آخر الأخبارأخبار محلية

معركة النصاب تُفتَح.. السجالات نجمة جولة الانتخاب الخامسة!

كسابقاتها، جاءت جلسة مجلس النواب الخامسة المخصّصة لانتخاب رئيس للجمهورية، وانتهت إلى تكريس “الفراغ” في سدّة الرئاسة، بما يشبه “التواطؤ الضمني” بين مختلف القوى السياسية، ولا سيما تلك التي لا تزال متمسّكة بـ”أوراقها البيض”، على رغم ما تنطوي عليه من اقتراع لـ”الفراغ”، أو تلك التي تنوّع كلّ مرة في “الشعارات” التي تضعها في الصندوق، وكأنّنا في “سوق عكاظ” لا في انتخابات رئاسيّة.

وقد لا يكون وضع القوى الأخرى أفضل حالاً، وإن وضعت أسماء في الصندوق، تدرك سلفًا أنّها لا تملك حظوظًا فعلية، مهما ارتفع “رصيدها”، بل في صفوفها من يجاهر بأنّ هذه الأسماء لا تعدو كونها “مناورة” أو “تعبئة للوقت الضائع”، إن جاز التعبير، في وقت كان لافتًا انضمام اسمين جديدين إلى “البازار الرئاسي”، هما زياد بارود وزياد حايك، في وقتٍ يُخشى عليهما كما على غيرهما ممّا يصفه البعض بـ”المحرقة الرئاسية”.

وبعيدًا عن الاستعراض الذي بات مملاً لكثرة تكراره، والذي ذهب أحد النواب لوصفه صراحةً وعلنًا بـ”المسخرة”، سواء عن حق، أو من باب المزايدة، فإنّ السجالات ذي الطابع الدستوري شكّلت “نجمة” جولة الانتخاب الخامسة من دون منازع، خصوصًا مع فتح بعض نواب المعارضة والتغيير “معركة” النصاب من جديد، وهو ما أثار “امتعاض” رئيس مجلس النواب نبيه بري، بل “غضبه”، وهو ما تجلى في ردوده على النواب!

“إشكالية” النصاب
ليس خافيًا على أحد أنّ “إشكالية” النصاب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية مطروحة منذ فترة طويلة، ولو أنّ كثيرين يعتبرون أيضًا أنّها “محسومة” منذ عقود، ولو أنّ البعض يصرّ على “استحضارها” عند كلّ استحقاق، ومع كلّ أزمة، بحُجّة أنّ مجلس النواب هو المخوّل “تفسير الدستور”، ولو أنّ هذه المهمّة كان يجب أن تتمّ سابقًا، برأي بعض الخبراء، وليس فقط عندما يشعر فريق ما بأن “مصلحته” تقتضي ذلك، في وقتٍ محدّد.

ليس خافيًا على أحد أيضًا أنّ الخبراء الدستوريين “يختلفون” في تحديد نصاب الجلسات، وشكلها، وكيفية احتساب الدورتين الأولى والثانية، حيث ثمّة رأي يتبنّاه رئيس مجلس النواب نبيه بري، وقد شرحه مرارًا وتكرارًا، يقول بأنّ النصاب “الثابت” هو الثلثان في كلّ الجلسات وكلّ الدورات من دون استثناء، وهو ما تؤكّده الوقائع التاريخية الموثّقة، التي تثبت أنّ كلّ الرؤساء المتعاقبين انتُخِبوا بحضور الثلثين، وليس النصف زائدًا واحدًا.

ويعتبر أصحاب هذا الرأي أنّ “المنطق” يفترض تكريس هذا التفسير للدستور، حتى لو عقّد ذلك مهمّة انتخاب رئيس الجمهورية، ليس فقط لأنّ من شأنه أن يحفّز على التوافق، وهو عملية محبّذة برأي هؤلاء، ولكن لأنّه بكلّ بساطة، وفقًا للعرف الطائفي، يمنع انتخاب رئيس ماروني بلا حيثية مسيحية، إذ إن “فرضية” الأكثرية المطلقة تعني أنّ أيّ نائب مسيحي قادر على أن يصبح رئيسًا، ولو قاطع الجلسة كلّ النواب المسيحيين الآخرين!

“معركة” بلا أفق
في المقابل، يعتبر “المنظّرون” لفكرة الاكتفاء بحضور النصف زائدًا واحدًا، أنّ الدستور لم ينصّ صراحةً على وجوب حضور الثلثين كلّ جلسات الانتخاب، فهو نصّ فقط على أنّ الرئيس يُنتخَب بالثلثين في الدورة الأولى، وبالأكثرية المطلقة في الدورات التي تليها، من دون أن يحدّد عدد الحاضرين، ما يعني أن حضور الأكثرية كافٍ، علمًا أنّ الانقسام ينعكس حتى على مفهوم “الدورة الأولى”، وما إذا كان يجب أن تتكرّر مع كل جلسة، أم أنّها انتهت من الجلسة الأولى.

ولعلّ “الثغرة” التي ينطلق منها هؤلاء، والتي قد تبدو “منطقية” هي الأخرى، تكمن في “تشريع” بعض النواب لتقاعسهم عن أداء واجباتهم بانتخاب الرئيس، باعتبار ذلك “حقًا دستوريًا مشروعًا”، بل وسيلة “ديمقراطية” أجازها المشرّع للنواب، ولو أنّه ينافي في المبدأ كلّ أصول الديمقراطية، وفق ما يقول المعترضون على هذا “العرف”، الذي تكرّس منذ استحقاق 2014، الذي بات معه أيّ مرشح قادرًا على تعطيل البلاد والانتخاب حتى فرض نفسه رئيسًا.

في مطلق الأحوال، يقول العارفون إنّ من فتحوا “معركة” النصاب بالأمس، يدركون قبل غيرهم، أنّها “بلا أفق”، أولاً لأنّ رئيس مجلس النواب لن يتجاوب مع مساعيها، وموقفه معروف وواضح من ذلك، وقد أعلنه مرارًا، وثانيًا لأنّ هناك استحالة لانتخاب رئيس للجمهورية من دون حدّ أدنى من التفاهم والتوافق، بالنظر إلى الظروف الموضوعية، وهو ما سيفرضه نصاب الثلثين في نهاية المطاف، شاء من شاء وأبى من أبى، وفقًا للعارفين.

يقول البعض إنّ فتح “معركة النصاب” لم يكن يهدف إلى إجراء انتخابات رئاسية بالأكثرية المطلقة، وهي أكثرية لا يمتلكها أحد أصلاً حتى الآن على الأقلّ، وإنما جاء من باب “المزايدات” ليس إلا، وضمن مساعي “تعبئة الوقت”، وربما للتغطية على صورة “المسخرة” التي باتت تتركها جلسات البرلمان “الشكلية”، باعتراف النواب أنفسهم، ليبقى الثابت أنّ “نيّة” ملء الشغور لم تتوافر بعد، بدليل تصدّر الأوراق البيض على رغم كلّ شيء!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى