آخر الأخبارأخبار محلية

لمن لا يعرفها… من هي غادة عون؟


أعرف من يعرفها جيدًا وعن قرب. كانتا تجلسان جنبًا إلى جنب على مقاعد جامعة القديس يوسف، وتخرّجتا معًا من كلية الحقوق. الأولى اتجهت نحو معهد القضاء، والثانية اختارت مهنة الاعلام بدلًا من المحاماة، وهي تحمل أيضًا إجازة في الاعلام من كليتها في الجامعة اللبنانية. 

تقول الإعلامية عن زميلتها في الدراسة الجامعية، أي غادة عون، ولم تكن قد انتسبت إلى “التيار العوني”، الذي لم يكن يومها من بين الأحزاب والتيارات السياسية، التي ناضلت ودافعت عن سيادة لبنان وحريته، إن “الهرّة كانت تأكل عشاءها”، وهو تشبيه يُستعمل عادة للدلالة على أن الشخص المعني غير معني كثيرًا بما يجري حوله، أو بمعنىً إيجابي لهذا التعبير أنها كانت مهذبة وخجولة إلى درجة تفوق الوصف. 

وتستغرب هذه الإعلامية، التي فوجئت بتصرفات زميلتها منذ أن أفصحت علانية عن انتمائها السياسي، هذا التحّول في شخصيتها، وما يصدر عنها من قرارات بفعل موقعها القضائي كمدعية استئنافية عامة في جبل لبنان، وهو موقع متقدّم وحسّاس. 
أول ظهورها المفاجئ كان يوم ادّعت على عدد من الإعلاميين من غير صفة قانونية، وهي تعرف كونها قاضية متمرسة، أن الادّعاء على الإعلاميين لا يكون إلاّ أمام محكمة المطبوعات، لأن للإعلاميين حصانتهم المهنية مثلهم مثل المحامين والقضاة، ولهم أدوار وطنية قد تجاري بأهميتها دور القاضي، من حيث شمولية عمل الإعلامي. 

أمّا ثاني “ظهوراتها” المثيرة للجدل فكان يوم اقتحمت مع مرافقيها الأمنيين من جهاز أمن الدولة مكاتب المرحوم ميشال مكتف، وصادرت من بين ما صادرته أجهزة الكومبيوتر، التي نقلتها إلى منزلها، وهو أمر مخالف للقوانين. 
مشاهد الاقتحام البوليسية لا تزال عالقة في أذهان، الذين شاهدوا تفاصيل هذه العراضة، التي لم تفضِ إلى أي نتيجة سوى تشويه سمعة شركة رائدة في عالم الصيرفة، وربما سرّعت في إنهاء حياة ميشال بطريقة دراماتيكية. 

ومن بعد هذين “الظهورين” توالت طلاّت القاضية العونية، موحية بأنها وحدها ومن يحرّكها هم “الشرفاء”، فيما غيرهم هم من الفاسدين والمفسدين في الأرض. ومع كل طّلة من طلاتها سقطة، ومع كل سقطة مخالفة قانونية، ومع كل مخالفة قانونية تبجّح وتمرّد وعناد. وآخر هذه المخالفات أنها أدّعت على عدد من المصارف، وهي ليست المرجع الصالح لهذا الادّعاء، وهذا ما حاول، عبثًا، كثيرون افهامها أياه من دون نتيجة. 
فإذا كان كل قاضٍ في الدولة اللبنانية يعتبر نفسه، كالقاضية عون، فوق القانون، وأنه من خلال مرجعيته السياسية يستطيع أن يطيح بكل هذه القوانين، وأن يضرب بها الحائط، فقل عندها: على الدنيا السلام. 
فبوجود قضاة أمثال غادة عون لا يعود للادّعاء العام التمييزي دور، ويصبح وجود محكمة المطبوعات لزوم ما لا يلزم، ولا يعود للادّعاء العام المالي أي وجود. وهكذا يختلط الحابل بالنابل. ومع هذه الفوضى تضيع الحقيقة، فيصبح المجرم بريئًا، ويمسي البريء مجرمًا. 

قاضٍ عتيق متقاعد من الخدمة، ولكنه لا يزال موجودًا وفاعلًا من خلال آرائه ومشورته وحكمته وخبرته، يقول في مجالسه الخاصة: لم أشهد في حياتي المهنية، التي أنهيتها والحمد لله قبل أن تتحوّل العدلية إلى “عصفورية”، مهزلة كالتي أشهدها في مثل هذه الأيام. فيوم كان للعدالة قوس ومحراب و”روب” مهاب، كانت العدالة أساس الملك، فعلًا لا قولًا. أمّا اليوم فإن العدالة قد أمست وجهة نظر، وأصبحت الاحكام القضائية، التي كانت تُنطق باسم الشعب، تُنطق باسم الأحزاب والتيارات السياسية. 

بئس هذا الزمن، الذي يصبح فيه القاضي مجرد مغرّد. وبئس هذا الزمن، الذي يصبح فيه القاضي جلادًّا. هذه هي خلاصة قاضٍ خدم الحقيقة طوال أربعين سنة بنزاهة وإخلاص وتجرّد، ولم يحتكم يومًا سوى لما تنصّ عليه القوانين، ولما يمليه عليه ضميره المهني.  

هذه هي غادة عون القاضية، التي كان يستطيب عشرتها جميع زملائها في الجامعة ومعهد القضاء. فما الذي تغيّر؟ 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى