تم إعدامه ببلد قرب لبنان.. قصة مثيرة عن أخطر جاسوس إسرائيلي

وذكر المكتب نيابة عن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “الموساد” أنه “في عملية سرية ومعقدة بالتعاون مع جهاز استخباراتي استراتيجي شريك، تم نقل الأرشيف السوري الرسمي المتعلق بإيلي كوهين إلى إسرائيل”.
ويضم الأرشيف نحو 2500 مستند وصورة، وأغراضاً شخصية أصلية، معظمها يُكشف لأول مرة.
وجاء الإعلان عن هذه العملية بمناسبة مرور 60 عاماً على إعدام الجاسوس كوهين، والذي حدث في يوم 18 أيار 1965.
ووصف نتنياهو، إيلي كوهين، بأنه “أعظم جاسوس في تاريخ الدولة، ساهم في النصر التاريخي في حرب الأيام الستة (حرب حزيران 1967)”.
من هو إيلي كوهين؟
إيلي كوهين يهودي من أصل سوري؛ عمل جاسوساً لإسرائيل في سوريا، حيث تمكن من اختراق المجتمع السياسي السوري في ستينيات القرن العشرين تحت اسم منتحَل هو “كامل أمين ثابت”. اكتشِف أمره فأعدِم، وبينما تهوّن الرواية الرسمية السورية من دوره، تعتبره إسرائيل بطلا قدم إليها الكثير من المعلومات الحساسة.
المولد والنشأة
الدراسة والتكوين
مسار التجسس
عمل إيلي كوهين في شبكة تجسس إسرائيلية على مصر تحت قيادة أبراهام دار المعروف بـ”جون دارلينغ”، نفذت سلسلة من التفجيرات ضد مصالح أميركية في الإسكندرية لإفساد العلاقة بين القاهرة وواشنطن، عُرفت لاحقا بـ”فضيحة لافون”. وألقي القبض عليه في مصر أكثر من مرة قبل أن يهاجر إلى إسرائيل.
وفي كانون الأول 1956 – في أعقاب حرب السويس مباشرة- غادر إيلي كوهين مصر نهائياً، وختم جواز سفره بتأشيرة “سفر بلا عودة”.
وللقيام بتلك المهمة رتبت له المخابرات الإسرائيلية قصة ملفقة يبدو فيها سورياً مسلما يحمل اسم شخص يدعى “كامل أمين ثابت”، هاجر مع عائلته من سوريا إلى الإسكندرية ثم سافر عمه إلى الأرجنتين عام 1946 ليلحق به كامل وعائلته عام 1947.
وعند وصول كوهين إلى العاصمة الأرجنتينية بوينس أيرس كان يحمل معه جواز سفر سورياً يحمل صورته واسم “كامل أمين ثابت”، ويشير إلى أنه من المشتغلين بالتجارة والتصدير.
وما لبث باسمه الجديد وهويته الجديدة أن اندمج في أوساط السوريين واللبنانيين الذين يعيشون في بوينس أيرس. وبعد شهور أصبح كامل أمين ثابت صاحب شركة ملاحة وله حسابات متعددة في بنوك الأرجنتين وسويسرا.
وبنى كوهين على مدار عامين صورته بوصفه رجل أعمال سورياً ناجحاً، وكون لشخصيته الجديدة هوية لا يرقى إليها الشك، فاكتسب وضعاً متميزاً لدى الجالية العربية هناك باعتباره رجلاً وطنياً شديد الحماس لبلده، وأصبح شخصية مرموقة في بوينس أيرس.
بدأ كوهين يدعى إلى احتفالات بعض السفارات العربية وبينها السفارة السورية، وهناك تعرف على الملحق العسكري السوري الجديد العقيد أمين الحافظ وتوثقت الصداقة بين الرجلين، وقـُدّر لاحقا للعقيد الحافظ أن يلعب دورا مهما في دوامة الانقلابات السورية بعد انتهاء الوحدة بين مصر وسوريا بالانفصال، فأصبح “لواء” ثم “فريقا”.
دخل إيلي كوهين دمشق 1961 فأعلن تصفية نشاطه الاقتصادي بالأرجنتين والاستقرار في سوريا “لدواع وطنية”. وخلال فترة التجربة كان الجاسوس الإسرائيلي ضيفا لدى أعلى مستويات القيادة السياسية والعسكرية في سوريا.
وبدأت رسائل كوهين إلى قيادة الموساد تقنع رئيسها أيسر هاريل بأنه عثر على كنز في العاصمة السورية، فقد كان يدعى إلى كل حفلات النخبة الحاكمة في دمشق ونواديها، وكان يشترك في كثير من المناقشات السياسية والاقتصادية.
وحول ملابسات كشف أمر كوهين قال الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل إن المخابرات المصرية هي التي كشفت حقيقته للمخابرات السورية، بعد أن وصلت إلى القاهرة مجموعة من الصور للفريق أمين الحافظ أثناء زيارته لبعض المواقع في الجبهة السورية، وكما يحدث عادة فقد كلف أحد ضباط الاستطلاع بالتدقيق في الصور وتحديد جميع الأشخاص الظاهرين فيها.
وأمام وجه كامل أمين ثابت في وسط الصورة بالقرب من الفريق أمين الحافظ توقف ضابط المخابرات المصري لأنه لم يستطع أن يتعرف على شخصيته، وجرى تكبير صورة الشخص المجهول وعممت على عدد من إدارات المخابرات.
وتذكر أحد ضباط هيئة الأمن القومي الذين يعملون في مجال مكافحة النشاط الصهيوني في مصر أن الوجه الذي يراه في الصورة ليس غريبا عليه، وبعد عملية مراجعة وتدقيق اكتشف مذهولا أنه يحدق في صورة وجه “إيلي كوهين” الذي كان تحت المراقبة لنشاطه الصهيوني قبل خروجه من مصر نهاية سنة 1956.
جرى التعامل مع الموضوع بحذر شديد، وسافر أحد ضباط المخابرات العسكرية المصرية إلى دمشق حاملا معه ملف كوهين وصوره.
وهناك، تم الاتصال بقائد الأمن الداخلي في سوريا العميد أحمد سويداني ووضعت أمامه كل التفاصيل، فقام بوضع كوهين تحت المراقبة، واكتشف بالفعل هوائي جهاز الإرسال الذي يستعمله داخل بيته في دمشق لكي يبعث رسائله إلى قيادة الموساد، ثم استطاع في اليوم التالي دهم كوهين والقبض عليه.
تهوّن الروايات الرسمية السورية من قيمة الجاسوس إيلي كوهين وتنفي معرفة أمين الحافظ به سواء في الأرجنتين أو سوريا، وتقول إن ما أرسله إلى إسرائيل كان في معظمه معلومات عامة، وأنه فشل في اختراق القيادات العسكرية والسياسية حسبما يُشاع، واقتصرت علاقاته المُفيدة لنشاطه تقريبا على الضابط معز زهر الدين الذي حُكم عليه بالسجن خمس سنوات، إضافة إلى مدني يُدعى جورج سالم سيف.
وعلى النقيض من ذلك؛ تعتبر إسرائيل إيلي كوهين إحدى معجزاتها، وأصدرت طابعا بريديا تذكاريا يحمل اسمه وصورته، ويُعتقد أنها تقف خلف إنتاج الفيلم الأميركي الشهير “جاسوس المستحيل” عام 1987 الذي تم تصويره في إسرائيل. كما أنشأت موقعا إلكترونيا رسميا خاصا به باللغة العبرية.
الوفاة
وفي التسعينيات اشترطت إسرائيل استعادة رفات كوهين لإجراء محادثات مع سوريا، وراجت أنباء غير مؤكدة تشير إلى أن الرفض السوري للشرط سببه عدم معرفة سلطاتها بمكان الجثة، خصوصا أن مكان دفنها أصبح مجهولا بعد تحريكها من مكانها ثلاث مرات، تفادياً لإمكانية سرقتها من قبل الموساد الإسرائيلي.
وفي آذار 2016 استغل الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين وجود القوات الروسية في سوريا، ليطلب من نظيره الروسي فلاديمير بوتين التدخل لدى الحكومة السورية لإعادة رفات كوهين. (الجزيرة نت)
مصدر الخبر
للمزيد Facebook