتنفيذه سلسلة من الهجمات على مواقع عسكرية إسرائيلية فيأتي في سياق قواعد الاشتباك، التي لا يزال يتمسّك قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة.
 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى