إسرائيل تغيّر قواعد الاشتباك في الجنوب السوري: هل نحن أمام منطقة عازلة جديدة؟

الأخطر من الضربات نفسها، هو ما تلاها ميدانيًا، إذ انسحبت وحدات تابعة لقوات دمشق من السويداء، في خطوة فسّرها البعض بأنها تمهيد غير معلن لفرض منطقة عازلة في الجنوب السوري، خالية من أي سلاح ثقيل أو وجود عسكري حقيقي للجيش السوري أو حلفائه. ورغم أن هذه المنطقة لن تُدار مباشرة من تل أبيب، إلا أن مؤشرات كثيرة تدل على أنها ستكون تحت وصاية إسرائيلية غير مباشرة، سواء عبر الطيران أو المراقبة أو التنسيق الأمني غير المعلن.
هذا التطور الميداني لا يمكن عزله عن السياق السياسي الإقليمي، خصوصًا ما يتعلق بالعلاقة بين دمشق وطهران. فالغارات الإسرائيلية، والاشتباك الذي حصل، قد يدفع دمشق إلى فتح باب للتنسيق مع طهران، عبر تركيا ربما، ما يعني أن مرحلة ما بعد الضربات قد تشهد تحالفًا أعمق، خصوصًا في ظل التهديد المستمر للسيادة السورية.
ومن جهة أخرى، فإن هذا الاشتباك يُضعف، وربما يُجمّد، أي اندفاعة سورية نحو مسار التطبيع العلني مع إسرائيل، ويعزّز الخطاب الذي يرى أن الترتيبات الأمنية هي الأولوية، وليس الاتفاقات السياسية أو الدبلوماسية. فالنظام السوري اليوم، وبعد الضربات، يبدو أقلّ حماسةً لأي خطوات تطبيعية، وأشدّ تمسكًا بورقة التحالفات الإقليمية.
أما إسرائيل، فمن الواضح أنها لا تبحث عن تطبيعٍ شامل مع دمشق، بل عن ترتيبات أمنية تُفرض بالقوة، وتخدم مصالحها على الحدود الشمالية، حتى لو بقيت العلاقة الرسمية مجمّدة.
ما جرى في دمشق ليس مجرد ضربة، بل رسالة مدوية: إسرائيل ترسم من جديد حدود النار… والسياسة.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook