هل تمنع واشنطن تصعيدا اسرائيليا؟

فبحسب مصادر مطلعة، يجري الحديث في واشنطن عن نقاش جدي داخل الإدارة الأميركية حول خيارات تتعلق بعملية عسكرية واسعة ضد حزب الله. اللافت أن ما سُرّب عن شكل العملية المحتملة يوحي بأن السيناريو الأميركي–الإسرائيلي المطروح لا يقوم على حرب برية طويلة، بل على سلسلة ضربات جوية مركّزة، تُصوَّر باعتبارها “عملية واسعة ولكن محدودة”، ما يعكس رغبة في رسم معركة مدروسة الإيقاع من دون الانزلاق فورًا نحو حرب شاملة.
هذه المقاربة، وإن بدت محسوبة، تحمل بذاتها بذور انفجار أكبر. فالمصادر نفسها تشير إلى أن أي ضربة كبيرة قد تتحول إلى كرة نار تتدحرج بسرعة، خصوصًا إذا اعتبرت إيران أن الحليف الأساسي لها في لبنان مهدّد بشكل وجودي. وعندها قد تجد نفسها مضطرة إلى التدخل المباشر أو فتح جبهات إضافية، وهو ما سيُخرج المواجهة من إطارها “المحلي” ليضع المنطقة كلها في قلب العاصفة.
في المقابل، لا يبدو الأميركيون متحمسين لحرب طويلة أو مفتوحة، لأن أثرها الاقتصادي والسياسي قد يكون مرهقًا لهم ولحلفائهم في الشرق الأوسط. لكنهم، وفق تقديرات سياسية، مستعدون لمنح إسرائيل “فسحة محدودة” لتنفيذ ضربات جوية واسعة تستهدف مواقع حساسة، وتعمل على إضعاف قدرات حزب الله، سواء عبر ضرب البنية العسكرية أو محاولة اغتيال شخصيات قيادية مؤثرة.
خطورة هذا المسار تكمن في أنه يقوم على فكرة أن الضربات يمكن أن تبقى محصورة ومحسوبة. لكن تاريخ المواجهات في المنطقة يثبت عكس ذلك دائمًا؛ فكل عملية تُفتح تحت عنوان محدود تنتهي غالبًا بسلسلة ردود غير قابلة للضبط. ولبنان اليوم يعيش في ظل هشاشة سياسية وعسكرية تجعل قدرته على تحمّل أي صدمة جديدة شبه معدومة، فما بالك إذا كان الحديث يدور عن حملة عسكرية واسعة؟
ومع ذلك، تبدو المفاوضات الخلفية مستمرة، والوسطاء الدوليون ينشطون لضبط الإيقاع ومنع الانفجار الكبير. إلا أن الخط البياني للتوتر يشير إلى أن احتمالات التصعيد آخذة في الارتفاع، وأن المرحلة المقبلة قد تحمل منعطفات حاسمة، خصوصًا إذا مضت الإدارة الأميركية في إعطاء الضوء الأخضر لضربات جوية من شأنها تغيير قواعد اللعبة على الأرض.
ما يتضح اليوم هو أن لبنان يقف على حافة خيارات دقيقة، وأن أي خطوة متهورة من أي طرف قد تفتح الباب أمام مواجهة واسعة، تتجاوز حدود الجنوب لتطال المنطقة بأسرها.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook




