آخر الأخبارأخبار دولية

هل هذه “غنيمة حرب” أمريكية صادرتها طالبان؟ لا بل مقبرة دبابات سوفياتية

نشرت في: آخر تحديث:

ادعى موقع فيديو نشر في 30 آب/أغسطس من قبل حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي أنه يظهر دبابات أمريكية سقطت في يد مقاتلي طالبان. ولكن في الحقيقة يتعلق الأمر بدبابات مهجورة منذ نهاية التدخل العسكري للاتحاد السوفياتي في أفغانستان (بين عامي 1979 و1989) تركب قرب مطار قندهار جنوب البلاد. وتدل صور التقطتها أقمار اصطناعية على أن عشرات العربات هذه لم تتحرك من مكانها منذ عشرات السنين ومن المرجح إذا أنها أصبحت خارج الخدمة.

بعد انسحاب آخر الجنود الأمريكيين من مطار كابو في 30 آب/أغسطس الماضي، تساءل كثيرون عن حجم الترسانة الحربية التي تم “تركها” لفائدة حركة طالبان.

من جهة، هناك تجهيزات عسكرية تابعة للجيش الأمريكي وللجيش الأفغاني الذي جهزته الولايات المتحدة من جهة ثانية. وأكد البنتاغون أنه دمر جزءا هاما من الترسانة الأمريكية التي تركت في كابول وتركها خارج الخدمة وهو ما أكده جنرال من الجيش لفائدة موقع يو أس إيه توداي وهو ما لا ينطلق عن تجهيزات الجيش الأفغاني التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات.

وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، حاول عدد كبير من الناس توثيق ما يعتبره البعض “غنيمة حرب” من خلال مقاطع فيديو صورها مقاتلو طالبان بأنفسهم في معظم الأحيان. ونرى بالخصوص هذا الجزء من غنيمتهم في مقطع الفيديو هذا الذي نرى من خلاله رجلا يصور نفسها واقفا قبالة دبابة وتحيط بها عشرات العربات العسكرية الرابضة في قطعة أرض شاسعة.

وتداول هذا الفيديو بالخصوص النائب الفرنسي عن حزب “الجمهوريون” إريك سيوتي في تغريدة على تويتر يندد فيها قائلا: “هذه فضيحة، الجيش الأمريكي ترك وراءه مئات الدبابات والطائرات المروحية وعربات حربية أخرى في يد الإرهابيين”.


Capture d’écran du tweet d’Éric Ciotti posté le 31 août. © Les Observateurs de France 24

صورة ملتقطة من الشاشة لتغريدة إريك سيوتي على تويتر في 31 آب/أغسطس. صورة مراقبون فرانس24. 

وكتبت التغريدات الأولى التي نشرت على تويتر منذ يوم 30 آب/أغسطس بلغة البشتون وهي المنتشرة في جنوب أفغانستان. وتؤكد هذه التغريدة على تويتر أن المشهد تم تصويره في “مطار كابول”. ويمكننا أيضا أن نسمع الرجل وهو يقول “قندهار” بين الثانيتين الأولى والثالثة من مقطع الفيديو.

وسقطت مدينة قندهار التي تقع في جنوب البلاد غير بعيد عن الحدود مع باكستان بين يدي مقالتي طالبان في 13 آب/أغسطس الماضي. فيما غادرت القوات الأمريكية من جانبها مطار المدينة الذي يمثل ثاني أكبر قاعدة عسكرية للولايات المتحدة في البلاد من شهر أيار/مايو الفائت.

ونجحت فريق تحرير مراقبون فرانس24 في تحديد إحداثيات المكان الذي صور فيه المشهد بدقة ويقع في جنوب شرق البلاد خارج مطار قندهار وهو ما يؤكد المكان الذي ذكر في بعض الحسابات على تويتر على غرار حساب “كوبيزير“. وبالفعل نجد على اليسار دبابات رابضة جنبا إلا جنب أمام سلسلة أشجار ظاهرة في خلفية المقطع المصور ونفس الأرضية البنية الفاتحة.

Capture d'écran Google Earth aux coordonnées : 31°29’00”N 65°51’50”E
Capture d’écran Google Earth aux coordonnées : 31°29’00”N 65°51’50”E © Les Observateurs de France 24

صورة مقتطفة من الشاشة من تطبيق غوغل إرث بالإحداثيات التالية 31°29’00”N 65°51’50”E. صورة مراقبون فرانس24.

“كل هذه العربات هي روسية الصنع”

وحتى وإن ثبت أن المشهد يظهر بالفعل دبابات في أفغانستان، فإنها لا تظهر ما كان يتوقعه النائب الفرنسي. فقد نبه العارفون والمغرومون بالتجهيزات العسكرية إريك سيوتي إلى أن هذه العربات تشبه أكثر الطراز السوفياتي. ونرى على سبيل المثال دبابات من طراز تي 54 أو تي 55 التي تم تصنيعها في أواسط القرن الماضي.، هذا ما صرح لفريق تحرير مراقبون فرانس24 نيكولاس دروموند الذي عمل سابقا في الجيش البريطاني والمتخصص في جيش البر:

من الصعب تحديد نوع هذه الدبابات بسبب الجودة الرديئة لمقطع الفيديو ولكن يبدو أنها تشبه خليطا من دبابات من طراز تي 54 وتي 55 وتي 62. العربات الموجودة على اليسار هي عربات قتالية لقوات المشاة من طراز بي أم بي وان. أما العربة ذات العجلات ذات البرج المخروطي فهي من طراز بي أس دي أم. ووراء عربات بي دي أر أم نرى أسلحة مدفعية ثقيلة مضادة للطائرات من طراز زاد أس يو 23/4.

وكل هذه العربات هي من صنع روسي.

بإمكاني القول إن هذه العربات تركها الروس خلفهم بعد رحيلهم عن أفغانستان في نهاية ثمانينات القرن الماضي. دبابات تي 54 وتي 55 هي الأكثر إنتاجا عبر التاريخ وصنع منها نحو مئة ألف وحدة.

ويمكن لنا أن نقارن النماذج الموجودة في مقطع الفيديو مع صور طرازات روسية تحدث عنها الخبير البريطاني.

وإليكم على سبيل المثال صور لدبابة روسية من طراز تي 62 أثناء انسحاب القوات السفياتية من أفغانستان في سنة 1987 ونرى نفس الطراز في الثانية الرابعة من مقطع الفيديو الذي تم التقاطه هذا الأسبوع في قندهار.

Image extraite de la vidéo à gauche et image de 1987 à droite
Image extraite de la vidéo à gauche et image de 1987 à droite © Les Observateurs de France 24

على اليسار صورة ملتقطة من مقطع الفيديو وعلى اليمين صورة تعود لعام 1987. صورة مراقبون فرانس24.

Chars de la vidéo de Kandahar à gauche et chars T-54/55 russes de l'armée afghane à droite.
Chars de la vidéo de Kandahar à gauche et chars T-54/55 russes de l’armée afghane à droite. © Les Observateurs de France 24

على اليسار، دبابات ظهرت في مقطع الفيديو المصور في قندهار وعلى اليمين صور دبابات من طراز تي 54 وتي55 روسية تابعة للجيش الأفغاني صورة مراقبون فرانس24.

إذا، لا يتعلق الأمر بالتأكيد بـ”ترسانة” حربية تركها الأمريكيون بل ببقايا مرور القوات السوفياتية في البلاد بين عامي 1979 و1989.

ولكن سؤال آخر يبقى موضع شك: ما هي حالة هذه العربات المدرعة الظاهرة في المقطع المصورة؟ وهي يمكن استغلالها؟

ومن خلال صور الأقمار الصناعية في فترات مختلفة، يمكن لنا أن نرى أن مواقع توقف الدبابات لم تتغير منذ عام 2012.

3 captures d'écran issues des images satellites exploitées par Yandex, Google Earth et ESRI
3 captures d’écran issues des images satellites exploitées par Yandex, Google Earth et ESRI © Les Observateurs de France 24

 ثلاثة صور ملتقطة من الشاشة مأخوذة من صور الأقمار الصناعية على مواقع ياندكس وغوغل إيرث وأيسري. صورة مراقبون فرانس24.

ومن المرجع أن هذا المكان يمثل مقبرة للدبابات الروسية غير القابلة للاستخدام، ويوجد مواقع كثيرة مشابهة لهذا المكان في البلاد من مرور القوات السوفياتية بها. ويعد أشهرها ذلك الموجود قرب مطار كابول كما يوجد بالفعل موقع مشابه قرب مطار قندهار تحدث عن هذا المقال باللغة الفارسية.

في المحصلة، ما قدم على أنه “كنز حربي أمريكي” من قبل البعض ليس في الواقع إلا مجرد دبابات روسية قديمة مهجورة منذ وقت طويل وأصبحت خارج الخدمة. في المقابل، من مصلحة حركة طالبان أن تبقي على الاعتقاد بأن هذه التجهيزات العسكرية قابلة للتشغيل وذلك لغايات دعائية. وهو ما أشار إليه محلل سابق في مكافحة الإرهاب في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية سي آي إيه في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية أ ف ب.




مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى