آخر الأخبارأخبار محلية

لبنان بلد منكوب سياسيًا

الكارثة – المصيبة التي تعرّضت لها تركيا وسوريا جرّاء”هزّة العصر” تفوق الوصف والخيال. هذا ما نشهده عبر شاشات التلفزة. وهذا ما ينقله إلينا الفريق اللبناني، الذي يساهم مساهمة فعّالة في إنقاذ من بقي على قيد الحياة تحت الأنقاض.

هذه الكارثة ستكون لها ارتدادات إنسانية واقتصادية واجتماعية على مدى سنوات، خصوصًا أن كلًا من تركيا وسوريا تعانيان أزمات اقتصادية حادّة، مثلهما مثل بقية دول العالم بفعل التضخم الذي وصل إلى مستويات قياسية لم يشهدها العالم منذ ما قبل أربعة عقود. وهذا الأمر سيقود هذين البلدين المنكوبين إلى اتخاذ إجراءات استثنائية تعويضية. وهذا ما فعلته الدول التي كانت عرضة لضربات مماثلة. 

أمّا عندنا في لبنان فالأمر مختلف كليًا، إذ يمكننا القول إن المسؤولين المباشرين أو غير المباشرين، إمّا إهمالاً أو تواطؤًا، مستمرّون في نهج طمس حقيقة انفجار أو تفجير المرفأ، الذي أُعدّ بما خلّفه من كوارث بمثابة زلزال من صنع البشر. والأنكى من كل هذا أنه لم يُتخذ أي اجراء استثنائي تعويضي، ولو من الناحية المعنوية، وذلك بسبب إغراق لبنان بكمّ من المشاكل، التي لا عدّ لها ولا إحصاء، تحول دون تمتّعه بميزات تفاضلية في شتّى المجالات. 

فلبنان هو البلد الوحيد من بين دول العالم قاطبة “يستطيع” أن يعيش من دون رئيس للجمهورية، وحتى من دون حكومة أو من دون مجلس نيابي أو من دون مؤسسات. فلكل مقام بالنسبة إلى اللبناني مقال، ولكل مشكلة حلّ على “الطريقة اللبنانية”، أي طريقة “الترقيع” و”التصبيج”، وطريقة “كيف ما اجت تجي”، أو على طريقة “حايدي عن ضهري بسيطة”.  

فأمام نكبات لبنان المتتالية وما فيها من “هزّات” و”زلازل” سياسية واقتصادية ومالية واجتماعية لم نرَ بادرة واحدة من هؤلاء المسؤولين عن هذه النكبات مجتمعة للتخفيف من معاناة اللبنانيين، الذين كانوا يعيشون إلى حدّ ما حياة مقبولة قبل أن تتحّول بين ليلة وضحاها وبفعل سحر ساحر، إلى حياة لا تشبه في أي شيء الحياة العادية التي تنعم بها شعوب العالم قاطبة. فقبل ولوج عتبة “جهنم” كان اللبنانيون قادرين على تدبير أمورهم بالتي هي أحسن، على رغم هول السياسات الخاطئة التي كانت متّبعة. فكان التداوي بالأعشاب والمسكنات المؤقتة هي ما يُنصح بها لمحاربة مرض السرطان السياسي المتفشّي بكل مفاصل الجسم اللبناني. 
فهذه السياسات الخاطئة هي التي أوصلت لبنان إلى ما وصل إليه من حال ميؤوس منها، على رغم أن ثمة من لا يزال يؤمن بإمكانية قيام هذا البلد المعذب من تحت الأنقاض، ولا يزال “يباطح” للحدّ من مفاعيل الارتطام الكبير. 

فالحكومة، وعلى رغم الإمكانات المحدودة المتوافرة لها، مصممة على ملء الفراغ بما يتناسب مع حاجات اللبنانيين الكثيرة، مع إصرار رئيسها على أن يكون انتخاب رئيس للجمهورية أولوية الأولويات، لأنه مؤمن بأن هذا الموقع المتقدّم هو الأساس لانتظام عمل مؤسسات الدولة. 
واللافت في ما خصّ “تشريع الضرورة” سواء أكان على مستوى السلطة التنفيذية أو على مستوى السلطة التشريعية أن المعايير التي يطالب رئيس “التيار الوطني الحر” السيد جبران باسيل بتوحيدها تختلف من حيث الشكل أو المضمون. 

فانعقاد جلسات للحكومة بالنسبة إليه طعن للميثاقية والشراكة الوطنية فيما يرى “تشريع الضرورة” في مكان آخر هو عمل عادي فقط لأن فيه ما يخدم مصالحه. 
فهذه المشهدية وما فيها من ملامح هزلية هي واحدة من بين الأسباب الكثيرة، التي تجعل من لبنان بلدًا منكوبًا سياسيًا. 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى