آخر الأخبارأخبار محلية

العرب لن يعودوا إلى سوريا إلا عبر البوابة اللبنانية

القرار الذي اتخذه وزراء الخارجية العرب بعودة سوريا إلى الحضن العربي كان الحدث الأبرز، ولكنه لم يكن مفاجئًا لأنه كان متوقعًا منذ اللحظة الأولى التي تم فيها الإعلان عن الاتفاق السعودي – الإيراني. ولولا هذا الاتفاق لما كانت سوريا قد عادت إلى العرب، ولما كان العرب قد عادوا إلى سوريا، مع ما تحمله هذه العودة من معانٍ سياسية وقومية بديهية، وهي لا تخلو بالطبع من علامات الاستفهام حول جدلية هذه العودة وظروفها وطبيعتها وتوقيتها ومدى انعكاسها على عودة النازحين السوريين من دول الجوار، وبالأخصّ من لبنان، إلى الداخل السوري، وتحديدًا إلى المناطق التي باتت مستقرّة وآمنة. 

Advertisement

ولا نقول جديدًا عندما نشير إلى أن حلفاء سوريا وإيران في لبنان اعتبروا أن هذا الحدث يصبّ في خانتهم، وهو بالتالي يعزّز موقعهم السياسي، خصوصًا إذا تمكّن الناشطون على خطّ الرياض – حارة حريك من تأمين الأجواء المناسبة لانخراط “حزب الله” في المشروع العربي الجديد القائم على التهدئة والاستقرار، مع ما يعنيه الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في لبنان للعرب عمومًا وللملكة العربية السعودية خصوصًا، إضافة إلى ما يمكن أن تعكسه العودة السورية إلى الحضن العربي من إعادة فتح بوابة العلاقات اللبنانية – السورية على مصراعيها، بدءًا بالبحث الجدّي بين الحكومتين اللبنانية والسورية في ترتيب العودة الآمنة لأغلبية السوريين النازحين، ومن ثم الانتقال إلى ملف ترسيم الحدود البرّية والبحرية بين لبنان وسوريا، إضافة إلى ما هنالك من نقاط بحث لا تزال عالقة بين الدولتين، والتي يجب البدء بحلحلتها تباعًا.  
إلاّ أن هذا القرار لم ينزل بردًا وسلامًا على قلوب عدد لا بأس به من اللبنانيين، الذين لا يزالون يحمّلون النظام السوري مسؤولية معظم المشاكل، التي يعاني منها لبنان، وبالتحديد ما خلفته أزمة النازحين السوريين من تداعيات على الوضع اللبناني المتهالك في الأساس، مع ما يرافق هذا الحدث من شكوك تساور هذه الفئة من اللبنانيين حول إمكانية التزام سوريا بما تضمّنه قرار العودة من شروط وموجبات.  
وتبعاً لهذه الشكوك التي يعتبرها البعض مبرّرة فإن ما ينتظره لبنان في المرحلة التي ستلي القمة العربية في جدة قد لا يكون في حجم الآمال المعلقة لاستكمال حلقات التعافي، والتي تبقى ناقصة ما لم ينتخب رئيس للجمهورية يكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين أولًا، ويكون قادرًا على إعادة وصل ما انقطع من علاقات طبيعية بينه وبين أشقائه العرب، في ضوء المستجدّات الأخيرة المتمثلة بالتقارب السعودي – الإيراني وبعودة سوريا إلى العرب أو عودة العرب إلى سوريا. 
فهل جاء ضم لبنان مثلًا إلى لجنة الاتّصال الوزارية العربيّة لمتابعة تنفيذ بيان عمان في شأن حلّ أزمة النازحين السوريّين بمثابة “ترضية”، ولو شكليّة للبنان بعدما تصاعدت ردود فعل عديدة فيه احتجاجاً على استبعاده عن اجتماع عمان قبل أيام؟ 
بعض الديبلوماسيين العرب، الذين يواكبون أعمال الجامعة، ومن بينهم بالطبع أمينها العام، يعرفون أن للحضور اللبناني نكهة خاصة ومميزة، وهو يحظى باحترام كل الدول العربية، التي تتطلع إلى أن يعود إلى لعب دوره المحوري الجامع كما كان في السابق. 
وعلى رغم الأزمات الكثيرة والمتراكمة التي يمرّ بها حاليًا فإن العرب، وبالأخص المملكة العربية السعودية بقيادتها الحالية، التي تنتهج سياسة الانفتاح، يعوّلون الكثير على ما يمكن أن يؤديه لبنان من أدوار انطلاقًا من تجاربه الخاصة كنموذج يُحتذى في تكاملية تعايش الطوائف والمذاهب بين بعضها البعض في جو من الوئام والانسجام، من دون أن يعني ذلك ذوبان شخصية أي مكّون من هذه المكونات، التي تصنع معًا هذه الفرادة – النموذج. وما بات مسلمًا به هو أن ثمة قناعة عربية شبه شاملة بأن عودة سوريا إلى الحضن العربي لن يكون لها المفعول إياه، قبل أن تعود العافية السياسية والاقتصادية إلى لبنان، وأن هذه العودة تبقى مشروطة قبل أن يقرّر العرب العودة الطبيعية إلى سوريا عبر البوابة اللبنانية.  


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى