آخر الأخبارأخبار دولية

الحكومة الجديدة أمام تحديات صعبة وسط “تشكيك” بنوايا الطبقة السياسية


نشرت في: 21/09/2021 – 17:11

انطلقت أعمال حكومة لبنان برئاسة نجيب ميقاتي، بعد حصولها على ثقة البرلمان الإثنين، في ظل انهيار اقتصادي غير مسبوق في البلاد. ويتجلى التحدي الأبرز لهذه الحكومة بـ”احتواء الانهيار”، مع ما يتطلبه من خطوات أساسية أبرزها التفاوض مع صندوق النقد وإعادة هيكلة المصارف والقطاع العام. كما سيتوجب عليها إجراء الانتخابات النيابية في موعدها. لكن محللين عدة يشككون في نوايا الطبقة السياسية اللبنانية التي تقف خلف هذه الحكومة بالقيام بإصلاح جدي، أو رغبتهم بإجراء الانتخابات، لما في ذلك من تأثير على نفوذهم ومصالحهم.

حازت الحكومة اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي على ثقة المجلس النيابي في جلسة عقدت الإثنين، بعد فراغ حكومي استمر أكثر من سنة وفي ظل انهيار اقتصادي غير مسبوق. فما هي التحديات التي تنتظرها وما هي أولوياتها وهل ستكون قادرة على التصدي لها؟

الأولوية الأساسية: “احتواء الانهيار”

تشير مهى يحيى، مديرة مركز كارنيغي للشرق الأوسط، إلى أن “أولوية الحكومة هي في احتواء الانهيار”.

إذ يشهد لبنان انهيارا اقتصاديا متسارعا منذ صيف عام 2019 صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850. وفقدت الليرة اللبنانية نحو 90 في المئة من قيمتها أمام الدولار، وبات وفق الأمم المتحدة 78 في المئة من السكان يعيشون تحت خط الفقر. كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية، بحسب مرصد الأزمة في الجامعة الأمريكية في بيروت، بنسبة 700 في المئة.

لكن لائحة التحديات الطويلة تشمل أمورا عديدة أبرزها: تحقيق استقرار العملة الوطنية ومكافحة التضخم المفرط والشح الذي يطال مواد رئيسة.

مهمة التفاوض مع صندوق النقد

تكمن الخطوة الأولى في اتجاه احتواء الانهيار، بحسب المحللين، في استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. فبعد إعلان لبنان التخلف عن سداد ديونه في أيار/مايو 2020، بدأت الحكومة السابقة برئاسة حسان دياب مفاوضات مع صندوق النقد الدولي وعقدت جلسات عدة ما لبثت أن عُلقت بسبب خلافات بين المفاوضين اللبنانيين.

وكانت الحكومة السابقة وضعت خطة اقتصادية كاملة تضمنت إصلاح قطاعات عدة بينها قطاع الكهرباء المهترئ والقطاع المصرفي وإجراء تدقيق جنائي في حسابات مصرف لبنان، إلا أن الخطة لم تخرج إلى النور جراء اعتراض أطراف عدة عليها ومع توقف المفاوضات مع صندوق النقد.

وفي خطوة مرتبطة بالمفاوضات مع صندوق النقد، سيكون على الحكومة اللبنانية أيضا استعادة ثقة المجتمع الدولي الذي يشترط القيام بإصلاحات ضرورة من أجل حصول لبنان على دعم مالي يساعده على الخروج من الأزمة.

إعادة هيكلة المصارف والقطاع العام

في هذا الإطار، يشرح الخبير الاقتصادي مايك عازار أن الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي يعني “إصلاحين رئيسيين: إعادة هيكلة القطاع المصرفي والمصرف المركزي، وأيضا القطاع العام، ولا سيما ديونه”.

لكن بحسب عازار، فإن “إعادة هيكلة القطاع العام لها تأثير على الأحزاب السياسية، فهو المصدر الرئيس لتمويل نظامها الزبائني”. ويتساءل عازار “كيف سيقبلون ذلك؟”.

كما يرى الخبير الاقتصادي أن عمليتي إعادة الهيكلة ضروريتين من أجل تحقيق استقرار العملة والأسعار “فلا شيء يمكن القيام به” من دونهما، إذ إن هبوط التضخم وسعر الصرف يعتمدان عليهما إلى حد كبير.

معضلة رفع الدعم

مع تراجع احتياطي المصرف المركزي من العملات الأجنبية، شرعت السلطات برفع الدعم تدريجيا عن مواد أساسية أبرزها الوقود والأدوية.

لكن سياسة رفع الدعم لم تخفف من أزمة شح حادة في المحروقات والأدوية. فما زال المواطنون ينتظرون ساعات طويلة أمام محطات البنزين، كما يطلب كثر من معارفهم في الخارج شراء الأدوية لهم.

وفي هذا الإطار، اعتبر ميقاتي في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الجمعة أن الدعم يجب أن يتوقف تماما، مشيرا إلى أن حكومته ستكتفي فقط بدعم أدوية وخصوصا تلك الضرورية للأمراض المزمنة.

ملف التدقيق الجنائي

بعد أشهر من المماطلة والجدل بين الأطراف المعنية، وقع وزير المالية الجديد يوسف الخليل الجمعة، بعد أيام قليلة من تسلمه منصبه، عقد التدقيق الجنائي مع شركة “ألفاريز ومارسال” الذي عُلق في خريف 2020 بعد تعذر حصول الشركة على كافة المستندات المطلوبة من المصرف المركزي.

ويعد تنفيذ التدقيق الجنائي خطوة أساسية كونه ورد ضمن بنود خارطة الطريق التي وضعتها فرنسا لمساعدة لبنان على الخروج من دوامة الانهيار الاقتصادي. كما يطالب به صندوق النقد الدولي.  

في الجانب السياسي: الانتخابات التشريعية

من جانب آخر، سيكون على عاتق الحكومة الجديدة تنظيم الانتخابات التشريعية المرتقبة، والتي التزم ميقاتي بإجرائها في موعدها في أيار/مايو المقبل.

وتأمل العديد من القوى التغييرية أن تُشكل الانتخابات خطوة، وإن صغيرة، على طريق تجديد النخبة السياسية، التي تحكم البلاد منذ عقود ولم تتغير تقريبا منذ الحرب الأهلية (1975-1990).

إلا أن الباحث في العلوم السياسية ميشال دويهي يرى أن الطبقة الحاكمة مستعدة للقيام بأي شيء على ألا تخسر شيئا من سلطتها. ويقول “تسعى هذه المنظومة من خلال الحكومة لالتقاط النفس مجددا”، مضيفا بشأن الانتخابات “قد يؤجلونها في اللحظة الأخيرة حفاظا على أنفسهم”.

 

فرانس24/ أ ف ب


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى