آخر الأخبارأخبار دولية

من هو القاضي اللبناني طارق بيطار المكلف بالتحقيق ومن يسعى لتنحيته؟


نشرت في: 24/09/2021 – 16:32

يتعرض القاضي اللبناني طارق بيطار، المكلف بالتحقيق في الانفجار المزدوج الذي هز ميناء بيروت في أغسطس/آب 2020 لحملة من التشويه والضغوط المكثفة، بل الأكثر من ذلك أنه كان هدفا لتهديدات من قبل مسؤول كبير في حزب الله. بالنسبة للبعض من عائلات الضحايا، هذه التهديدات تعني أن “تحقيقاته تسير نحو الوجهة الصحيحة”. فمن هو هذا القاضي الذي ينظر إلى مهمته على أنها “مقدسة”؟ ومن هي الأطراف التي تسعى لتنحيته؟

منذ يوليو/تموز، دخل القاضي اللبناني طارق بيطار المكلف بالتحقيق في الانفجار المزدوج الذي هز ميناء بيروت في 4 أغسطس/آب في مواجهة مع الطبقة السياسية، التي ترفض رفع الحصانة عن عدة وزراء سابقين ومسؤولين أمنيين، الذين يريد استجوابهم.

وبحسب وسائل الإعلام اللبنانية، طارق بيطار ليس له انتماء سياسي في بلد مليء بالمحسوبية، وهو في نظر أسر الضحايا الرجل المناسب لهذه القضية، والشخص الذي يمكن أن ينقذ ماء وجه النظام القضائي في البلاد.

وهو نظام ترى هذه الأسر أنه يعتمد بشكل كبير على طبقة سياسية، رفضت أي فكرة عن تحقيق دولي، فيما لا تزال تنتشر شائعات تفيد بأن حزب الله قد يكون متورطا في تخزين أطنان من نترات الأمونيوم التي كانت سببا في تفجير الميناء.

“نعلم أن الأمين العام لحزب الله ليس من عادته أن يأخذ الكلمة في كل مرة، لكن منذ تعيين طارق بيطار، قدم عدة خطابات، استهدف فيها القاضي وتحقيقه، هل هذا يعني أن عمل القاضي يضايقه؟”، تتساءل أنطونيلا حتي عن عائلات الضحايا في تصريح لفرانس24.

وينحدر القاضي طارق بيطار، 46 عاما، من منطقة عكار شمال لبنان، ويحظى بتقدير كبير من قبل زملائه. ويبدو أنه لا تهزه التهديدات والضغوط حتى عندما يهاجمه حسن نصر الله شخصيا كما حصل بخطاب تلفزيوني في 8 أغسطس/آب، قال فيه الأمين العام لحزب الله: “التحقيق مسيس…إما يجب أن يعمل… بطريقة واضحة، أو على القضاء أن يجد قاض آخر”.

“بوصلة التحقيق في الاتجاه الصحيح”

تقول أنطونيلا: “لقد التقينا بالقاضي في عدة مناسبات، واستمع إلينا مليا ووعدنا ببذل أقصى جهد، في إطار القانون، للوصول إلى الحقيقة. لدينا ثقة كاملة به وفي العدالة التي يجسدها شخصيا على مستواه، علما أنه في بلد فاسد مثل لبنان وبعض القضاة موالين للأحزاب السياسية وبعيدين عن مبادئ النزاهة والحياد التي أظهرها طارق بيطار”.

وترى حتي، وهي شقيقة أحد الضحايا أن “التهديدات التي تستهدفه، تؤكد لنا أنه يقوم بعمل جيد. وأن بوصلة تحقيقه تشير إلى الاتجاه الصحيح، أي تجاه من يختبؤون للفرار من مسؤولياتهم ويخافون إلى درجة القيام بالمستحيل لإبعاده”.

وفي 4 أغسطس/آب 2020، قُتل شقيق أنطونيلا، نجيب حتي، وابن عمه شربل حتي وصهره شربل كرم في انفجار مرفأ بيروت، حيث تم إرسال فريقهم لرجال الإطفاء قبل دقائق من التفجيرات.

وتتحدث عائلات الضحايا، التي تبحث عن العدالة، عن طارق بيطار كقاضٍ صارم حريص على كشف الحقيقة في قضية يعتبرها مهمة.

وقال في مقابلة نادرة مع يومية “لوريان لوجور” اللبنانية، بعد أيام قليلة من تعيينه رئيسا للتحقيق في فبراير/شباط 2021: “قضية الانفجار المزدوج في مرفأ بيروت مقدسة. هي مهمة بدءا من اليوم، وأنا ضامن لها، وعلينا واجب تجاه الضحايا للوصول إلى الحقيقة “.

وأضاف: “سأذهب حيث يقودني القانون والحق، لن يوقفني شيء، لا أعرف إلى أين سيقودني التحقيق، لكنني لن أتركه ينحرف”.

“سنقوم باقتلاعك”

في الوقت الذي يشل فيه المأزق السياسي والقضائي التحقيق في الكارثة التي خلفت 214 قتيلا، وفقا لعائلات الضحايا، وإصابة قرابة 6500 شخص كما دمرت عدة أحياء، انتقل هذا الملف إلى مرحلة جديدة من العراقيل التي تعترض طريق طارق بيطار في القيام بمهمته، وهي أكثر خطورة من سابقاتها، إذ تعرض القاضي لتهديد خطير.

هذا التهديد جاء على وجه التحديد من قبل مسؤول كبير في حزب الله، الحركة السياسية العسكرية القوية الموالية لإيران، وهو حزب تربطه علاقات وثيقة مع عدة شخصيات سياسية، وردت أسماؤها في التحقيقات التي يجريها القاضي بيطار.

“لقد سئمنا منك. سنمضي على طول الطريق بالوسائل القانونية، وإذا لم يفلح ذلك، فسوف نقتلعك.” كانت تلك هي الرسالة التي يُزعم أنها بعث بها، بحسب عدة وسائل إعلام لبنانية، رئيس جهاز الأمن في حزب الله وفيق صفا، ونقلها إلى القاضي عبر صحافي بقيت هويته سرية.

وأكد القاضي اللبناني الخميس 23 سبتمبر/أيلول تعرضه لهذه التهديدات في رسالة وجهها إلى النائب العام في محكمة النقض القاضي غسان عويدات، حسب وسائل إعلام لبنانية. وطلب عويدات من بيطار تحرير تقرير عن هذه التهديدات، التي كشف عنها لأول مرة على تويتر الصحافي إدمون ساسين العامل في قناة LBCI.

ضغط شعبي ضد الضغط السياسي

قبل أيام من ورود أنباء عن تهديدات ضده، أصدر طارق بيطار مذكرة توقيف غيابيا في 16 سبتمبر/أيلول بحق يوسف فنيانوس، الذي رفض مرارا استجوابه. وهذا الوزير السابق للأشغال العامة والنقل، المحسوب على تيار “المردة” وهو حزب سياسي حليف لحزب الله ومقرب من النظام السوري، ملاحق بتهمة “النية المحتملة للقتل والإهمال”.

وفي رد منهم على قرار بيطار، قدم محامو الوزير السابق شكوى أمام محكمة النقض، طالبوا فيها أن يحال التحقيق في التفجير المزدوج لميناء بيروت على قاض آخر بدل بيطار، المتهم بـ”الارتياب المشروع”. من جانبه، ندد الوزير بـ”السلوك المنحرف” للقاضي.

بالنسبة لأنطولينا: “أسر الضحايا لا تتهم أي شخص، ليس لدينا الحق، لكن البعض يبدو أنهم يتهمون أنفسهم، لأنه عندما نكون أبرياء، لا نرفض الاستجابة لاستدعاء القاضي”.

وتشدد أنطونيلا حتي على توفير الحماية لبيطار حتى يقوم بمهمته. “إذا ثبت أن هذه الدولة الفاشلة، التي تديرها نفس الأحزاب التي تهدد القاضي وتحمي المشتبه بهم، غير قادرة على حماية بيطار، فنحن أسر الضحايا، مستعدون للقيام بذلك، نتناوب لحراسته في منزله ونوفر له حراسا شخصيين خلال تنقلاته”.

وفي الوقت الذي تواصل فيه أسر الضحايا التعبئة على مستوى الشارع والإعلام للحفاظ على مستوى الضغط على الطبقة السياسية، أتى وزير العدل اللبناني الجديد هنري خوري ليؤكد في 23 سبتمبر/ أيلول أنه سيتخذ كل الإجراءات الضرورية لضمان حماية القاضي.

ليس القاضي بيطار، الذي عين في فبراير/شباط على رأس هذا التحقيق عندما كان يشغل رئيس المحكمة الجنائية منذ 2017، هو القاضي الوحيد الذي تعرض لكم كبير من الضغوط، بل سبقه في ذلك القاضي فادي صوان الذي كلف قبله بنفس الملف، إلا أنه تم إبعاده في 18 فبراير/ شباط بقرار من محكمة النقض استجابة لطلب وزيرين كانا اتهمهما بالإهمال.

طارق بيطار لا يزال في موقعه، بل أنه انتقل إلى السرعة القصوى هذا الأسبوع. وقرر ملاحقة النواب غازي زعيتر، علي الخليل ونهاد مشنوق، المطالبين بالمثول أمامه في 30 سبتمبر/أيلول والأول من أكتوبر/تشرين الأول. كما حدد الرابع من الشهر المقبل موعدا لاستجواب جديد لرئيس الوزراء السابق حسان دياب، الذي غاب عن الاستجواب الأول في 20 سبتمبر/أيلول بسبب وجوده في الولايات المتحدة.

تبقى معرفة من سرب المعلومات عن تهديدات حزب الله للقاضي. هل هناك جهة تسعى إلى حماية طارق بيطار بإشهاد الرأي العام، أم جهة أخرى تريد أن تثبت أنه تم القيام بكل شيء لتنحية القاضي من منصبه؟

 

مارك ضو

حرره للعربية بتصرف: بوعلام غبشي


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى