آخر الأخبارأخبار دولية

رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ضحية الرهانات السياسية المعقدة بين العسكر والمدنيين


نشرت في: 26/10/2021 – 15:54

يتحدر عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء السوداني الذي أطاح به الجيش الإثنين وتحفظ عليه في مكان مجهول، من إقليم جنوب كردفان المضطرب، واعتلى سدة الحكم في البلاد بعد ثورة شعبية أطاحت بحكم الرئيس السابق عمر البشير عام 2019. أهله عمله في المؤسسات الدولية والإقليمية وخبرته في المجال الاقتصادي لترأس حكومة السودان أملا في انتشالها من طاحونة الأزمة الاقتصادية والفقر المدقع والعقوبات الدولية. ونجح في رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب الأمريكية ومحو ديون السودان لدى صندوق النقد الدولي.

يجسّد الخبير الاقتصادي عبد الله حمدوك الذي أعفي الإثنين من مهامه كرئيس للوزراء واعتقل، أول ضحية لسيطرة الجيش على السودان، مع سقوط رهانه على التوافق وعلى الشراكة بين العسكريين والمدنيين من أجل قيادة البلاد إلى الديمقراطية.

سُمّي رئيسا للحكومة في آب/أغسطس 2019 إثر اتفاق على تقاسم السلطة بين الجيش وائتلاف قوى الحرية والتغيير الذي قاد الاحتجاجات الشعبية التي أدت إلى سقوط عمر البشير بعد ثلاثين عاما من حكم السودان بقبضة من حديد. وعمل حمدوك الذي يبلغ اليوم الثالثة والستين من العمر في منظمات دولية وإقليمية، لا سيما كمساعد الأمين العام التنفيذي للجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة في أديس أبابا.

 وظهر للمرة الأخيرة مساء الأحد الى جانب المبعوث الأمريكي إلى القرن الأفريقي جيفري فيلتمان في الخرطوم، مشددا على ضرورة استكمال العملية الانتقالية نحو حكم مدني في البلاد التي حكمها عسكريون بشكل شبه متواصل منذ استقلالها في 1956.

 قبل بضعة أيام، ارتدى لباسا تقليديا وظهر في شريط فيديو وهو يحيي المتظاهرين المطالبين بحكم مدني، وواعدا إياهم بتحقيق “أهداف الثورة: الحرية والسلام والعدالة”. بعد محاولة انقلاب فاشلة الشهر الماضي، اتخذ نبرة جدية ليحذر من الانقسامات العميقة داخل السلطة، ومعتبرا أن العملية الانتقالية تمرّ “في أسوأ أزماتها”.

الإثنين، قال مكتبه إنه “اختطف مع زوجته من مقر إقامتهما وتم اقتيادهما إلى جهة مجهولة”، متهما “قوى عسكرية” بذلك. ودعا المكتب الشعب السوداني إلى التظاهر “لاستعادة ثورته” التي قام بها في 2019 وأدت الى الإطاحة بالبشير.

درس حمدوك الاقتصاد الزراعي في الخرطوم، ثم حصل على ماجستير من جامعة مانشستر في بريطانيا. ويتحدّر من جنوب كردفان، الإقليم الواقع في جنوب السودان والذي شهد، كما النيل الأزرق ودارفور، نزاعا مسلحا بين القوات الحكومية في عهد البشير ومتمردين استمر سنوات.

   تقشّف وسلام

وصل إلى الخرطوم في آب/أغسطس 2019 قادما من أديس أبابا، بعد ثورة لم يشارك فيها على الأرض، لكنه تبنى أهدافها. وتسلّم حكومة مكلفة إقامة مؤسسات ديمقراطية في البلاد، بينها برلمان لم ير النور، واقتراح حل اقتصادي قادر على وقف التضخم المتسارع والفقر المزمن.

   ونجح الاقتصادي المتمرس في المؤسسات الدولية في الحصول من صندوق النقد الدولي على محو لديون السودان الضخمة مقابل تطبيق سياسة تقشف كلفته خسارة جزء كبير من شعبيته. ولم يساعد هذه الشعبية واقع أن السلطات الانتقالية لم تحاكم بعد المسؤولين في عهد البشير وأولئك الذين قمعوا انتفاضة 2019 بالدم.

   ونجحت حكومته في توقيع اتفاق سلام مع مجموعات متمردة كانت لا تزال تحمل السلاح في مواجهة القوات الحكومية في تشرين الأول/أكتوبر 2020، بينما وافقت واشنطن على إزالة اسم السودان من لائحة الدول الداعمة للإرهاب بعد أن وافقت الخرطوم على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.

وشارك حمدوك في الماضي في مبادرات سلام أفريقية للتوسط في نزاعات في دارفور وكردفان والنيل الأزرق. كما عمل لصالح البنك الأفريقي للتنمية، وهو معروف بوضع سياسات تحفز النمو الاقتصادي في إثيوبيا في ظل حكومة ميليس زيناوي.

   لدى تسلمه الحكم، وعد السودانيين البالغ عددهم 45 مليونا، بالعمل على إيجاد “سياسات جيدة لمواجهة الأزمة الاقتصادية”. ويتمتع حمدوك بصورة رجل يلتزم بالشفافية وحسن الإدارة، لا سيما منذ أن رفض في 2018 منصب وزير المال الذي عرضه عليه البشير.

   لكن حكومته لم تنجح خلال الأشهر الماضية في التجاوب مع مطالب السودانيين في تأمين حاجات أساسية، بعد أن أقفل متظاهرون مناهضون لحكومته الطرق التي تربط مرفأ بورتسودان في شرق البلاد والذي تصل عبره الإمدادات بشكل رئيسي، ببقية مناطق السودان. وزاد الغضب الشعبي وتزايد الفقر في بلد يفتقر إلى بنى تحتية، من هشاشة وضعه.

 

فرانس24/ أ ف ب


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى