آخر الأخبارأخبار محلية

تشديدُ برّي على الحوار.. كيف عزّز حماية المسيحيين؟

بالنسبة لرئيس مجلس النوّاب نبيه بري، لا يمكن اعتبار مرحلة ما قبل جلسة 14 حزيران الرئاسية الشهيرة، كالمرحلة التي ستأتي بعدها. حتماً، بعد المشهدية التي حصلت في مجلس النواب، بات بري في موقع الجهة السياسية التي اتخذت طرفاً “غير مُحايد”، وواقعياً الأمرُ هذا طبيعي وبديهي، فـ”الإستاذ” كرّس دعماً مباشراً لرئيس تيار “المرده” سليمان فرنجية في سباق رئاسة الجمهورية، ومنذ اللحظة التي اقترع فيها للأخير، أضحى رسمياً ضمن الجبهة المُناوئة لقوى المُعارضة.  


عملياً، لا يُعدّ هذا الأمرُ “إدانة” لبرّي كما تعتبرُ بعض الأطراف السياسية، فبعد جلسة الأربعاء راحت بعض الأطراف “المُعارضة” تنتقد بري وإصطفافه في مجالسها. هنا، السؤالُ يطرحُ نفسه: من قال إنه لا يحقّ لبري تأييد الطرف الذي يشاء؟ في حال كان رئيساً لمجلس النواب، ألا يحقّ له إختيار المرشح الذي يريد؟ ألا يحق له التصويت؟

سياسياً ودستورياً، لا شيء يمنعُ رئيس مجلس النواب (سواء أكان بري أم غيره) من تأييد مرشح للرئاسة، وفي حالة برّي فالأمرُ يعتبر عادياً جداً لأن الأخير لديه كُتلة سياسية وازنة تؤثر كثيراً على المعادلة الإنتخابية. وأساساً، لدى كتلة بري رأيٌ مهم في الإستحقاق وتأثيرٌ لا يمكن إنكاره خصوصاً من خلال تكتلها مع “حزب الله” داخل البرلمان. إنطلاقاً من كل ذلك، بات موقع بري في الدعوة إلى الحوار صعباً، فلا يُمكن لـ”طرفٍ” في معركة الرئاسة أن يدعو لطاولة نقاش.. من جهته، يُدرك بري هذا الأمر، ولهذا السبب أطلقَ نداءه باتجاه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لقيادة حوارٍ رئاسي بصفة الأخير “وسطياً” ولا علاقة مباشرة له في الإستحقاق، كما أنه لا يقترع أو ينتخب الرئيس. حُكماً، يمكن للبطريرك أن يؤدي المهمّة التي أوكلها بري إليه، وبالنسبة لـ”حزب الله” لا اعتراض على ذلك إذ تقول مصادر مقرّبة منه لـ”لبنان24″: “ما يقرره بري في أي أمرٍ سيوافق عليه الحزب حُكماً، وبكل بساطة يُمكن القول إن بري بات مُفاوضاً عن نحو 30 نائبٍ تقريباً، أي عن نواب “كتلة التنمية والتحرير” وعن نواب “كتلة الوفاء للمقاومة” أيضاً”.  

في أساس هذا الأمر، يرى بري أنّ وضع الامر في عهدة البطريرك أساسهُ يرتبطُ بأمرين: الأول وهو أنّ رئيس مجلس النواب لا يريدُ كسر إرادة المرجعية الأولى لدى المسيحيين في لبنان، وتحديداً الموارنة. حقاً، ما فعله بري كان تكريساً لمكانة بكركي وتأكيداً على دورها، ومن خلالها يمكن أن يحصلَ التوافق على الموقع الأول للموارنة في لبنان. بهذا الأمر، يكون بري قد “حصّن” المسيحيين مُجدداً وحمى وجودهم وحقوقهم من خلال البطريركية المارونيّة، وهذه النقطة تشهدُ لها الأخيرة ولا يمكنها التغاضي عنها حتى لو لم تصل المحاولات الرئاسية إلى نتيجةٍ إيجابية. ولكن، السؤال الذي يُطرح: هل سيتمكن البطريرك من إتمام المهمّة التي وضعها برّي في عُهدته؟

بالنسبة للبعض، قد يكونُ إسناد مهمة إدارة الحوار إلى البطريرك بمثابة “توريطٍ” للأخير مع الجبهة المسيحية، لكن هناك وجهة نظرٍ أخرى تقولُ إن “عباءة بكركي” يمكنها أن تشمل الجميع، لكن هذا الأمر يحتاجُ إلى تنازلاتٍ من مختلف الأطراف. فعلى صعيد “القوات اللبنانية”، هل بإمكان رئيسها سمير جعجع “معارضة” البطريرك والتمرّد على أي دعوة يتخذها للحوار مع “حزب الله” والقوى الأخرى؟ بالنسبة للكثيرين، قد تحصلُ “المُكابرة” نوعاً ما في البداية، لكنه في النهاية سيحصلُ الحوار إن كانت هناك إرادة بحلّ داخلي. أما على جبهة “التيار الوطني الحر” فطاولة الحوار مع “حزب الله” هي غايةٌ “لا تُترك” ويجبُ عاجلاً أم آجلاً أن “تُدرَك”. بشكلٍ أو بآخر، سيكون “التيار” أول اللاهثين وراء ذاك الحوار، وسيلاقيه الحزب “التقدمي الإشتراكي” وكذلك الأطراف السّنية التي يمكن أن تضع ملف الرئاسة في عُهدة البطريرك. وفي حال تمكّن الأخير من شدّ الجميع إلى بكركي، عندها يُمكن القول إنّ الحلول قد بدأت، وبالتالي تحقق النجاحُ المطلوب، وسيكون هذا الأمرُ مدعوماً بضغطٍ خارجي ستبدأ مفاعليه بعد أيام وتحديداً مع بدء زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان للبنان يوم الأربعاء المقبل.

وبشأن هذه الزيارة المُرتقبة، تقول مصادر “الثنائي الشيعي” لـ“لبنان24” إنّ هناك آمالاً كبرى تعلق عليها، ومن الممكن أن يقول بري كلاماً واضحاً أمام لودريان مفاده إنَّ التوافق هو السبيل الأول لخروج لبنان من مأزق الشغور الرئاسي، كما أنه من الممكن أن يُحمّل الموفد الفرنسي رسالة لمختلف الأفرقاء بضرورة الإلتفاف على طاولة حوارٍ بأسرع وقتٍ ممكن لأن خيارات الحل غير ذلك تبقى غير مُتاحة حالياً ومحدودة في الوقتِ نفسه.  

إذاً، وبكل ذلك، يبقى الرهانُ على ما سيحصلُ خلال أيام، فيما من المنتظر أن تكون هناك بوادر إيجابيّة للحراك الفرنسي الذي يتقاطعُ مع دورٍ سعودي ناشط.. فهل تأتي كلمة السرّ للحوار من الخارج؟ وهل سيكون هناك تكليفٌ فعلي من دول القرار للبطريرك بخوض تلك المهمة؟ كل شيء وارد..


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى