آخر الأخبارأخبار دولية

اعتداءات 13 نوفمبر 2015: العمل الطويل والشاق من أجل مساعدة الضحايا


نشرت في: 28/09/2021 – 18:05

بدأت الثلاثاء في باريس جلسات الاستماع لشهادات ضحايا اعتداءات 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2015. وسيتناوب خلال خمسة أسابيع أكثر من 300 شخص، بين ناجين وأقارب ضحايا، أمام قاضي محكمة الجنايات لمحاولة إيجاد كلمات تصف الجحيم الذي عاشوه يومها. وتشكل هذه المرحلة محنة إضافية جديدة للأطراف المدنية التي لاقت سندا كبيرا، لا سيما الدعم النفسي، لدى جمعيات حماية ضحايا الإرهاب.

بعدما استمعنا كثيرا إلى صوت صلاح عبد السلام يصدح منذ بداية محاكمة المتهمين في قضية اعتداءات 13 نوفمبر/تشرين الثاني2015، جاء دور ضحايا هذه الاعتداءات لإسماع صوتهم. أكثر من 300 ضحية ومقربين للضحايا، من بين الـ1800 الذين يشكلون الطرف المدني في هذه المحاكمة سيتناوبون أمام القاضي للإدلاء بشهاداتهم ابتداء من الثلاثاء ولمدة خمسة أسابيع.

كل يوم إذن، سيحاول 15 شخصا البحث عن الكلمات لوصف المعاناة والرعب الذي عاشوه سواء كان قرب ملعب “ستاد دو فرانس” بضاحية سان دوني أو على مستوى ساحات وشرفات المقاهي الباريسية أو داخل قاعة مسرح “باتاكلان”. كما سيقف كل واحد بمفرده أمام المحكمة وأمام أكثر من 500 شخص آخرين ليروي خلال ثلاثين دقيقة تفاصيل حياته المحطمة بسبب الاعتداءات. تمرين صعب لم يتعود عليه ضحايا الاعتداءات رغم المساعدات، خصوصا الدعم النفسي، الذي قدم لهم من قبل جمعيات ضحايا الإرهاب.

وفي هذا الشأن، يقول فيليب ديبورون، رئيس جميعة “الأخوة والحقيقة 13،11،15” والتي تضم حوالي 400 مشترك: “اللقاءات التحضيرية الأولى مع المشتركين يعود زمنها إلى ما قبل الأزمة الصحية. طبعا، لقد تم مساعدة ضحايا الاعتداءات من الناحية النفسية وتحضيرهم وتدريبهم أيضا على طريقة الإدلاء بشهاداتهم. إنه تمرين صعب يثير الكثير من المخاوف. أن تجد نفسك أمام محكمة الجنايات وأنت تدلي بشهادتك تحت أنظار الجميع أمر يضعك في محل الدهشة، لا سيما أنظار المتهمين. كما هو من الصعب أيضا أن تنجح في احتواء مشاعرك لكي تستطيع أن تعبر”.

وأضافت ماري كلود ديجو، رئيسة الفيدرالية الوطنية لضحايا الاعتداءات الإرهابية والحوادث المشتركة لفرانس24: “قبل كل شيء، اتصلنا بجميع الضحايا وقمنا بتقييم الوضع النفسي والمادي لكل واحد منهم، ثم نظمنا بعد ذلك عدة ورشات بيداغوجية معهم”.

نفس الخطوة تقريبا انتهجتها جمعية باريس لمساعدة الضحايا، حسب مديرتها كارول دمياني التي صرحت لفرانس24: “قمنا بإرسال استبيان لتقييم الحاجيات الضرورية لكل ضحية ثم نظمنا لقاءات وجلسات خلال فصل الصيف الماضي”.

خلايا من أجل المساعدة والتأهيل للتعبير عن الصدمة والتأقلم مع المكان

هذا، وشكلت غالبية الجمعيات التي ساعدت ضحايا الاعتداءات ما يسمى بـ”خلايا التعبير عن الصدمة والمشاعر” حسب رئيس جميعة “الأخوة والحقيقة 13،11،15 الذي قال: “هذه المجموعات كانت بمثابة المرحلة الأولى للتعبير عن مشاعرهم وصدمتهم (مشاعر ضحايا الاعتداءات) وأمام أشخاص لا يعرفونهم. ثم اقترحنا بعد ذلك تنظيم ورشات خاصة لمعرفة كيف تعمل محكمة الجنايات ودور كل عضو في هذه المحكمة والمكان الذي يجلس فيه المشاركون وكيف تسير الإجراءات”.

وتابع دييورون “نظمنا أيضا خلال فصل الصيف الماضي زيارات لاكتشاف قاعة المحكمة الخاصة التي شيدت وسط ممر “الخطوات المفقودة” بمقر محكمة باريس القديم ومن أجل التأقلم مع المحاكمة والمكان التي تجري فيها. هذه الزيارات كانت مهمة للغاية لأنها تساعد على تقليص القلق والخوف في نفوس الضحايا. فكلما اعتدنا على المكان كلما كان من السهل التكلم والتعبير عن المشاعر والصدمات”.

هذا، وتم تقسيم الضحايا إلى مجموعتين اثنين: المجموعة الأولى تحمل شريطا أحمر، وهي المجموعة التي ترفض الحديث مع الصحافة. أما المجموعة الثانية والتي ترتدي الشريط الأخضر، فهي تقبل الإجابة على أسئلة الصحافيين.

وما ميز اللقاءات والجلسات التي نظمتها الجمعيات المدافعة عن حقوق الضحايا قبل بدء المحاكمة، هو الكم الهائل من الأسئلة التي طرحوها. من بينها “هل هناك فائدة من هذه المحاكمة؟ هل يمكن أن تؤثر شهادتي على وضعي الأمني؟ وهل يمكن أن تنعكس الشهادة التي سأدلي بها على أقاربي؟ الأسئلة كثيرة ومتنوعة” تقول كارول دمياني.

وأضاف ديبورون: “ضحايا آخرون يتساءلون عن المدة الزمنية التي ستستغرقها شهادتهم وعن مضمون هذه الشهادة”، مردفا:” لا نقدم لهم إرشادات أو تعليمات خاصة، لكن نحاول القيام بكل ما هو ضروي لطمأنتهم ولكي يشعرون بالراحة عندما يدلون بشهاداتهم أمام المحكمة”.

تردد الضحايا بشأن الإدلاء بالشهادات أمام الصحافة أو المحكمة

لا تزال بعض الأسئلة عالقة إلى يومنا هذا. بعض المجموعات لا تدري هل ستدلي بشهاداتها أم لا حسب كارول دمياني من جمعية باريس لمساعدة ضحايا اعتداءات باريس. “300 هو عدد الأشخاص الذين يمكنهم الإدلاء بشهاداتهم أمام المحكمة. هناك ضحايا آخرون لم يحسموا موقفهم من المشاركة وما زالوا يفكرون في الأمر. هذا التردد طبيعي كونه تمرين صعب، من جهة أخرى الحديث مع الصحافة ليس أمرا سهلا”.

كما ذكرنا أعلاه، ولمنع الكم الهائل من أسئلة الصحافيين الذين حصلوا على اعتماد لتغطية المحاكمة (حوالي 141 وسيلة إعلامية) اقترحت النيابة العامة نظاما خاصا يرتكز على الألوان. فالضحايا الذين يريدون التحدث مع الإعلام يرتدون الشريط الأخضر. أما الذين يرفضون ذلك، فما عليهم إلا ارتداء الشريط الأحمر.

في البداية، جرى الاتفاق أن النيابة هي التي تختار لون الشريط. “لكن في الأخير، قررت إعطاء لكل طرف مدني أشرطة من اللونين (الأحمر والأخضر)، الأمر الذي يسمح للضحايا إمكانية تغيير رأيهم في كل لحظة ووفق حالتهم النفسية. إنه شيء ممتاز”، يفسر فيليب ديبورون.

وجدير بالذكر أن جمعيات الضحايا أثنت على “البروتوكول النفسي” الذي تم وضعه لمرافقة ومساعدة ضحايا الاعتداءات. فيما تم نشر فرق من المساعدين داخل مقر المحكمة يرتدون سترات زرقاء كتب عليها “باريس تساعد الضحايا. هذه الفرق قادرة على التدخل في أية لحظة لتقديم يد الدعم للضحايا. ما دفع ماري كلود ديجو إلى القول: “على الضحايا أن لا يقلقوا بشأن المساعدة النفسية المخصصة لهم”.

وتابع فيليب ديبورون:” إطار المحاكمة غير المسبوق الذي وضعته النيابة هو إطار استثنائي وفريد من نوعه. أشيد بعملهم”.

أما فيما يتعلق بالتساؤلات التي تتعلق بتعدد البرامج النفسية المخصصة لمساعدة الضحايا خلال المحاكمة، فعاد ديبورون ليؤكد: “لا يمكن انتقاد الاهتمام الشديد الذي أظهرته الجمعيات إزاء الضحايا. نحن نعتقد أن مهما كانت طبيعة الاهتمام وحجمه فهو لا يكفي لتبديد الألم الذي يعانيه ضحايا الاعتداءات”.  

 

أود مازوي/ طاهر هاني


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى