آخر الأخبارأخبار محلية

سيناريوهات الحرب من لبنان وعليه.. تفاصيل استعدادات حزب الله

في سيناريو مثالي لدى “حزب الله” والمحور المتحالف معه، تنتهي الحرب الإسرائيلية على غزة من دون حصول أي تقدم بري للجيش الاسرائيلي وتكتفي تل ابيب بالمجازر التي حققتها ضدّ المدنيين، على اعتبار أن عدم إستغلال قادة الاحتلال لهذه اللحظة التاريخية التي حصلت فيها حكومتهم على دعم دولي غير مسبوق يتيح لهم استخدام القوة من دون سقف، يعني أن الردع إنتهى الى الأبد، وأن ما فعلته حماس يمكن لحزب الله فعل أضعافه من دون ان يخشى أي ردة فعل اسرائيلية نظرا لاختلاف حجم القوة والامكانات بين غزة ولبنان. في هذا السيناريو ستنتهي الحرب من دون أي تضرر فعلي بالبنية التحتية والعسكرية لحماس وتبقى غزة خط دفاع أول عن كل حلفائها في المنطقة.

في الساعات الماضية، لم تعد الحماسة الاسرائيلية المرتبطة بالحرب البرية ذاتها، بات الجو الاعلامي أكثر حذراً، خصوصاً ان تقدماً برياً وبمعزل عما سيؤدي اليه من فتح جبهات اخرى، سيكون كارثيا على الجيش الاسرائيلي لسببين، الأول مرتبط بطبيعة الحرب الهجينة التي تعاني فيها الجيوش النظامية وخاصة بالأماكن المبنية، والثاني هو أن معنويات الجيش الاسرائيلي لا تزال منخفضة جداً ولا يمكنه خوض هذه الحرب مع المقاومة الفلسطينية التي لديها معنويات عالية جدا بعد ما حققته في غلاف غزة، أضف الى كل ذلك أن أي عملية برية ستعني حكما تراجع حجم الاعتماد على سلاح الجو مع ما يعنيه ذلك في الميدان.

إن اكتفاء إسرائيل بأسلوب الثأر العشائري سينهي إحتمالات الحرب المتعددة الجبهات، خصوصا إذا لم يطل القصف والحصار الخانق على غزة، فإمكانية تدخل “حزب الله” ومن خلفه قوات عسكرية من دول مختلفة في المعركة مرتبط بعدة أمور وليس حدثاً واحداً، الاول هو التقدم البري الشامل في قطاع غزة، أي ان تبدأ تل بيب معركة برية كبرى والثاني هو ذهاب تل ابيب بسياسية تجويع القطاع وإخضاعه إنسانيا حتى النهاية، الثالث هو توجيه ضربة قاسمة للبنية العسكرية للمقاومة الفلسطينية في القطاع وتراجع قدرتها على الصمود، وأخيرا التدخل الاميركي المباشر في المعركة عبر قصف جوي او قوات برية. في هذه الحالات سيصبح فتح جبهة الجنوب أمراً محسوما لا مفر منه.

لكن التدرج الذي تعتمده اسرائيل في التصعيد، ان استمر، سيقابله تدرج في فتح الجبهات. ولعل بدء تحرك الضفة الغربية هو أول مؤشر حقيقي على بداية انتقال المعركة الى خارج القطاع وهذا الحراك العسكري في جنين وغيرها من المناطق سيتصاعد بشكل سريع، يليه إشتعال التحركات الشعبية في أراضي الـ٤٨، قبل الوصول الى فتح علني وشامل لجبهة جنوب لبنان وربما جنوب سوريا.

في هذه المرحلة يعتمد “حزب الله” اسلوباً واضحاً في التعامل مع الحرب في غزة، ولولا تخطي تل ابيب لقواعد الاشتباك من خلال قتلها عناصر للحزب سابقاً وقصفها المباشر للصحافيين اللبنانيين والعراقيين، لتوقف تدخل الحزب المباشر في الازمة عند رسالته الاولى التي اعلن خلالها قصف مواقع الجيش الاسرائيلي المتاخمة للبنان. اراد الحزب ايصال رسالة وحيدة ومباشرة بأنه جاهز للانخراط في الحرب، ليليها تسخين جبهة الجنوب عبر التحركات العسكرية للفصائل الفلسطينية من خلال اقتحامات واطلاق نار واطلاق صواريخ، لكن انخراط الحزب اليومي في الاحداث يعود الى التعامل الاسرائيلي غير العقلاني مع ما يحصل ما يتطلب تثبيت لقواعد الاشتباك لمنع تفلت آلة الحرب الاسرائيلية.

منذ اليوم الأول بدأ “حزب الله” ممارسة مستوى معين من الاستنفار طال جزءا بسيطا من قواته المقاتلة، لكنه حافظ بشكل كبير على عمل مؤسساته الروتيني، وهذا شمل الاراضي اللبنانية كافة مع تأكيدات تنظيمية بضرورة بقاء الجميع على اهبة الاستعداد، لكن الساعات الماضية شهدت رفع مستوى الاستنفار اذ حصلت اخلاءات في مناطق معينة فقط، تحسباً للاسوأ بالتوازي مع عمل بعض الوحدات المرتبطة بالمهجرين وخطة الإجلاء التي وضعها الحزب منذ سنوات وأجرى تعديلات عليها خلال التوترات الاخيرة لحظة ترسيم الحدود البحرية.

“كلما تأخر تدخل الحزب في المعركة، كلما كان أفضل”، هذه هي قراءة بعض المطلعين على الأحداث، اذ ان استمرار استنزاف الجيش الاسرائيلي في المعركة في غزة يتيح لباقي الجبهات التجهز والتحضير ونقل الامدادات وتعزيزها، ولعل ما يحصل من اشتباكات متفرقة وعملية اختبار بالنار للقبة الحديدة على طول الحدود يشير الى ان هناك من يحاول معرفة نقاط الضعف في الدفاعات الاسرائيلية تمهيدا لاي تطور مقبل. كما أن مشاهد القصف والدمار في غزة تمهد الطريق لأوسع تضامن شعبي وتعيد ترتيب الواقع السياسي في المنطقة ما يعطي غطاءً سياسيا للحرب الكبرى التي لن تكون المنطقة بعدها كما كانت قبلها وهذا ما ألمح اليه وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان خلال مؤتمره الصحافي في السفارة الايرانية في بيروت. لم يعطِ “حزب الله” اي ضمانات او تطمينات، هو يربط تدخله حصرا بتطور المعركة في فلسطين او بتدحرج الاشتباك عند الحدود، حتى ان عدم خروج الامين العام للحزب بأي اطلالة يزيد من حجم الغموض الذي يعززه طريقة تعامل الحزب ميدانيا، فهو لا يظهر استعدادا للحرب ولا يظهر في الوقت نفسه انكفاء عنها…


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى