آخر الأخبارأخبار دولية

اختارت العصيان المدني لنشاطها… “تمرد العلماء” تحذر من أن “الحياة على الأرض على المحك”


نشرت في: 07/12/2022 – 17:34

ينضوي عدد من العلماء المرموقين في أكثر من مجال بحثي ومن أكثر من دولة تحت لواء منظمة Scientist rebellion أو “تمرد العلماء”، لأنهم لم يعودوا يكتفون بدق ناقوس الخطر حيال تداعيات أزمة التغير المناخي، بل التحرك حسبهم في إطار “العصيان المدني اللاعنفي” للدفع نحو تحرك فعال وملموس وفوري لمواجهة هذه المعضلة. للحديث عن هذه المنظمة وأهدافها ووجهة نظرها حول هذه النقاط وأخرى، حاورنا كل من سيلفان كوبيل، نايت روغ، وفرانشيسكا، متحدثين باسم المنظمة.

لا يبدو أن المؤتمرات الدولية المتعاقبة حول سبل مواجهة الأزمة المناخية باتت ترضي الناشطين المناخيين. فإلى جانب منظمة “فقط أوقفوا النفط” ومنظمة “تمرد ضد الانقراض”، وتجمعات أخرى لناشطين بيئيين، ينضوي ما لا يقل عن ألف من العلماء المرموقين من عدة دول أوروبية تحت لواء منظمة أطلقوا عليها “تمرد العلماء”، دعوا إلى “العصيان المدني اللاعنفي” وباتوا يعتبرون أنه السبيل الوحيد لتحقيق خرق حقيقي في مواجهة التداعيات الوخيمة لظاهرة التغير المناخي.

  • منظمة “تمرد العلماء”… من هي؟

يقول العلماء المنضوون تحت لواء “تمرد العلماء” أو أيضا “علماء في تمرد” Scientifiques en rébellion في رسالة منشورة على الموقع الرسمي للمنظمة، إنهم علماء وأكاديميون يعتقدون بأن من واجبهم كشف الحقائق المرتبطة بأزمة المناخ التي يعيشها كوكب الأرض وتهدد البشرية، وإن حالة “الطوارئ البيئية” هي التي دفعتهم إلى الانخراط في “العصيان المدني اللاعنفي”.


وهم يوضحون بأنهم كعلماء، سعوا إلى التوعية بتغير المناخ والأزمة البيئية، من خلال كتابة التقارير وتقديم المعطيات الضرورية لمن هم في السلطة. وبأن تلك المحاولات لم تنجح، ما دفعهم إلى اتخاذ إجراءات تظهر مدى جديتهم في التعامل مع تلك التحذيرات التي أطلقوها.

وأشاروا في عريضة مفتوحة على الإنترنت، إلى أنه و” بعد 40 عاما من انعقاد القمة المناخية الأولى في جنيف عام 1979، نشر أكثر من 11 ألف عالم بيانا رسميا في 2019 لتحذير البشرية بوضوح من وجود تهديد كارثي يتربص بها و”الإخبار عنه كما هو”.

وقد تم تأسيس المنظمة في فبراير/شباط 2020 من قبل مجموعة من العلماء بلغ عددهم الألف، نشروا عريضة تدعو للعصيان المدني اللاعنفي في مواجهة أزمة المناخ، جمعت آلاف التوقيعات. استوحي هذا التحرك من تحركات أخرى لناشطين في منظمة “تمرد ضد الانقراض” التي تسير في نفس الركب. وقد نفذت منذ نشأتها تحركات احتجاجية للتوعية بأزمة المناخ خصوصا في ألمانيا وفرنسا.

  • البشرية أصبحت “سلاحا للاندثار الشامل”

وفي إطار التحركات الدولية لمواجهة أزمة المناخ والبيئة، وعلى غرار قمة المناخ 27 في مصر مؤخرا، تجتمع الأربعاء نحو 200 دولة في مؤتمر الأطراف حول التنوع البيولوجي (كوب 15) في مونتريال، إلى غاية 19 ديسمبر/كانون الأول، لبحث سبل عقد ميثاق يمتد على 10 سنوات “من أجل الطبيعة وتجنب موجة انقراض جماعي سادسة”. لكن تحقيق هذه المفاوضات التي ستركز على حوالي 20 هدفا للحفاظ على الأنظمة البيئية بحلول 2030، تبقى غير مضمونة.


وعشية المؤتمر، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس من أن البشرية أصبحت “سلاحا للاندثار الشامل” للطبيعة التي “نعاملها وكأنها مرحاض”. وقال إن “مع شهيتنا غير المحدودة للنمو الاقتصادي الخارج عن السيطرة وغير العادل أصبحت البشرية سلاحا للاندثار الكامل” معتبرا أن المؤتمر يشكل “فرصتنا لوقف هذا المجون المدمر”.

لكن تبقى التحديات المطروحة أمام المؤتمر هائلة، حيث إن مليون نوع مهدد بالانقراض، فيما ثلث الأراضي يعاني من تدهور مع اضمحلال الأراضي الخصبة. كما يسرّع التلوث والتغير المناخي من تدهور وضع المحيطات.

للتعريف بمنظمة “تمرد العلماء” وبمطالبها وأهدافها ومواقفها حيال كل ما يتعلق بأزمة المناخ، طرحنا مجموعة من الأسئلة على كل من Sylvain Kuppel سيلفان كوبيل عالم في معهد أبحاث التنمية بفرنسا وباحث مختص في المناطق الحرجة والهيدرولوجيا، و Nate Rugh نايت روغ طالب في علوم البيئة من إسبانيا وهو منسق الحملات في المنظمة، وFrancesca فرانشيسكا (فضلت عدم إيراد اسمها الكامل) عالمة أنتروبولوجيا من ألمانيا، متحدثين باسم المنظمة.

  • ما هي مطالبكم؟

إن الإجراءات والخطط الحالية المقترحة من الدول لمواجهة أزمة المناخ والبيئة هي غير كافية إلى حد كبير، حتى أنه لم يتم أصلا الوفاء بهذه الالتزامات. وبما أن معدل التدمير البيئي يتتبع مباشرة النمو الاقتصادي، فإن تقليل آثاره وتحقيق مطلب التخلص من الكربون على النطاق المطلوب يتطلب تراجعا اقتصاديا، أقله في المدى القصير. هذا لا يعني بالضرورة خفض المستويات المعيشية. بل ينبغي على الأثرياء تحمل تكلفة هذا التحول، فهم من استفاد بشكل كبير من النظام العالمي الحالي المدمر على مدى العقود والقرون الماضية، فيما واجه الآخرون العواقب فقط.


لقد جعل تحرك العلماء من هذه المطالب أكثر دقة خصوصا خلال الحملة الأخيرة في ألمانيا؛ إذا، فنحن نطالب أولا: بأن يعترف السياسيون ووسائل الإعلام بأن سياسة إبقاء الاحترار العالمي تحت 1,5 درجة مئوية، سياسة فاشلة. ثانيا: أن تتبنى ألمانيا وبقية دول أوروبا موقفا واضحا بشأن مسألة إلغاء ديون الجنوب. ثالثا: دعونا إلى إزالة الكربون من وسائل النقل من خلال تدابير فورية، مثل وضع حد أقصى للسرعة 100 كم/ساعة على الطرق السريعة الألمانية، وتجديد تذكرة النقل العام المنخفضة التكلفة. نرى بأن هذه المطالب قابلة للتطبيق بشكل كامل في كافة الدول الأوروبية الأخرى تقريبا. أخيرا: ندعو الأكاديميين والعلماء وعامة الناس للانضمام إلينا في العصيان المدني، الذي ربما كان أكثر الوسائل فعالية لتحقيق التغيير المنهجي في التاريخ الحديث.

  • هل أنتم حركة متطرفة؟

كلا، هذا السؤال مضحك. في أبريل/نيسان الماضي، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس: “في بعض الأحيان، يتم تصوير نشطاء المناخ على أنهم متطرفون خطيرون. لكن المتطرفين الخطرين حقا هم الدول التي تضاعف إنتاج الوقود الأحفوري. إن الاستثمار في البنية التحتية للوقود الأحفوري هو جنون أخلاقي واقتصادي”. نحن نتفق تماما مع هذه التصريحات.

ثم يمكن إعادة صياغة السؤال على النحو التالي: من هو المتطرف هنا؟ من حيث الضرر والإتلاف: مجموعة من العلماء الذين عطلوا معرضا للسيارات (خلال أحد آخر تحركاتنا) أو شركة تصنيع سيارات مثل بي إم دبليو التي لا تتوانى عن الكذب بشكل صريح (انظر تقرير هنا) حول الانبعاثات التي تنتجها “المركبات الخضراء”. وتضغط على الحكومات في كافة أنحاء العالم لتكون ضد سياسات مناخية أقوى، في وقت نشهد فيه فعلا نزوح مليارات الأشخاص بسبب الطقس القاسي. نحن نعتقد بأن الأجيال القادمة ستقرر بسهولة من كان المتطرف هنا. مجرد التفكير في أن مارتن لوثر كينغ كان ينظر إليه ذات مرة على أنه أحد أكثر الرجال تطرفا وخطورة في الولايات المتحدة من قبل الحكومة ووكالة المخابرات المركزية، بينما استخدم ببساطة العصيان المدني غير العنيف ولعب بشكل عام دورا رئيسيا في تعزيز الحقوق المدنية.

  • هل يمكن ضمان أن يبقى العصيان المدني الذي أعلنتموه سلميا؟

نحن في منظمة “تمرد العلماء” ملتزمون بالعصيان المدني اللاعنفي، هذا هو خطنا الأحمر.

  • هل تخدمون أجندة سياسية وما علاقتكم بالأحزاب والشخصيات العامة؟

نحن لا نخدم أجندة سياسية، ببساطة، نحن ملتزمون بمبادئ العدالة الاجتماعية والبيئية. نحن تجمع للعلماء. لهذا، فنحن ورغم أننا نتشارك في الاهتمام المشترك والرغبة الملحة بعد فشل الأحزاب السياسية العالمية في معالجة أزمة المناخ، فإننا نتبع أخلاقيات علمية معينة ونترك في خطاباتنا مجموعة واسعة من الخيارات. نحن ننقل الحقائق، وليس الآراء. كما أننا نكرر ما تقوله الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ نفسها وأيضا غيرها من التقارير الموثوقة. في رأينا، فإن التحدي ههنا هو عدم السماح للأشخاص (سواء كانوا أحزابا سياسية أو شخصيات عامة) غير الأكفاء، أو الذين لا يعرفون ما يقولونه، أو الذين لديهم مصالح متضاربة بالسيطرة على النقاش العام. هذا ينطبق تحديدا على الدول الواقعة بشمال الكرة الأرضية وهي المسؤولة عن معظم الانبعاثات التاريخية، ولديها بالفعل الموارد للقيام بشيء ما.

  • ما هي الدول والمناطق التي تنشطون فيها أو تفكرون في التحرك بها؟

منظمة “تمرد العلماء” موجودة حاليا في جميع أنحاء العالم، في أمريكا الشمالية والجنوبية وأوروبا وأفريقيا. وفي المجموع، ننشط عبر أكثر من 30 دولة.

  • ماذا عن الملاحقات القانونية ضد نشطائكم؟

لدينا قضايا قانونية خصوصا في ألمانيا بعد الحملة في أكتوبر/تشرين الأول، لكن لدينا دعم الفريق القانوني ونحن نقوم بتمويل جماعي للمساعدة في دفع تلك التكاليف. هناك قضايا أخرى مفتوحة في بلدان أخرى، لكن غالبا ستكون الأحكام عبارة عن غرامات وليس عقوبة السجن. على أية حال، فإن العواقب القانونية لأفعالنا ليست هي ما سيثبط عزيمتنا. يتمثل أحد أهداف العصيان المدني في تسليط الضوء على عدم ملاءمة قوانين اليوم وصياغة قوانين الغد، هناك عدة أمثلة ناجحة في التاريخ الحديث.

  • التغير المناخي: من المسؤول… الحكومات أو الشعوب؟

لا ينبغي أن ننسى ذكر الشركات التجارية. حيث إن الحكومات تعتمد على السوق ومتطلبات السوق لدرجة تجعل من المستحيل فصل السياسة عن قطاع الأعمال والصناعات. لذلك ربما يكون من الأفضل التكلم عن النخب باعتبارها المسؤول الرئيسي هنا، من رؤساء الدول إلى الرؤساء التنفيذيين للشركات التي تنتج النفط وتزدهر به وتركز على تحقيق الربح قبل التفكير في مصير الكائنات الحية. وبسبب “البصمة” التي تتركها هذه النخب، فإن المشكلة في النهاية جيوسياسية ودولية.

نحن نسمع كثيرا من الكلام حول الرزانة والجهود التي يبذلها المواطنون على المستوى الفردي. هذا صحيح جزئيا، لكن لا ينبغي أن ينسينا ذلك أن هناك قيودا، مثلما هو الحال في سوق العمل أو الإسكان، ولا يمكن التحايل عليها بشكل مباشر. هنا يأتي دور السياسة العامة، حيث مرة أخرى يجب التركيز على التغييرات الهيكلية الجذرية المطلوبة في كيفية عمل الحكومات والشركات. تماما مثلما قمنا بإلصاق أنفسنا بسيارة بي إم دبليو الرياضية الفاخرة في أحد تحركاتنا الأخيرة، التي قضى بسببها البعض منا نحو أسبوع في السجن. إن المجتمع يتشبث بالعادات غير المستدامة، لكن هذه مجرد شجرة تخفي غابة.


رغم كل ذلك، ننحن نعتقد بأن غالبية المواطنين إما يجهلون ما يترتب على تغير المناخ، أو يشعر بعضهم الآخر بأنهم غير معنيين أو يريحون أنفسهم معتقدين بأن حكوماتنا ستهتم بالأمر. إنهم مخطئون. فقد أظهر مؤتمر الأطراف الأخير (قمة المناخ 27 بشرم الشيخ في مصر) بشكل واضح، قلة الالتزامات من الدول، في مقابل تواجد عدد متزايد من جماعات الضغط المرتبطة بالوقود الأحفوري. تواجه تلك الدول صعوبة في الالتزام بتوصياتها السابقة: فإما أنها لا تلتزم بما يكفي، أو أنها غير قادرة على وضع حيز التنفيذ سياسات ملموسة لمتابعة القرارات المتخذة. يجب التنويه أيضا بأن الأمم المتحدة قد تلقت خططا محدثة لخفض الانبعاثات من 24 دولة فقط من حوالي 200 بلد كان حاضرا في المؤتمر. هذا يعطي الانطباع بأن رؤساء تلك الدول غير مهتمين بالحفاظ على حياة مواطنيهم، بل إنهم يهتمون فقط بمناصبهم السياسية. نحن نريد مخاطبة كل هؤلاء المواطنين لنخبرهم بأن أزمة المناخ هذه، هي مشكلتهم أيضا، لديهم القدرة على القيام بشيء جماعي!

  • هل لا يزال ممكنا إنقاذ المناخ؟

دعونا لا ننسى بأن رفاهية مجتمعاتنا، والحياة على الأرض كما نعرفها، باتت على المحك. لقد وقعت فعلا خسائر وأضرار جسيمة. هناك الفيضانات التي حدثت في باكستان قبل بضعة أشهر، وأيضا في غرب أفريقيا هذا الخريف، وموجات الحرارة الحارقة في أنحاء أوروبا هذا الصيف أو في الهند وباكستان خلال الربيع الماضي: كل هذه الكوارث سببها تغير المناخ أو زاد من حدتها. التغير المناخي يتسبب فعليا بإلحاق الضرر بالناس أو تشريدهم أو قتلهم في جميع أنحاء العالم. وكلما طال انتظارنا، زادت خطورة العواقب.

يقال غالبا إن الوصول إلى مجتمع واقتصاد منخفض الكربون أمر معقد للغاية. هذا صحيح. لكن يمكن حاليا اتخاذ خطوات هامة. والعديد من الحكومات تختار عدم اتخاذ هذه الخطوات. في حال أصروا على الاستمرار في غض النظر، يمكننا إذا القول إن الأمل ضئيل في تفادي الوصول إلى نقطة حيث سيؤثر كل ذلك على أنظمة إنتاج الغذاء والطاقة على نطاقات أكبر. نحن الآن في أمس الحاجة إلى تغيير هيكلي جذري على مستويات مختلفة، سياسية واقتصادية وثقافية، إذا ما أردنا إدارة هذه الأزمة. يتطلب هذا التغيير شيئين: تقليل الاستهلاك وتوزيع أكثر إنصافا للموارد. لكن ما يبدو الأهم بالنسبة لنا هو أنه لن يتم إنقاذ المناخ بطريقة سحرية من خلال التكنولوجيا الخيالية لبعض أصحاب الملايين، كما لن يتم إصلاحه من قبل الجيل الحالي من السياسيين. يجب على كل من يهتم بهذا الكوكب وحياته وحياة من يحب، أن يأخذ الأمور بيديه وأن يفعل شيئا بنفسه. في هذه الحالة، سيكون التنظيم أمرا فعالا بشكل لا يعقل.

أمين زرواطي

//platform.twitter.com/widgets.js


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى