آخر الأخبارأخبار محلية

انهيارات متلاحقة… وتنذر بأحداث أمنية

تشبه مظاهر الانهيار المتلاحقة إلى حدود ما مراحل سابقة من الانهيار التي مر بها لبنان إبان الحرب الأهلية، مضافا إليها هذه المرة تداعي سعر صرف الدولار في مقابل الليرة وانفجار الأزمة المعيشية، وهو ما لم يكن يشعر به المواطنون إبان تلك الحرب، بحسب من عايش تلك الحقبة. والخشية تكمن من حصول مواجهات في الشارع، وأحداث أمنية وفوضى، اذا تفاقمت الصراعات السياسية واتسعت دائرة التجاذبات على المستويات كافة.

إن مناسبة هذه الملاحظة، هي الانقسامات التي بدأت تعصف بالمؤسسات. فالبلد أمام انقسام قضائي – قضائي غير مسبوق تظهّر جليا امس في قضية انفجار مرفأ بيروت مع استمرار المواجهات القضائية بين النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات والمحقق العدلي القاضي طارق البيطار ، وانقسام آيل إلى تفجر بين وزير الدفاع الوطني موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزاف عون، وكذلك الأمر بالنسبية إلى الانقسام الحكومي- الحكومي جراء رفض التيار الوطني الحر عقد جلسات للحكومة في ظل الفراغ الرئاسي، فضلاً عن التفسخات التي بدأت تصيب التحالفات السياسية على غرار ما أصيبت به علاقة التيار الوطني الحر وحزب الله أو الافتراقات التي أصابت علاقة النواب التغييريين ببعضهم البعض. يضاف كل ذلك إلى فراغ في سدة الرئاسة والفراغات في المجلس العسكري ربما وصولاً إلى فراغات في الإدارة العامة للأمن العام(حيث يفترض ان يعقد المجلس النيابي جلسة يكون على جدول اعمالها التمديد للمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم الذي يحال الى التقاعد في اذار المقبل) وحاكمية مصرف لبنان(حاكم مصرف لبنان تنتهي ولايته في اب المقبل) وربما أيضا البلديات وسط ارتفاع الأصوات المطالبة بعدم إجراء انتخابات بلدية رغم إطلاق مواقف تنادي بإجرائها.

إذن مظاهر الانهيار تأتي من كل حدب وصوب، فيما تبدو القوى السياسية عاجزة أو متلكئة وغير مكترثة، على النحو الذي يثير بالفعل القلق على مستقبل هذا البلد واللبنانيين، ومن مظاهر القلق، بحسب قطب سياسي بارز، أن تواكب الساحة المسيحية مظاهر الانهيار بطروحات تعمق هذا القلق بدل معالجته، إذ إن هذه الساحة تضج الان بدعوات التقسيم والفيديرالية واللامركزية الموسعة المفرطة مالياً وادارياً، وهذه الطروحات شديدة الخطورة لأنها تعيد التذكير بالمواقف التي سادت إبان الحرب الأهلية والانقسام المسيحي – الاسلامي.

لقد ألمح رئيس حزب القوات سمير جعجع في موقف أطلقه قبل أيام قليلة، إلى أن انتخاب رئيس من فريق 8 آذار سيدفع المسيحيين مجدداً لإعادة النظر بالصيغة اللبنانية، ولا يفهم من هذا الكلام إلا انه تلويح بالتقسيم. أما رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل فلا تخلو تلميحاته من تهديدات تقارب الوجهة ذاتها، في المقابل فإن القوى الإسلامية وفق القطب السياسي نفسه، لا تقدم، على أية مبادرات لترييح الأجواء اللبنانية أو انقاذها من حالة الاصطفاف الحاد التي تعاني منها وحالة استنزاف الجهد والقدرة على التحمل ووضع حل لحالات تناسل الأزمات المستمرة منذ العام 2005 حتى اليوم.

من ناحية أخرى، يبدو أن الشعب اللبناني قد استسلم لحالة من اليأس القاتل، فبمعزل عن التجمعات المحدودة التي تقطع الشوارع اعتراضا على ارتفاع سعر الدولار وتحرك أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، فإن الأغلبية العظمى تغط في كآبة عميقة تفتقد معها القدرة على المواجهة أو المبادرة إلى فعل شعبي يغير من المعادلات الراهنة، وثمة من تكيف مع الظروف المعيشية الصعبة التي تتفاقم أكثر فأكثر.

وسط ما تقدم، السؤال المطروح إلى أين سيفضي هذا المسار؟

المريع في المشهد اللبناني أن لا أحد يملك جواباً لمآلات محتملة يمكن أن يبلغها مستقبل لبنان. وعليه فإن انقاذ البلد عبر لمّ شمل القوى السياسية وإعادة ترتيب علاقاته الإقليمية وإنتاج تفاهمات وطنية كبرى تجاه القضايا المختلف عليها، يجب أن يشكل إطارا حاكماً في إنجاز الاستحقاق الرئاسي واختيار شخصية الرئيس، هذا إذا أراد المعنيون من الاستحقاق الرئاسي أن يشكل بداية لمسار إنقاذي، وإلا فلا شيء يمنع من استمرار مسار الانحدار الذي سيدفع ثمنه الجميع على مستوى الكيان والدولة والمجتمع.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى