آخر الأخبارأخبار دولية

جهاديو تنظيم “الدولة الإسلامية” الأجانب وعائلاتهم في مخيمات الاحتجاز.. “أبعاد أمنية وسياسية وإنسانية شائكة”

مازالت قضية الجهاديين الأجانب الذين قاتلوا في صفوف تنظيم “الدولة الإسلامية” وعائلاتهم، تتفاعل مع الدعوات المتواصلة لدولهم الأصلية بضرورة العمل على استعادتهم وإغلاق هذا الملف نهائيا. هذا ما جاء اليوم على لسان وزير الخارجية السعودي الذي اعتبر أنه “من غير المقبول” ألا تقوم الدول الغنية باستعادة مواطنيها من هؤلاء. وسيم نصر، صحافي فرانس24  المتخصص في الحركات الجهادية، يعتبر في هذا التحليل أن الموضوع سياسي بامتياز، ويحمل في ثناياه جملة من القضايا الأمنية والاجتماعية والإنسانية الشائكة، وأن الحل الوحيد له هو استعادة الدول الأوروبية تحديدا لمواطنيها الموجودين في مخيمات الاحتجاز.

نشرت في: 08/06/2023 – 17:04

عقد التحالف الدولي ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” اجتماعا الخميس 8 حزيران/يونيو في العاصمة السعودية الرياض، جاءت خلاله دعوات سعودية وأمريكية للدول الغربية لاستعادة مواطنيها ممن قاتلوا في صفوف التنظيم مع عائلاتهم، المحتجزين في سجون ومخيمات في سوريا والعراق.

وفي مستهل الاجتماع وبحضور وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، اعتبر وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أنه “أمر محبط وغير مقبول إطلاقا” عدم قيام بعض الدول الغنية والمتطورة باستعادة مواطنيها، متوجها إليها بالقول “يجب أن تتحملوا مسؤولياتكم”.

من جهته، أشاد بلينكن بالدول التي أقدمت على تلك الخطوة، قائلا إن “استعادة (الرعايا) أمر أساسي لتقليص الأعداد في مخيمات الاحتجاز مثل مخيم الهول الذي يستقبل نحو 10 آلاف أجنبي”.

وأكد وزير الخارجية الأمريكي أمام الدول الأعضاء في التحالف الذي تأسس في 2014 أن “الإخفاق في استعادة المقاتلين قد يؤدي بهم إلى حمل السلاح من جديد”.

“وصمة عار على جبين الديمقراطيات الغربية”

وسيم نصر، صحافي فرانس24 المتخصص في الحركات الجهادية، يعتبر أن موضوع “الدعوات للدول الغربية تحديدا لاستعادة مواطنيها أعضاء التنظيم ليست جديدة. أذكر أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب كان قد دعا خلال ولايته الدول الأوروبية لاسترداد مواطنيها”.

وأورد نصر أن الأعداد الأكبر من هؤلاء محتجزون في سوريا والعراق وسط ظروف إنسانية سيئة للغاية، وانعدام لآفاق الحلول السياسية لقضيتهم، “هناك دول أقدمت بالفعل على استرجاع رعاياها كالغرب والدول الآسيوية وكندا مثلا، في حين مازالت الدول الأوروبية تحديدا تماطل بهذا الموضوع. ويمكن تقسيم أزمة هؤلاء إلى ثلاثة أجزاء: الرجال المقاتلون، النساء والأطفال، والأطفال الذين كبروا وبلغوا في مخيمات الاحتجاز”.


03:13

ويرسم وسيم نصر صورة إنسانية قاتمة لمستقبل الفئة الأخيرة، معتبرا أن هؤلاء ضحايا “معضلة لا علاقة لهم بها، وهي معضلة قانونية تتمثل بكيفية محاكمتهم. وأثناء هذه الفترة وطول مدة انتظارهم، تتقلص الحلول السياسية لأزمتهم، وبالتالي يبقون عرضة للتجنيد في تلك المخيمات ولتبني الأفكار المتطرفة “. وأضاف “ما ذنب الأطفال الذين ولدوا في المخيمات مثلا لأن يتحملوا هذا المصير. إنها وصمة عار على جبين الديمقراطيات الغربية، وهذا قد يؤسس لفوز خطاب التنظيم القائل بأن دول هؤلاء تخلت عنهم للأبد”.

مخاوف أوروبية أمنية

ويحتجز عشرات آلاف الأشخاص بينهم أفراد عائلات جهاديين من أكثر من 60 جنسية في مخيمات الهول وروج وغويران شمال شرق سوريا الخاضعين لإدارة الأكراد، وفي السجون العراقية.

ومنذ إعلان القضاء على تنظيم “الدولة الإسلامية”، تطالب الإدارة الذاتية الكردية الدول المعنية باستعادة رعاياها من أفراد التنظيم الموجودين في مخيمات، خصوصا في مخيم الهول الذي يشهد أعمال قتل وعنف وفوضى وحوادث أمنية.

لكن على الرغم من النداءات، لم تستعد غالبية الدول مواطنيها. وقد تسلمت دول قليلة عددا من مواطنيها، مثل أوزبكستان وكازاخستان وكوسوفو. واكتفت أخرى، خاصة الأوروبية، باستعادة أعداد محدودة من النساء والأطفال

بالنسبة لوسيم نصر، يخضع قرار الدول الأوروبية بشأن استعادة هؤلاء لمعايير متعددة أهمها خشية الدول من الرأي العام لديها بشأن هذه القضية، فضلا عن المخاوف من أثرهم داخل السجون ومخاطر تجنيدهم لعناصر أخرى أثناء سجنهم. لكن من جهة أخرى، هؤلاء متواجدون هناك دون محاكمات، أي أنهم حتى اليوم لم يواجهوا العقوبات القانونية المنصفة جراء ما اقترفوا. فهل يكون الحل بإبقائهم على هذه الوضعية؟”

إشكالية أخرى يطرحها نصر، “الدول الإقليمية تخشى بطبيعة الحال هرب هؤلاء من المخيمات، أو أن تخضع قضيتهم لتسوية سياسية إقليمية محلية تؤدي أيضا إلى إطلاق سراحهم. هذا سيعيد الأمور إلى المربع الأول وستعود دوامة العنف من جديد”.

“الحل الوحيد يكمن باسترجاع الدول لمواطنيها” 

يذكر أنه في آذار/مارس الماضي، حذر مايكل كوريلا، قائد القيادة الوسطى للجيش الأمريكي (سنتكوم) من خطر مقاتلي التنظيم المحتجزين في سوريا والعراق، معتبرا أنهم “جيش حقيقي قيد الاعتقال، وفي حال تحريرهم سيشكلون خطرا كبيرا”.

وأوضح المسؤول العسكري الأمريكي أنه “ما من حلول عسكرية لقضية هؤلاء”.

استنتاج كوريلا يوافق عليه وسيم نصر، “من المؤكد أنه ما من حلول عسكرية لهؤلاء، موضوعهم سياسي بامتياز. الحل الوحيد هو أن تقوم الدول الأوروبية باسترداد رعاياها ومحاكمتهم لديها. لكن في ظل الظروف السياسية الحالية أخشى أن هذا لن يحصل. ما من حلول في المدى المنظور”.

ورقة سياسية

وبينما أصدرت المحاكم العراقية المئات من الأحكام بالإعدام أو السجن مدى الحياة بحق المتهمين بالانتماء إلى التنظيم، تحذّر الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا من أنها لا تتمتع بالقدرات الكافية من أجل مواصلة احتجازهم، ناهيك عن محاكمتهم.

“مع الأخذ بعين الاعتبار المخاوف الكردية، إلا أن هؤلاء يبقون ورقة ضغط بيد الأكراد لتحقيق مكاسب سياسية”، حسب نصر الذي أضاف “هذا يقع في خانة التطورات السياسية والعسكرية في شمال سوريا”. أما حول المحتجزين في العراق “قبل ثلاث سنوات سلم الأكراد عددا من الفرنسيين من أعضاء التنظيم للعراق، الذي أصدر أحكاما بالإعدام بحق بعضهم. ومع أنه تم إعدام العراقيين، إلا أن هؤلاء ما زالوا يقبعون في السجون، بمعنى آخر هم ورقة مساومة ومصالح بين العراق وفرنسا”.

ولم يغفل وسيم نصر فداحة الأوضاع التي تحذر منها الإدارة الكردية في المخيمات التي تخضع لسيطرتها، “على مر السنوات، نشأت سلطة بديلة داخل المخيمات خارجة عن سلطة الأكراد، حتى بات الموضوع يتطلب التخطيط والتحضير لعملية عسكرية جدية لدخولها من أجل اعتقال شخص مطلوب. كل هذا يؤدي إلى أن الحل الوحيد لهذه القضية، هو أن تقوم الدول باستعادة مواطنيها من تلك المخيمات ومحاكمتهم لديها، وأن تعمل على استعادة النساء والأطفال. دون هذا لن تكون هناك حلول جدية لهذه القضية، وسيبقى المعتقلون من تنظيم ’الدولة الإسلامية‘ هاجسا لدى دول المنطقة التي تخشى عودتهم لنشاطهم”.

وبحسب تقديرات نشرت في تقرير لمجلس الأمن الدولي في شباط/فبراير، مازال لدى التنظيم “ما بين 5 إلى 7 آلاف عنصر ومؤيد ينتشرون بين العراق وسوريا، نحو نصفهم من المقاتلين”.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى