فريق ألماني يكتشف مضادات لفيروس نقص المناعة البشرية – DW – 2025/12/1

44 مليون حالة وفاة في جميع أنحاء العالم، هذه هي الحصيلة المحزنة لمرض نقص المناعة الإيدز منذ ظهوره في عاك 1981 . ويُعتبر الإيدز أحد أسوأ الأوبئة التي عرفتها البشرية حتى الآن. وعلى الرغم من أن عدد الوفيات الناجمة عن الإيدز انخفض بشكل مستمر بفضل التوعية والوقاية، لا يزال هناك أشخاص يموتون اليوم بسبب هذا المرض. في عام 2024 بلغ عدد الوفيات في جميع أنحاء العالم نحو 630 ألف شخصا. ولذلك فإن اكتشاف مستشفى كولونيا الجامعي يبعث على الأمل في إمكانية العثور على سلاح آخر في مكافحة الإيدز.
Table of Contents
اختبار أكثر من 800 جسم مضاد لفيروس نقص المناعة البشرية
قام فريق البحث بقيادة فلوريان كلاين، مدير معهد الفيروسات بفحص عينات دم من 32 شخصا. جميعهم مصابون بفيروس نقص المناعة البشرية، لكنهم طوروا من تلقاء أنفسهم أي بدون علاج استجابة جسدية قوية وواسعة النطاق ضد الفيروس.
اختبر الباحثون في المختبر أكثر من 800 جسم مضاد مختلف من عينات الدم هذه على قدرتها على تحييد فيروساتHIV وقد لفت أحدها المسمى 04_A06 الانتباه بشكل خاص. يحجب هذا الجسم المضاد المكان الذي يرتبط فيه الفيروس بخلايا الجسم أثناء الإصابة. وبالتالي يمنع فيروس نقص المناعة البشرية من دخول خلايا الجسم. عندما يدخل الفيروس إلى الخلية يعيد برمجتها لتتكاثر، مما يضعف جهاز المناعة على المدى الطويل.
يوجد مخطط بناء الأجسام المضادة في الجهاز المناعي البشري في ما يسمى بالخلايا الليمفاوية B. عندما تلتقي هذه الخلايا بمسببات الأمراض فإنها تنضج لتصبح خلايا بلازمية تفرز كميات كبيرة من الأجسام المضادة وينشأ 04 A06 بهذه الطريقة. قام الباحثون بفك شفرة مخطط بناء الجسم المضاد واستنساخه.
“لذلك لا داعي لأخذ عينات دم من المرضى مرارا، بل يمكن الاستفادة من البنية الجينية للأجسام المضادة. يتم نقل هذه البنية إلى خط خلوي في المختبر، مما يتيح إنتاج الأجسام المضادة بكميات كبيرة”. أي أننا نستخدم خلايا أخرى ونطلب منها: “يرجى إنتاج هذه الأجسام المضادة”.
الأجسام المضادة 04_A06 لعلاج الفيروس
في تجارب أجريت على فئران تحمل مكونات الجهاز المناعي البشري ومصابة بفيروس نقص المناعة البشرية تمكنت الأجسام المضادة 04_A06 من تحييد معظم فيروسات نقص المناعة البشرية تماما. أجرى الباحثون التجارب على ما يقرب من 340 نوعا من فيروسات نقص المناعة البشرية، بما في ذلك تلك التي كانت مقاومة بالفعل للأجسام المضادة الأخرى.
يوضح مدير المشروع فلوريان كلاين: “يتميز فيروس نقص المناعة البشرية بتنوع جيني كبير ولا تظهر العديد من الأجسام المضادة سوى نشاط محدود ضد جزء من هذه المتغيرات”. ويضيف أن تنوع الفيروسات يجعل من الصعب علاج فيروس نقص المناعة البشرية. لكن الجسم المضاد المكتشف حديثا تمكن من تحييد 98 في المائة من متغيرات الفيروس التي تم اختبارها.
لذلك يمكن أن يساعد 04_A06 الأشخاص المصابين بالفعل بفيروس نقص المناعة البشرية لأنه يمنع الفيروس من الوصول إلى الخلية. “إنه يلتصق ببروتين غلاف الفيروس. وبالتالي لا يستطيع الفيروس إصابة الخلية المستهدفة”. بالإضافة إلى ذلك، يوضح كلاين أن الفيروسات التي تلتصق بها الأجسام المضادة يتم التعرف عليها بشكل أفضل من قبل جهاز المناعة في الجسم ويتم القضاء عليها بشكل فعال.
04_A06 يمكن أن يكون له أيضا تأثير وقائي لمنع الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية. “عندئذٍ يلتقط الجسم المضاد الفيروسات قبل أن تتمكن من التكاثر في الجسم”.
غياب لقاح ضد فيروس نقص المناعة الكتسبة
لذا يمكن أن يعمل الجسم المضاد المكتشف حديثا كـ”تحصين سلبي”. أما التحصين النشط فهو لقاح يمكّن الجسم من إنتاج الأجسام المضادة بنفسه. لكن هذا اللقاح لا يوجد حتى الآن.
صحيح أن هناك دراسات جارية على لقاح mRNA . و الهدف هنا هو تحفيز الجهاز المناعي على إفراز أجسام مضادة باستخدام بروتين من غلاف فيروسHIV . لكن هذه الطريقة لم تُختبر حتى الآن سوى على نوع واحد من فيروس نقص المناعة البشرية. بالإضافة إلى ذلك، حسب كلاين سيكون من الصعب تحفيز الجسم على إنتاج أجسام مضادة قوية وواسعة النطاق باستخدام لقاح نشط.
يتم حاليا استخدام أدوية مختلفة على شكل أقراص أو حقن للوقاية من عدوى فيروس نقص المناعة البشرية. وقد حققت هذه الأدوية نجاحا كبيرا. ولكن حتى الآن يجب تناول الأقراص يوميا في الغالب. تمت الموافقة على المستحضرات طويلة المفعول ذات التأثير المطول، مثل تلك التي تحتوي على المادة الفعالة ليناكابافير في الولايات المتحدة الأمريكية والان في الاتحاد الأوروبي، ولكنها لا تزال غير متوفرة للبيع في الاتحاد الأوروبي.
وحسب فلوريان كلاين فإن الفكرة وراء الوقاية بالأجسام المضادة هي: |”الاستغناء عن الأقراص، لأن هناك احتمالا بنسبة تزيد عن 90 في المائة لمنع الإصابة بالعدوى”. يجب تناول الوقاية بالأجسام المضادة كل ستة أشهر تقريبا.
جسم مضاد جديد عالي الفعالية
صحيح أنه تم اكتشاف أجسام مضادة أخرى واسعة النطاق لفيروس نقص المناعة البشرية. لكن ” 04_A06 هو بالتأكيد أحد أقوى ممثلي هذه المجموعة”، هكذا تقيم ألكسندرا تروكولا، مديرة معهد الفيروسات الطبية بجامعة زيورخ النتائج البحثية التي توصلت إليها كولونيا. “من الناحية النظرية يحقق 04_A06 بمفرده فعالية لا تتحقق إلا في مجموعات الأجسام المضادة”. “قوي” في هذا السياق يعني: حتى لو تم إعطاء عدد قليل من الأجسام المضادة للخلايا المصابة، فإنها تحدث تأثيرا كبيرا. وهذا أمر مهم إذا كان الاكتشاف الذي تم في كولونيا سيتحول فعلا إلى دواء يتم إعطاؤه عن طريق الحقن. لأنه في هذه الحالة لا يمكن إعطاء سوى كمية معينة. لن يكون الحقن 20 مرة أمرا مزعجا فحسب، بل سيكون الدواء أيضا مكلفا للغاية في الإنتاج، كما يوضح كلاين.
لا يزال الطريق طويلا قبل التوصل إلى دواء
لكن قبل أن يتحول 04_A06 إلى دواء من المرجح أن يستغرق الأمر بعض الوقت، حسب كريستوف شبينر، رئيس قسم الأمراض المعدية في مستشفى إيزار التابع لجامعة ميونيخ التقنية. فالدراسة التي أجريت في كولونيا لا تتضمن سوى بيانات مختبرية حتى الآن “بحيث لا يمكن نقل فعاليتها مباشرة إلى الحياة الواقعية”. والآن يجب إجراء مزيد من الدراسات حول الجرعة والتحمل وفعالية الأجسام المضادة.
كما تؤكد ألكسندرا تروكولا: “لا يمكن التنبؤ الآن بما إذا كانت الأجسام المضادة ستثبت فعاليتها في الاستخدام السريري”. ولكن: “العلامات المبشرة واعدة في كل الأحوال”.
أعده للعربية: م.أ.م
مصدر الخبر
للمزيد Facebook





