ميشال معوّض مرشح التحدي لحزب الله والرافض للرئاسة “بالتسوية”
نشرت في: 02/12/2022 – 17:11
رغم شغور المنصب منذ حوالي شهر كامل، فشل البرلمان اللبناني الخميس للمرة الثامنة تواليا في انتخاب رئيس للجمهورية. إذ لا تزال عملية انتخاب رئيس للدولة التي باشرها مجلس النواب نهاية أيلول/سبتمبر الماضي معطلة إلى غاية الساعة وذلك لعدم توصل النواب إلى اتفاق سياسي بسبب انقسامات عميقة في ظل انهيار اقتصادي متسارع تعجز السلطات عن احتوائه. وإلى حد الآن لم يقدم ترشيحه رسميا سوى النائب المعارض ميشال معوض، نجل الرئيس السابق رينيه معوّض الذي اغتيل عام 1989.
بعد ولاية دامت ستة أعوام للرئيس اللبناني ميشال عون، انتهت في 31 تشرين الأول/ أكتوبر، وللمرة الثامنة على التوالي، فشل الخميس النواب اللبنانيون الـ128 المسؤولون دستوريا عن انتخاب خلفه، ليبقى منصب رئيس الدولة شاغرا.
وتقدم 52 نائبا للاقتراع بورقة بيضاء، فيما حصل النائب ميشال معوّض المدعوم من القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع وكتل أخرى بينها كتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، على 37 صوتا.
ويحتاج المرشّح في الدورة الأولى من التصويت إلى أغلبية الثلثين أي 86 صوتا للفوز بهذا المنصب المخصص للمسيحيين الموارنة، لتصبح الأغلبية المطلوبة إذا جرت دورة ثانية 65 صوتا من أصل 128 وهو عدد أعضاء البرلمان.
ولا تقلل نتيجة اليوم، التي تشبه إلى حد بعيد نتائج الدورات السابقة، من عزيمة ميشال معوّض الحاصل على شهادة في القانون العام من جامعة السوربون “باريس 2 بانثيون أساس”. وهو فرانكوفوني وعلى دراية جيدة بالتحديات والمخاطر التي يواجهها السياسيون في لبنان، ويطمح في تولي أعلى المناصب في بلاده.
السياسة إرث عائلي
ولد ميشال معوّض في بيروت العام 1972، وهو أب لأربعة أطفال، النجل والوريث السياسي للرئيس السابق رينيه معوّض الذي اغتيل في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 1989، في الذكرى 46 لاستقلال لبنان وبعد أسبوعين من انتخابه في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر.
واغتيل رينيه معوّض في انفجار استهدف موكبه بمنطقة كانت تحت سيطرة القوات السورية في بيروت. ونسبت عائلته العملية إلى دمشق، ولحد الساعة لم يتم العثور على منفذي الهجوم ولا من يقف وراءه، أو إدانتهم.
وعلى غرار والده الراحل الذي كان يتحلى بصورة السياسي الإصلاحي والمعتدل، ينادي ميشال معوّض بسيادة لبنان وإعادة بناء دولة قوية.
وفي حوار أجرته معه قناة “فرانس 24” مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر، أكد قائلا “أنا لا أركض وراء منصب وإنما أدافع عن قضية.. قضية لبنان“.
ويَعتبر أنه أثبت ذلك عند استقالته من منصبه كنائب بعد خمسة أيام من الانفجار المزدوج القاتل الذي تعرض له مرفأ بيروت في الرابع آب/ أغسطس العام 2020.
وهي استقالة يعتبرها “عملا سياسيا” مفادها التنديد بعجز الحكومة، كما مجلس النواب، عن تحمل مسؤولياتها، واستحالة إصلاح النظام من الداخل .
وأعيد انتخاب ميشال معوّض في زغرتا خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة في أيار/ مايو الماضي، وهي نفس الدائرة التي فاز بها والده، ثم أمه نائلة معوّض بعد اغتيال زوجها، والتي شغرت وزيرة الشؤون الاجتماعية بين 2005 و2008.
هذا، ويحلم السياسي السيادي بتوحيد صفوف معارضة مشتتة، معتبرا الأمر شرطا أساسيا لتغيير الوضع السياسي في بلاد ينهار اقتصادها يوما بعد يوم منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2019، موضحا: “أنا مقتنع بأنه إذا لم تتوحد المعارضة .. وراء رؤية مشتركة ومرشح مهمته استرجاع الدولة والثقة ، ستتحول إلى معارضة مشتتة.. لا تأثير لها في الحياة السياسية، وإلى استكمال الأوضاع في لبنان على كل المستويات كما هي اليوم”.
كما يرى ميشال معوّض أنه في حال نجح في تشكيل كتلة موحدة من 65 نائبا معارضا، فسيكون من الأسهل التأثير على المشهد السياسي، قائلا “يجب أن نصنع وفاقا حقيقيا مع حزب الله ومن حوله.. ولكن هناك فرق كبير بين الوفاق والتسوية…”
ويراهن على قدرته على استقطاب نواب آخرين، بينهم نواب سنّة وآخرون وصلوا الى البرلمان عقب الاحتجاجات الشعبية التي عمّت لبنان بدءا من 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019.
مرشح تحدّ وفق حزب الله
من الصعب الفوز بالرهان، خاصة وأن ميشال معوّض، الذي يعد من المعارضين اللدودين لأي شكل من أشكال الهيمنة السياسية ولأسلحة حزب الله الذي يعتبره وحلفاءه مرشح التحدي.
ويتهمه منتقدوه بالانتهازية السياسية، ويذكرون بقربه من واشنطن أو بقائمته المشتركة مع مرشحين من حزب الرئيس ميشال عون، الحليف السياسي للحزب الشيعي، خلال الانتخابات التشريعية للعام 2018، والتي أعرب بشأنها لاحقا عن أسفه.
ويعتبر دعم أبرز قوى المعارضة التقليدية، بما في ذلك الحزبان المسيحيان (القوات اللبنانية والكتائب) والحزب التقدمي الاشتراكي (PSP) للزعيم الدرزي وليد جنبلاط، دفعا إضافيا للسياسي اللبناني الذي بات يرفض مفهوم الرئيس التوافقي. معتبرا أن “التسوية تجلب رئيسا رماديا لا لون له ولا قرار وتستكمل هيمنة السلاح والفساد على الدولة اللبنانية… والوفاق… يؤكد السيادة اللبنانية ودولة المؤسسات…”
وأمام تساؤلات المراقبين الذين يعتقدون أنه لا يمكن أن يكون هناك رئيس منتخب في لبنان دون اتفاق مسبق بين القوى الإقليمية التي لها تأثير في المنطقة وتنوي لعب دور في بيروت، على غرار إيران والسعودية، وبضوء أخضر من القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا، يحث معوّض زملاءه: “نحن مدعوون لانتخاب رئيس للبنان، لا ننتظر اتفاقا إقليميا أو عربيا ولا حوارا أمريكيا – إيرانيا ولا تحركا فرنسيا، عيب… المطلوب هو أن أن ننزل إلى مجلس النواب وننتخب رئيسا للجمهورية… هذا يتطلب من كل النواب أن يمارسوا واجباتهم الدستورية والسياسية…”
وفي نهاية المطاف، قد لا تجد هذه الرسالة صدى لها الخميس المقبل في بيروت.
نص: مارك ضو أعده للعربية: فارس بوشية
مصدر الخبر
للمزيد Facebook
