آخر الأخبارأخبار محلية

هل تستطيع باريس أن تقنع الرياض بمرشحها؟

واهمون الذين يعتقدون أن الهمّ اللبناني، على أهميته بالنسبة إلى اللبنانيين، كان حاضرًا في المحادثات السعودية – الإيرانية، التي سبقت الاتفاق الجديد بينهما برعاية صينية هذه المرّة. فالأولوية في محادثات بكين كانت للوضع في اليمن بما يشكّله من أهمية استراتيجية بالنسبة إلى الأمن النفطي أولًا، وبالنسبة إلى الأمن السعودي ثانيًا، وبالنسبة إلى علاقة إيران بالحوثيين ثالثًا، وبالنسبة إلى استقرار المنطقة أولًا ورابعًا وأخيرًا. 

أمّا الوضع في لبنان فله بحث آخر. وقد يكون لكل من الرياض وطهران اهتمام به، ولكن في مرحلة متقدمة، وبعد تثبيت اتفاق بكين، وبعد التأكد من حسن النوايا، وبعد مرور شهرين على الأقل، قبل الانتقال إلى مرحلة جديدة. فإذا سارت الأمور كما هو مخطّط لها، ووفق أجندة محدّدة الخطوات والأهداف، يمكن بعدها التعريج على الملفات الأخرى، والتي يمكن أن تكون مدماكًا جديدًا في تدعيم العلاقات الثنائية، التي تحتاج إلى الكثير من العناية والدّقة في مقاربة الملفات الشائكة، ويمكن أن تحمل في طياتها قنابل موقوتة وقابلة للتفجير إذا لم يحسن الطرفان التعاطي معها بعقلانية وحكمة مطلوبتين بالقدر ذاته من قِبَل السعوديين والإيرانيين بالتوازي والتساوي الإيجابي.  

ومن بين هذه الملفات الشائكة يأتي الوضع في العراق أولًا، ثم الوضع في سوريا ثانيًا، على أن يوضع الملف اللبناني بعد كل هذا وذاك على طاولة التشريح. وهذا يعني تلقائيًا أن الحلّ الممكن للوضع اللبناني مؤجل البحث فيه إلى ما بعد الانتهاء من الملفات الأكثر أهمية في الاستراتيجيات الكبرى. 

إلا أن هذا لا يعني أن كلًا من الرياض وطهران غير مهتمتين بالملف اللبناني، وبالتحديد من زاوية الاستحقاق الرئاسي. لكن هذا الاهتمام يندرج في إطار توسيع مروحة المساعي التي تقوم بها فرنسا، بالتنسيق مع السعودية، وبموافقة أميركية ضمنية، الأمر الذي يوحي بأن ثمة حلحلة متوقعة على صعيد تذليل بعض العقد، التي لا تزال تحول دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية حتى الآن. 

وقد يكون اجتماع باريس، وإن لم يرشح عنه بعد أي إشارة إيحائية، خطوة جدّية أولى في مسيرة الأف ميل، التي ستوصل أحد المرشحين المحتملين الطبيعيين وغير الطبيعيين إلى قصر بعبدا، بعيدًا عن الأسماء المتداولة حاليًا، والتي لا تزال تخضع للغربلة، سواء بالنسبة إلى رئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية المدعوم علنًا من “الثنائي الشيعي”، أو بالنسبة إلى النائب ميشال معوض، الذي لا يزال مدعومًا من الأحزاب “السيادية”، أو بالنسبة إلى الأسماء الأخرى، التي يتم التداول بها، والتي تنسب إلى لائحة قد أعدّتها بكركي، على رغم نفي المطران أبو نجم هذا الأمر. 

قد يكون من المبكر الحكم على نتائج المساعي التي تقوم بها فرنسا، وإن كان البعض يحاول الإيحاء بأنها ترّوج لأحد المرشحين دون سواه، مع ما يرافق هذه المساعي من اتصالات قائمة مع أطراف اقليميين، ومن بينهم السعوديون، لضمان عدم وضع “فيتو” على هذا المرشح، قبل الانتقال إلى مرحلة “الاقناع الداخلي”، والتي تتطلب جهودًا أكبر لتأمين عدم مقاطعة أحد المكونات السياسية الأساسية لأي جلسة قد يُدعى إليها لاحقًا مجلس النواب. 

فإذا ضمنت باريس حصولها من الرياض على وعد بعدم وضع “فيتو” على أي مرّشح، حتى ولو كان مدعومًا من “الثنائي الشيعي”، فأنه يصبح في الإمكان الانتقال إلى مرحلة جديدة من البحث الجدّي للخروج من شرنقة الفراغ الرئاسي، مع العلم أن السعودية، ومن خلال سفيرها في بيروت وليد البخاري، أبلغت جميع المعنيين بالاستحقاق الرئاسي، سواء في الخارج أو الداخل، أنها لا تدخل في لعبة الأسماء، وهي تكتفي بتحديد مواصفات محدّدة لمرحلة جديدة تكون متلازمة مع الانتخابات الرئاسية ومع سّلة من الإصلاحات .  


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى