آخر الأخبارأخبار محلية

عسكرياً.. هكذا سيستفيد حزب الله من أزمة إسرائيل

ما يشهدهُ كيان العدو الإسرائيليّ من تخبّطٍ كبير بعد أزمة ما يُسمى بـ”التعديلات القضائية”، إنّما يكشفُ عن إنعدامِ قوّة الرّدع التي تغنّى بها الجيش الإسرائيلي على مدى سنوات وعقود. هنا، فإنّ “الإنكسار” القائم لعنصر القوّة العسكرية سيخدُم “حزب الله” في لبنان بشكلٍ كبير، سواءً على الصعيدين العسكريّ أو السياسي.. والسؤال الذي يُطرح هنا: كيف سيكون ذلك.. ماذا سيجني الحزبُ من التهالك الذي يشهده الكيان الإسرائيلي؟”. 


الأساسُ في الأزمة الإسرائيليّة القائمة هي أنّها ضربت مراكز أساسيّة أبرزها وزارة الدفاع التي لديها اليدُ الطولى في قرار الحرب والسّلم. فبعدما أقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزير دفاعه يوآف غالانت لرفضه “التعديلات القضائية” التي جمّدها نتنياهو رسمياً في خطابٍ له، أمس الإثنين، أضحت الوزارة مُشرّعة على سيناريوهات جديدة بشأن سدّ الفراغ فيها. فرغم تأجيل ملف إقرار “التعديلات القضائية” لمدة أشهُر، بقيَ ملف وزارة الدفاع الإسرائيليّة مطروحاً على طاولة البحث مع أنّ الحديث عن بدائل لغالانت في الداخل الإسرائيلي قد بدأ جدياً. وفي حال حصل الأمر وتمّ اختيار البديل عن غالانت، وفي حال أيضاً أعيد الأخير إلى منصبه، تبقى الثغرة الأولى متصلة بإهتمامات تلك الوزارة التي باتت حقاً وزارة دفاعٍ عمّا تبقى من “أمن الكيان” المُهدّد وليست وزارة حربٍ تشنُّ الهجوم بهدفٍ توسّعي.  


فعلياً، فإنّ الأزمة الإسرائيليّة تعتبرُ محورية جداً على الصعيد الإستراتيجي، فتل أبيب باتت مُنكبّة اليوم على معالجة وضعها الداخلي، وبالتالي فإنّ أي سيناريوهات لمواجهة عسكريّة على أيّ جبهة من جبهات القتال المعروفة سلفاً (غزة وجنوب لبنان بشكل خاص) باتت مُرجأة لا بل بُحكم الملغاة.. فالجيش الإسرائيلي بات يعاني من أزمة “ثقة” بينه وبين الحكومة، فرفض الخدمة العسكريّة ضمن الجيش يُشكل هاجساً واضحاً لـ”دولة أمنيّة”، كما أن إعلان تأجيل نتنياهو ملف “التعديلات القضائية” لا يعني أنّ مُشكلة رفض الخدمة قد حُلّت تماماً.. ضمنياً، فإنّ المشكلة هي أبعد من ذلك، وتتصلُ في قدرة الجيش الإسرائيلي على التّماسك، وفي حال “اندثر” ذلك، فإنّ وجود “إسرائيل” ككيان مُحتل سينكسرُ تماماً بإنكسار قوته العسكرية التي شكلت هويته منذ سطوته على فلسطين عام 1948. 


كيف سيستفيدُ “حزب الله”؟ 


من دون أدنى شك، يُمكن لـ”حزب الله” أن يستفيدَ بقوة مما يشهدهُ الجيش الإسرائيلي من “اهتزازات”. فعسكرياً، باتت تل أبيب غير حاضرة لشنّ أي هجومٍ باتجاه الحزب لأن انشغالها الداخلي يطغى على الأولويات. كذلك، فإنَّ الجبهة مع لبنان تعتبرُ نقطة حساسة جداً لـ”إسرائيل”، وإشعالها يعني إنهاكاً كبيراً للجيش، وبالتالي تعزيز الإنهيار الذي يسعى نتنياهو لتلافيه مع قادة العدو الآخرين.

 

وأمام كل ذلك، فإنّ الإستفادة التي سيجنيها “حزب الله” ستكونُ كبيرة من جهة “إرتياح جبهته العسكرية الداخلية”، إلا أنّ هذا الأمر لا يعني أن الحزب قد يبقى بعيداً عن أيّ عملية عسكرية قد يجري تنفيذها لاحقاً. مع هذا، فإنّ “التزعزع” الذي يضرب الجيش الإسرائيلي بات مُترجماً وبشكل لافت عند الحدود، فالإجراءات التي تتخذ بإستمرار تشيرُ إلى مخاوف كبرى لدى الإسرائيليين من جبهة لبنان، وهو أمرٌ يعني سيطرة ميدانية للحزب أكثر من أي وقتٍ مضى.  


إضافةً إلى ما سبق، فإنَّ الإرباك الإسرائيلي بسبب أزمة “التعديلات القضائية” سيُعطي “حزب الله” المزيد من الوقت للإنصراف نحو تعبئة عسكرية أكثر شمولية، وسيؤسس لوقتٍ إضافي يُمكن خلاله تعزيز الوجود العسكري عند الحدود الجنوبية وتمكين الجبهات العسكرية أكثر فأكثر استعداداً لأيّ مواجهة مقبلة. والمفارقة هنا هي أنّ جبهة كيان العدو “متزعزعة” لدرجة أنّ الإنقسام بات يتزايد في صفوف الجيش، في حين أنّ “حزب الله” يُضاعف من قوّته القتالية بمعزلٍ عن الأزمة التي يشهدها لبنان. وعليه، فإنّ قدرة التحكم بالوقت هي لصالح “حزب الله”، في حين أنّ إنصراف اهتمام أجهزة المخابرات الإسرائيلية باتجاه ما يجري على الأراضي الفلسطينية المُحتلة من تطوّرات، قد يؤدي إلى استفادة الجبهات القتالية الفلسطينية من تعزيز تواصلها في ما بينها، وإلى تمكين قدراتها الهجوميّة أيضاً وتطوير شبكة الإتصال مع الجبهات الأخرى بما فيها جبهة “حزب الله” في جنوب لبنان. وعملياً، هذا الأمرُ حصل مؤخراً وبشكلٍ علني، إذ تكثفت لقاءات الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله مع مختلف الفصائل الفلسطينية الأساسية مثل حركتي “حماس” و “الجهاد الإسلامي”، وكان اتفاقٌ على تعزيز العمل والتنسيق خلال المرحلة المقبلة. 


إذاً، ووسط هذه المشهديّة القائمة، فإنّ الوضعَ يشيرُ إلى أن المواجهات العسكريّة مؤجّلة، فالعدو مشغول بنفسهِ، وأيُّ مغامرة هنا أو هناك ستزيد من التشرذم السياسي والأمني على حدّ سواء. ولهذا، فإنّ الإستنفار الداخلي في كيان الإحتلال لن يكون مُترافقاً مع إستنفار في مكانٍ آخر، فالأولوية للداخل قبل أيّ شيء، وفي حال كُسِر الجيش وأُنهِك في حرب أهلية تلوحُ في الأفق، عندها سيصبح الكيانُ في خطر كبير جداً. 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى