آخر الأخبارأخبار دولية

الجيش الإسرائيلي يلاحق سكان القرى الفلسطينية في منطقة “إطلاق النار 918”

نشرت في: 31/10/2022 – 15:20

ينتظر أكثر من ألف فلسطيني من البدو طردهم من هضاب جبل الخليل بجنوب الضفة الغربية. وكان الجيش الإسرائيلي أعلن منطقة مسافر يطا الصحراوية “منطقة إطلاق نار” عسكرية منذ ثمانينيات القرن الماضي. وفي بداية شهر أيار/ مايو 2022 رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية طلبا لإلغاء هذا القرار ما مكّن الجيش الإسرائيلي والمستوطنين اليهود من هدم البيوت وطرد السكان.

جرافات وإطلاق نار وعربات عسكرية… هذا ما تعيش على وقعه كل يوم 12 قرية وتجمع بدوي في منطقة مسافر يطا حيث يعيش أكثر من ألف شخص على الزراعة وتربية الماشية.

وقد حاول سكان المنطقة -سواء عبر العرائض أو الاستئناف القضائي- منع هدم عدة بيوت ما زالت في المنطقة بالإضافة إلى مدرستين ومؤسسات صحية، ولكن المحكمة العليا الإسرائيلية رفضت  في آب/أغسطس 2022 دعوى النقض التي تقدموا بها.


صورة 1 “قوات الاحتلال الإسرائيلي قامت بهدم بيت في منطق بني نعيم وعنفت السكان مع إطلاق الرصاص الحي وقنابل صوتية وعبوات غاز مسيل للدموع. وتم إيقاف شاب بعد أن تعرض للضرب المبرح” هذا ما رواه أحد الناشطين من أصيلي منطقة مسافر يطا في 22 تشرين الأول/ أكتوبر 2022.

في بداية شهر أيار/ مايو الماضي، أعطت المحكمة العليا الإسرائيلية السماح لهدم كامل التجمعات السكنية في المنطقة التي تمتد على مساحة 30 كيلو متر مربع ليتحول المكان إلى منطقة إطلاق نار يسيطر عليها الجيش. وتشمل البنية التحتية في المنطقة – المتهالكة أصلا- مدارس وصهاريج مياه ومؤسسات صحية صغيرة سيتم مسحها كلها من على وجه الأرض.


منزل بصدد البناء تم هدمه في قرية بني نعيم في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2022. وقد حاول السكان مقاومة الهدم لكنهم تعرضوا للاعتقال من قبل الجيش، حسب وكالة الأنباء الفلسطينية وفا.

وتم إقرار منطقة مسافر يطا “منطقة إطلاق نار 918” في سنة 1981. وتم استئناف موجة ترحيل سكان المنطقة في 1999 عندما أخرج الجيش الإسرائيلي 700 شخص من أراضيهم معتبرا أنهم “سكان غير قارّون” استقروا بطريقة “غير قانونية” في المنطقة.

ولكن في أيار/مايو 2022، تم إعطاء الضوء الأخضر لمحو شامل لكل القرى والتجمعات والكفر الفلسطينية في منطقة مسافر يطا بما في ذلك أربع مدارس وعدة مبان صحية وزراعية.


“منطقة إطلاق نار، ممنوع الدخول” هذا ما نقرؤه على هذا العمود الصخري في مدخل منطقة مسافر يطا.

“الدولة الإسرائيلية تقوم بكل شيء لدفعنا للمغادرة بأنفسنا”

نضال يونس هو رئيس مجلس قرى مسافر يطا، ويسكن في بلدة جنبة في جنوب الخليل، هذا المقيم منذ وقت بعيد بالمنطقة عاش حملات الطرد في سنة 1985 وثم في 1999 وأخيرا في العام الجاري، حيث يقول:

خلال سنة 1985، دمر الجيش الإسرائيلي نحو عشرة بيوت تعود على الأقل لما قبل سنة 1948 [فريق التحرير: أي قبل الحرب العربية الإسرائيلية] ولجأ السكان الذين فقدوا بيوتهم إلى كهوف جبل هيبرون لبضعة أعوام. وما زال البعض منهم يعيش في المنطقة حتى الآن. حتى في تلك الفترة، قام الجيش الإسرائيلي بأخذ كل شيء منا بما في ذلك قطعان الماشية ومنعنا من بناء أي شيء كان.


“بيت” عائلة فلسطينية تم إعداده للسكن داخل كهف في قرية خربة المفخرة.

أما اليوم، تقوم الدولة الإسرائيلية بالضغط علينا، أي سكان منطقة مسافر يطا، حتى نغادر بأنفسنا. هناك -من جانب- تدريبات الجنود التي تستمر ليلا نهارا: وتتضمن إطلاق النار والقيام بتفجيرات قريبة جدا من مناطق السكن. تضررت بعض البيوت في بلدة خلة الضبعة، حيث توجد المدرسة الوحيدة في قطر يمتد لعشرات الكيلومترات والتي تنتظر الهدم بين لحظة وأخرى.


“في هذه اللحظات، تطلق القوات الإسرائيلية قنابل صوتية ورصاص مطاطي وعبوات مسيلة للدموع على بيوتنا” هذا نقله أحد سكان قرية توانة في 24 سبتمبر/أيلول 2022.

المداهمات تتكرر باستمرار في القرى. حيث يقتحم الجنود البيوت والخيام ويطلقون النار في الهواء لترويع السكان.

يتم أيضا إغلاق الحواجز العسكرية في مداخل كل قرية بشكل مستمر، فيما تم إغلاق منافذ التجمعات السكنية الصغيرة. توجد نقاط مراقبة وحواجز في كل مكان.


القوات المسلحة الإسرائيلية تطلق النار على سيارة أحد سكان الظاهرية قبل أن يتم إيقافه على مستوى حاجز عسكري خارج قريته خلال شهر تموز/يوليو 2022.

تهدف هذه الحواجز العسكرية إلى التقليل لأقصى حد ممكن من التنقلات في المنطقة: حيث تتم مصادرة سياراتنا، وتعطل عملية إيصال التجهيزات الزراعية والطبية إلى داخل القرى وتمنع المنظمات الدولية من الدخول إليها. ولا يتمكن بعض التلاميذ ومدرسوهم من التنقل إلى المدينة وذلك لأن كثيرا منهم يأتون من أماكن بعيدة على متن السيارة. والآن، يضطر أولئك الذين يعيشون في الهضاب القريبة من المنطقة لعبور عدة كيلومترات وطرق جبلية وعرة على  الأقدام.


في 4 أيلول/ سبتمبر 2022، تم احتجاز عشرات المدرسين وتلاميذ مع أوليائهم طيلة عدة ساعات في حاجز عسكري بقرية جنبة ما حرمهم من الوصول إلى المدرسة الابتدائية.

في قرية جنبة التي أسكن فيها تم وضع حاجز أمني دائم في شهر أيار/ مايو  2022. ويبقى قرار السماح للسكان بالمرور من عدمه رهين مزاج الجندي المكلف بإدارة نقطة المراقبة. تم احتجازي طيلة نصف يوم في نقطة مراقبة خارج جينبا وتعرضت للتفتيش بحجة أن الأعلاف التي كنت أنقلها كانت “مثيرة للشبهات”.


اقتحام الجيش الإسرائيلي لقرية التوانة في ليلة 13 أيلول/ سبتمبر 2022، حيث قاموا بإطلاق قنابل صوتية وعبوات غاز مسيلة للدموع على السكان.

“المستوطنون يهاجمون قرانا وينهبون قطعاننا ويدمرون حقولنا”

هناك أيضا المستوطنون الذي يؤدون دورا تكميليا لما يقوم به الجيش. حيث يقفون إلى جانب الجنود عند تحديد موعد لعملية طرد أو هدم. يقومون بنهب قطعان ماشيتهم، ويدمرون محاصيلنا الزراعية ويهاجمون سكان القرى خصوصا خلال فترات جمع محصول الزيتون [فريق التحرير: هاجم مستوطنون يهود سكان قرى بالسلاح الأبيض خلال عملية جني الزيتون في 19 تشرين الأول/ أكتوبر 2022، في منطقة كيسان شرق بيت لحم، وطعنوا امرأة تبلغ من العمر 70 عاما].


هاجم نحو ثلاثين مستوطنا من مستوطنة سوسية، مرفوقين بقوات جيش الاحتلال، قرية وادي جيش في منطقة مسافر يطا وقاموا بتدمير ما لا يقل عن 3 خيام وسرقوا أشجارا من العائلات.

نفس هؤلاء المستوطنين قاموا بعمليات اقتحام عشوائية لقرانا. عندما يواجهون مقاومة، يستدعون الجيش أو الجيش و”يَشُونَ” بالبيوت التي يعتبرونها “غير قانونية” وذلك بهدف هدمها أو مصادرتها. وعندما بدأت في بناء بيتي، جاء مستوطنون وقاموا بالتقاط صور للحظيرة وقالوا للجيش الإسرائيلي أن الأمر يتعلق ببناء “غير قانوني”. اضطررت إلى هدم البيت قبل إتمام بنائه.

“إما نهدم بيتنا بأنفسنا، أو سيتكفل الجيش بذلك”


تعرض المزارعون لإطلاق عبوات غاز مسيل للدموع أثناء جني محصول الزيتون في قرية توانة، في 22 تشرين الأول/ أكتوبر 2022.

إما نهدم بيتنا بأنفسنا، أو سيتكفل الجيش بذلك. نرى بشكل مستمر أطفال المستوطنين يرافقون آباءهم، وذلك لأن هؤلاء الأطفال – وعكس الأطفال اليهود في المدن- لا يذهبون بشكل عام إلى المدرسة ويشاركون في الأعمال الإجرامية لعائلاتهم. يتم زرع روح الكراهية تجاه الفلسطينيين داخلهم. يأتون للاحتفال بعمليات الهدم أو طرد القرويين العرب من أراضيهم، وذلك لأن أهاليهم يعلمونهم أن أراضينا هي في الحقيقة أراضيهم، وأن كل ما يقومون به هو “الدفاع” عن إرثهم. وبهذه الطريقة تصادر الدولة العبرية أراضينا ومن ثم تحولها إلى مستوطنات جديدة.

إلى غاية اليوم، لم يعط الجيش الإسرائيلي أية توضيحات بشأن اختيار هذه المنطقة للقيام بتدريبات عسكرية، أو بشأن غياب البدائل في مناطق غير مأهولة بالسكان في الضفة الغربية. وكشف تحقيق لوسيلة الإعلام الإسرائيلية +972 أن “مناطق إطلاق النار” تم إنشاؤها – بعد حرب 1967- بهدف نقل ملكية هذه الأراضي للجيش ومن ثم في مرحلة ثانية لصالح المستوطنين.


“قنابل [صوتية] ضربت البيت بشكل قوي لدرجة أنها زعزعت الجدران، زعزعت كامل القرية في الواقع” يقول هذا الصبي من قرية خشم الدرج في منطقة مسافر يطا.

يشير كريم جبران، عضو المنظمة الإسرائيلية- الفلسطينية غير الحكومية “بتسليم”، إلى أن استراتيجية الترويع هذه تعتبر بمثابة جريمة حرب حيث يقول:

هذه المواجهات هي نتيجة مباشرة لقرارات الطرد الفوري التي يتخذها الجيش الإسرائيلي. ولكن، هذه القرارات، التي تم اتخاذها بهذه الطريقة بهدف تحاشي أخبار عن موجات تهجير وبالتالي إجبار السلطات على توضيح سبب ترحيل مئات من العائلات الفلسطينية، يتم تنظيمها على دفعات صغيرة: وهو ما يعني أن الأمر يتعلق بافتكاك هذه الأراضي مرة واحدة ولكن على مدى أسابيع، وهو ما يجنب إسرائيل تنديد المجتمع الدولي.


منزل بصدد البناء تم هدمه في قرية بني نعيم في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2022. وقد حاول السكان مقاومة الهدم لكنهم تعرضوا للاعتقال من قبل الجيش، حسب وكالة الأنباء الفلسطينية وفا.

في هذا السياق، يذهب عناصر الجيش إضافة إلى مدنيين بشكل شبه يومي إلى القرى التي ينوون محوها من الوجود ويضغطون على السكان بهدف دفعهم على المغادرة بأنفسهم وترك قراهم. نعتبر ذلك بمثابة الترويع وهذا الاستفزاز يعتبر كجريمة حرب تمارس بشكل يومي.

وكانت منظمة “بتسليم” قد رفعت الموضوع إلى المحكمة العليا في إسرائيل إضافة إلى المحكمة الجنائية الدولية منذ بداية شهر تشرين الأول/أكتوبر 2022 وذلك لأننا نعتبر ذلك بمثابة جريمة حرب. ندعو في المنظمة إلى وقف عمليات الترويع العنيفة ونذكر أنه – في سنة 2018- نجحنا بفضل محكمة الجزاء الدولية في وقف موجة ترحيل واسعة لسكان قرية خان الأحمر [شرق القدس] واضطرت الدولة العبرية لأخذ خطوة إلى الوراء في ظل الضغط الدولي.

واليوم، يجد سكان هذه القرية أنفسهم من جديد أمام خطر الترحيل. نطالب باتخاذ مواقف وخطوات حقيقية ونطلب من محكمة الجزاء الدولية عدم الاكتفاء بالتنديد بهذه الجرائم.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى